IMLebanon

المساعي الحكومية تعقيد على تعقيد

 

 

يودّ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لو ان كل الخطوات الكبيرة والقرارات الحساسة تتخذ في عهد حكومة الحريري الجديدة، يستنجد بـ”حزب الله” لإنقاذه عبر تأمين تشكيل حكومة جديدة. يرفض رفع الدعم في عهد حكومته ما لم تتوفر البطاقة التموينية وهذه تمويلها غير متوافر، في المقابل يريد الحريري لكل هذه الالغام ان تُفجر في وجه حكومة دياب على ان تُفجر في وجه حكومته ان شكّلها. مسألة بالغة التعقيد تخفي سبباً جوهرياً لتهرب الرئيس المكلف سعد الحريري من امتحان رئاسة حكومة في ظل الازمة الراهنة من دون دعم خارجي. محلياً لا افق للصيغ الحكومية المتداولة، وخارجياً فشلت المبادرة الفرنسية، والجانب الاميركي لا يولي اهتمامه للبنان، فيما مواقف المملكة العربية السعودية لا تزال سلبية تجاه لبنان ورئيس حكومته المكلف. فمن أين يأتي الحل حكومياً؟

 

بعيداً من عدد الوزراء وتوزيع الحقائب تكمن القطبة الحكومية المعقدة في اجتماع الثنائي رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل والحريري. انضم البطريرك الراعي الى الساعين لجمعهما وفشل حتى الساعة، لأن الحريري ليس بوارد عقد مثل هذا اللقاء مبرراً ذلك بالقول انا لم التقِ الا عون وبري فلمَ ألتقيه؟ بينما يقول باسيل كيف لي ان امنح ثقة لرئيس حكومة يرفض الاجتماع معي. حتى رئيس مجلس النواب نبيه بري حاول جمعهما من اجل تسريع ولادة الحكومة ولم تنجح جهوده، كما فشل “حزب الله” بمونته على باسيل في تحقيق نتيجة مرجوة. حتى الفرنسيون فشلوا في ذلك.

 

في العشاء الذي جمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي برئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في بكركي مساء الخميس، طلب البطريرك القيام بخطوة لتسهيل تشكيل الحكومة لرفعها الى رئيس الحكومة المكلف. سأله باسيل ما المطلوب، اجابه الراعي اعطنا تصورك بخصوص الحكومة. باسيل: اعطِ الصيغة التي تراها مناسبة ونحن نمشي بما ترتئيه. الراعي: لا، اريدكم ان تساعدوني. وبعد البحث تم الاتفاق على مسعى محدد يقوم به البطريرك باتجاه الحريري لمعرفة موقفه، ومدى تجاوبه مع صيغة حكومية يوافق عليها الرئيس ميشال عون ‏وجوهرها تشكيل حكومة.

 

يقوم المسعى الذي اتفق عليه على أن لا ثلث ‫+1 لأي طرف فيها ولا نصف +1 لأي فريق سياسي على ألّا يسمي رئيس الحكومة الوزراء المسيحيين، وأن تكون وزارة الداخلية من حصة رئيس الجمهورية وأن تُحترم في عملية توزيع الحقائب التوازنات الميثاقية والسياسية، وان يتشارك عون والحريري في تسمية وزيرين مسيحيين.

 

ولا يزال البطريرك الذي بذل جهداً لحلحلة الملف الحكومي ينتظر جواب الرئيس الحريري على مسعاه الذي بدأ خلال العشاء مع الوزير باسيل، وتبلور خلال زيارة البطريرك ‏الراعي لرئيس الجمهورية وأيضاً التواصل الذي أجرته بكركي مع رئيس الحكومة المكلف، من خلال الزيارة التي قام بها الى بكركي الوزير السابق غطاس خوري. والمنتظر حتى الساعة معرفة موقف الرئيس الحريري من مسعى البطريرك الراعي للبناء عليه. لم يتم الدخول بالاسماء انما طبقت القاعدة التي اقتنع بها البطريرك حول كيفية توزيع الحقائب السيادية، ومن يسمي من كل طائفة وزراء لحكومة اختصاصيين تختارهم القوى السياسية، بعدما تأكد ان اي طرف غير مستعد للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، خصوصاً وان الحريري حصر تسمية الوزراء السنة به منفرداً واعطى الثنائي الشيعي والدروز خيار تسمية وزرائهم.

 

واذا كان الجميع بانتظار رد الرئيس المكلف على تلك الصيغة المتداولة فان ما تؤكده المصادر المطلعة ان الحريري وخلافاً لبعض التوقعات، قد لا يزور بكركي، وانه سبق وأوفد خوري للاستماع الى ما لدى الراعي من دون ان يحمل جواباً او يعلّق على المتداوَل حول التشكيلة الحكومية. وأكثر من ذلك تسأل المصادر: ومن قال ان الحريري اعطى موافقته النهائية على حكومة من 24 وزيراً؟ وفي حكومة كهذه هل سيوافق على ان يتولى عون كامل الحصة المسيحية؟ ومن اين سيأتون بوزراء مسيحيين طالما ان لا “التيار الوطني” ولا “القوات” ولا “الكتائب” في صدد المشاركة في الحكومة، وماذا يعني ان يتشارك الرئيسان في تسمية وزيرين ومن يختار الاسماء؟ وهل أعطى الحريري موافقته النهائية على احتساب وزارة الداخلية من حصة عون؟ الامر ليس محسوماً بعد. غير ان مصادر “التيار الوطني الحر” عاكست اجواء التشاؤم واعتبرت ان التفاهم الذي تمّ مع الراعي يبنى عليه والكل بانتظار رد الرئيس المكلف. كان واضحاً ان بعبدا كما “التيار” يجيّران المساعي إلى بكركي او انهما فوّضا بكركي التفاوض مع الحريري وصياغة المبادرة الحكومية بالشكل الذي تراه بكركي مناسباً.

 

الى ان تخيب التوقعات فان لا حكومة، والصراع لا يزال في أوجّه، الحريري مدعوماً ببري، لم يسلّم اوراقه بعد وفي مواجهته عون و”التيار الوطني”، فيما جمّد “حزب الله” مساعيه وهو وإن كان يريد تشكيل حكومة لكن ليس قبل نضوج الوضع الاقليمي على ما يبدو.