IMLebanon

الحريري في موسكو والرهان على النتائج

تُفيد الأجواء التي أحاطت بزيارة الرئيس سعد الحريري الى موسكو بأنّ اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين الروس الكبار تحمل بضعة مؤشرات إيجابية من شأنها إعادة العلاقات الى سابق عهدها بعد الفتور الذي أصابها لسنوات عدة.

بعد غياب استمرّ نحو خمسة أعوام، استهل الرئيس الحريري زيارته إلى موسكو التي استمرت ليومين، بلقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حضور النائبين السابقين غطاس خوري وباسم السبع ومستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان ونادر الحريري، فيما حضر عن الجانب الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وعدد من أركان الخارجية الروسية. وانتقل الحريري في اليوم الثاني الى مدينة سوتشي جنوب روسيا حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين.

وعلى رغم حرص الطرفين على عدم تسريب معلومات محددة عن نتائج الزيارة والاكتفاء بالعناوين العريضة التي لا تخرج عن إطار الاعراف الديبلوماسية، إلّا أنّ زيارة زعيم تيار «المستقبل» تكتسب أهمية لافتة في اعتبار أنها تأتي ضمن سياق حراك سياسي على المستوى الدولي.

كما وأنّ كسر موسكو الأعراف الديبلوماسية مع الحريري، يدلّ على أنّ مباحثات الرجل لم تكن محصورة بالأبعاد الداخلية فحسب، إذ إنّ اللقاءات المطوّلة مع بوتين ولافروف تؤكد أنّ أبعاد الزيارة تطاول الكثير من ملفات المنطقة.

وبما أنّ موسكو أحد مفاتيح الحلّ على مسرح السياسة الدولية، تفيد المعلومات المتوافرة بأنّ الحريري حمل في جعبته مقترحات عدة لإعادة ترتيب العلاقة بين موسكو وبعض العواصم العربية من خلال توحيد الرؤية تجاه أزمات الشرق الاوسط.

وتقول أوساط متابعة للزيارة إنّ الحريري قد تمكن من التوصل الى تفاهمات محدَّدة مع القيادة الروسية في شأن الملفات الساخنة في المنطقة، الامر الذي سيفتح الأبواب امام عودة المياه الى مجاريها بين روسيا وبعض الدول العربية خصوصاً المملكة العربية السعودية، إذ تفيد معلومات خاصة لـ»الجمهورية» أنّ الإستعدادات قد بدأت لتنظيم زيارة لوزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الى موسكو للقاء المسؤولين الكبار، وذلك بعدما استقبل الوزير السعودي في الرياض مرتين متتاليتين السفير الروسي لدى المملكة، ما يؤشر بوضوح الى أنّ المملكة في صدد وضع حدٍّ للعلاقات المتأزمة مع روسيا، بعدما كانت روسيا قد قدّمت إليها سلفة مهمة تمثلت بعدم استخدام الفيتو في مجلس الامن الدولي بشأن اليمن في اعتبار أنّ استخدامه سيكون موجَّهاً ضدّ الرياض مباشرة.

بالطبع الليونة التي تبديها الديبلوماسية الروسية ليست ناتجة عن تراجع في المواقف بل عن التوتر الحاصل في العلاقات بين واشنطن والرياض، ما يسمح لموسكو بالدخول الى ملعب الخليج من أبواب مختلفة، ما يعني أنّ هناك رهانات كثيرة على حصيلة لقاءات الحريري مع القيادة الروسية.

وتلفت أوساط ديبلوماسية روسية إلى أنّ الحريري تطرّق مع لافروف وبوتين الى كثير من ملفات المنطقة، وتمّ التوافق على متابعتها، خصوصاً ما يتعلق بانتخابات الرئاسة اللبنانية.

وشدَّد الطرفان على أهمية توحيد الجهود في محاربة الارهاب وتفعيل الدور الروسي في مساعدة لبنان على مواجهة المجموعات المسلحة المتطرفة التي تحاول العبث بأمنه، وطرق وأساليب وقف إمدادها للحدّ من انتشارها على الاراضي اللبنانية. وتشير الاوساط الى أنه تمّ البحث مطوَّلاً في الجهود الرامية الى تسوية الازمة السورية ومحاولة تجنيب لبنان تداعياتها الأمنية والسياسية.