IMLebanon

التحالف الرباعي: أقليتان قويتان تقصيان ثالثة وتستعيدان أدوات عمل الوصاية!

 

درب الحريري سالكة تكليفاً وتأليفاً بحكومة ميثاقية الحد الأدنى

 

ستكون درب سعد الحريري سالكة عددياً لرئاسة الحكومة.

 

عُدنا الى العدد، ذلك الذي قيل ومُنِّن أنه توقف أو أوقف، ضنا بالمصلحة الوطنية الجامعة!

 

1-لا شيء يوحي بأن التسمية، وتاليا التكليف، سيصطدم بمانع الخميس المقبل، ذلك اليوم المشهود في تاريخ العلاقات البينية بين طائفتين، بين 3 مذاهب والمتفرعات.

 

الرجل الذي ملأ الفضاء تعفّفا عن المنصب الحكومي، وتغرّبا عن السرايا- الحلم، مكرارا بمناسبة وبلا مناسبة لازمة أنه لن يقبل بأن يكون رئيسا للحكومة في ما بقي من عهد الرئيس ميشال عون، إستعاد فجأة كل الشبق الحكومي. أعلن ترشيحا ذاتيا، ضاربا كل آليات الدستور الملزمة منها وغير الملزمة. قال بقبوله المسبق بواقع التكليف بميثاقية الحد الأدنى، والتي هي في النهاية عبارة عن مجموعة نواب مسيحيين، معظمهم متفرقٌ شكلا ومضمونا، إستولدوا في كنف غالبيات غير مسيحية، ولم يكن لهم يوما موقف يعبّر صراحة عن الوجدان المسيحي أو يعكس الهواجس والوجع والإنتظارات.

 

2-لا شيء يوحي، كذلك، بأن التأليف سيتعقد. فالتحالف الرباعي الجديد الذي غطى المغامرة الحريرية بميثاقيتها الدنيا، منحها الزخم اللازم لتخطي الاعتراض المسيحي شبه الجامع، والذريعة واحدة: نُقدِم، معكوساً،على ما أقْدم عليه ميشال عون بسابقة حسان دياب. فلِمَ الإعتراض، فيما النتيجة واحدة: ميثاقية الحد الأدنى.

 

لن ينسى المسيحيون عقود فرنسا الثلاثة الأخيرة

 

لكن هل عون وحده هو من أقدم على سابقة دياب؟ بالطبع لا. فصانع الثوب واحد في الحالين. هو هو يقبع جليسا في كرسيه الوثير، يحتفل بتلك القدرة الفريدة على الإبتكار والإبتداع، على لصْق المتناقضات، على تنظيم الخلافات، على التنقّل بهلوانيا من ضفة الى أخرى، على ما لا يُجمع في الدنيا ولا في الآخرة.

 

الذريعة، أي شعار ميثاقية الحد الأدنى، تثير الحفيظة والإستغراب المريب. ألم ينتبه سعد الحريري أن صانع ميثاقة الحد الأدنى هو هو في الحالين، يوم أقصاه قبل عام، وحين أعاده بعد عام؟

 

ألم ينتبه الحريري أن ما عابه على عون طوال عام كامل، ها هو يتبناه بالطريقة نفسها التي انتقدها حد النهش، إنما مع فارق جوهري. هو يكرّس، بدراية أو من دونها، المثالثة المحرّمة. فلنتأمل في الحكومة العتيدة: نصف مسلم بشرعية كاملة، عُشرٌ (أو أقل) مسيحي بصلاحية وجودية منقوصة، فيما الباقون منهم سيُمنَحون الـemblème، تلك الشارة التي ستعلّق على الجباه بـ «أننا مسيحيون مثلنا مثل جماعة التيار والقوات، لا ينقصنا الميرون ولم نفوّت، ساعةً، قداس يوم الرب».

 

لكن هل هذا كافٍ لتكتمل دورة ميثاقية الحد الأدنى، فيتحقق الغطاء الميثاقي؟

 

هل هذا كاف لكي تُطمس حقيقة أن ثمة تحالفا رباعيا، عرابه معروف، وظيفة وحلاً ونسبا، حاك خيوطه، نتفاً نتفاً، بمنطق إلتقاء أقليتين يجهد القيمون لمنع إصطدامهما وتفجرهما ذاتيا وديموغرافيا، وإقصاء الأقلية الثالثة الموصومة بالرقة (!) وبعدم القدرة على إفتعال صدام فتنوي شبيه بمشروع صدام الأقليتين الأخريتين؟

 

بالطبع لا.

 

أ-يكفي أن يتصفّح الحريري، والصحيح فريقه، نقاشات التواصل الإجتماعي، أن يدير أذنا الى ما يصيح به الناس عاليا، العَلِية منهم والبسطاء. بفعل التحالف الطائفي إياه، لم تعد الفديرالية ولا حتى التقسيم من المحرمات. تُطرح جهارا، نهارا، المشاريع والتقسيمات، حتى أناشيد الكونتونات وراياتها.

 

ب-يكفي أن يدرك الحريري وفريقه ومنظرو ميثاقية الحد الأدنى، أنهم يسرّعون في تحقيق تلاقي المسيحيين، إنما هذه المرة على مشروع سياسي – إستراتيجي يطال النظام كله. ومع هذه الكلية في النقاش والإلتقاء والإتفاق، يصبح الطائف، درة تاج الحريرية وجوهر وجودها وعلة إستمرارها، تفصيلا بسيطا!

 

ج-يكفي أن يدرك الحائك الذي فصّل ثوب التحالف الرباعي الجديد، أن ما وُصم به مرارا من نعوت كئيبة ووضيعة وإفسادية، صار عند المسيحيين شعارا تراكميا جامعا، يتفقون عليه كما لم يتفقوا يوما.

 

أما فرنسا، الأم الحنون، فتلك قصة أخرى تروى حتماً من زاوية القطْع لا الجمْع، الفرز لا الضم. لن ينسى المسيحيون بالتأكيد عقودها اللبنانية الثلاثة الأخيرة.

 

الخميس يدخل الحريري القصر الجمهوري ليتبلغ تسميته بغالبية ميثاقية الحد الأدنى. لا يهمّ. المهم العودة المظفّرة الى السرايا، حتى لو سُمّيت حكومته (وستُسمّى) حكومة الوصاية الغابرة في ظلال الرئيس العائد!