IMLebanon

15 عاماً قبل الحكم امتصت ردّ الفعل

 

بدت شوارع بيروت هادئة صباح 18 آب، يوم النطق بقرار المحكمة الدولية الذي طالما انتظره اللبنانيون. فبعد خمسة عشر عاماً على جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والتي هزت العاصمة وكل لبنان، لم يعد ردّ الفعل هو هو الذي كان سيحدث لو صدر الحكم بعد سنين قليلة من ارتكاب الجريمة. مصائب كثيرة وتغيرات سياسية كبيرة توالت وغيّرت المشهد السياسي بشكل كبير، وأضافت على مطلب العدالة والحقيقة مطالب معيشية وأمنية. وآخر المصائب كارثة انفجار مرفأ بيروت والتي فرضت على اللبنانيين المطالبة بحقيقة جديدة وعدالة جديدة تبدو بعيدة.

 

وإن كان من الطبيعي أن يتراجع الغضب مع تقدم الزمن غير أن عوامل عدة غيرت أولويات اللبنانيين. كما كبر الشبان الذين طالبوا بالحقيقة، منهم من هاجر للعمل خارج لبنان ومنهم من تزوج واستقر في عمله وابتعد عن الساحة. “بردت الهمة”، “ذهب جيل كان يحمل قضية وأتى جيل آخر لا يعرف عن رفيق الحريري من خلال أحداث عايشها وإنما من خلال ما يسمعه عنه”، يقول لـ”نداء الوطن” احد مؤيدي المحكمة، والذي كان شاباً يوم اغتيال الحريري، في الخامسة والعشرين من عمره: “كنت أتوقع تحقيقاً شفافاً لكن دولاً كبيرة تدخلت لتجيير القرار لصالحها”. ويرى أن أخطاءً سياسية ارتكبت خلال هذه الفترة.

 

وفي حديث إلى “نداء الوطن” تؤكد الصحافية ديانا مقلد أنّ لتقدّم الزّمن أثر في ردّ الفعل على القرار، “فالزمن يغيّر الشعور والتفاعل”. لكن الزّمن في لبنان لم يكن مملوءاً بالانتظار، بل وقعت خلاله وبشكل متسارع جداً أحداث وجرائم كثيرة حدّت من تداعيات صدور الحكم، وتلفت إليها مقلد. “فنحن بلد قائم على الجريمة والإفلات من العقاب منذ الحرب الأهلية، محكومون من مجرمين ونحن طوال الوقت ناجون. فقد شهد لبنان منذ العام 2005 محطات قاسية جدّاً تجاوزت بفظاعتها جريمة اغتيال الحريري، لذا أتى مفعول القرار هزيلاً بعد أسبوعين على وقوع جريمة المرفأ. وجريمة الـ 2005 أسست للوضع الذي نحن فيه”، تقول مقلد. ولا ترى الصحافية أننا بحاجة اليوم لردّ فعل على قرار المحكمة عبر الشارع خشية مذهبته، معتبرة أن الجريمة ستستمر في حال لم يتغير شيء على مستوى النّظام.

 

بدوره يرى القيادي في تيار المستقبل أحمد رشواني، في اتصال مع “نداء الوطن” أن لا حاجة لردّ فعل في الشارع، “المهم أن تطبق العدالة وأن يثبت لكل من يستخدم الاغتيالات أنها لن تمر بعد اليوم”. ولا ينكر رشواني التغير الذي طرأ على تيار المستقبل، “الأمر سيستمر بالحدوث، فالمستقبل ليس حزباً عقائدياً”.

 

وشهدت وسائل التواصل الإجتماعي العديد من ردود الفعل الساخرة من حكم المحكمة الدولية، بعد أن تفاجأ الكثير من اللبنانيين بحكمها الذي لم يتهم “حزب الله” والنظام السوري بارتكاب الجريمة، وإنما اكتفى بإدانة عناصر من الحزب، وهو ما لم يتوقعوه. في هذا الإطار يؤكد رشواني أنّ ما حصل انتصار، “لأول مرة بتاريخ لبنان تكشف محكمة دولية عملية اغتيال سياسي”. ويبرر القيادي في “المستقبل” سبب عدم إدانة الحزب وسوريا، بأن روسيا كانت قد وضعت شرطاً بعدم اتهام جهات سياسية وإلا استخدمت حق الفيتو ضد المحكمة، معتبراً أن الحكم أثبت خطأ من كانوا يعارضون إنشاء المحكمة.

 

من جهتها تعتبر مقلّد أنه وعلى الرغم من الخيبة من الحكم، “لا يمكن نكران دور المحكمة التي قدمت شيئاً منطقياً، في السياسة يمكن الاتهام، ما زلت على قناعتي، إذ أثبتت المحكمة تورّط عناصر من حزب الله بالجريمة، ولا يمكنهم ارتكاب جريمة بدون رضاه. كذلك لم يكن عبثاً اغتيال شخصيات لبنانية وسورية لارتباطها بالجريمة، ونتيجة الأمر الوصول الى حائط مسدود بعد القضاء على المعنيين”.