IMLebanon

ما بين طرفة عين واختلاجتها، يُغيّر الله من حال إلى حال

 

إلى أين؟ كأنما هذا البلد لا علاقه له بمواطنيه وبأهله وسكانه!

 

كأن اللبنانيين كافة أجساد تنقصها الحياة ولا تتأثر بالجوع والمعاناة بكافة حقائقها ونتائجها ومصائبها، كأن مال الوطن والناس والمؤسسات، والذي طار وتبخر من فرط السرقة والنهب والاحتيال الذي طاوله من ساسته وزعمائه ومسؤوليه بغالبيتهم الساحقة، وبحمايات ورعايات معروفة ومتجذرة ومتمرّسة في الإمساك بمقاليد البلاد والعباد على النحو الذي نشهده في هذه الأيام، وقد اتخذ أشكاله وممارساته العتيدة متجلية في عزّ سلطتها وتسلطها وجنوحها إلى إصدار الأوامر المباشرة بحق الجميع، وممسكة باليد الحاكمة والمتحكمة، مع تجاهل غريب عموم اللبنانيين كائنا ما كانت أهميتهم ومواقعهم وانتماؤهم الدستوري وتاريخهم الميثاقي وإنجازاتهم الوطنية والاجتماعية، باستثناء حليف لهم بجزئيته الطائفية، وبالتصاقه بكل أوضاع الحكم والتحكم القائم، بحرصه على هدف أساسي لا يحيد عنه كائنا ما كانت الأسباب والوجهات المحلية والإقليمية والدولية، متمثلا على وجه التحديد، بضمان رئاسة البلاد لعزيزه الأوحد، كائنا ما كانت أوضاعه المكشوفة والمعروفة وطموحاته الموروثة والمحفوفة بإصرار العهد على أن تكون له امتدادات غير محدودة في مقبل الأيام والظروف. وقد كانت المستجدات الهامة التي طرأت على أوضاع البلاد، خاصة منها ما تعلق بوضعية الرئاسة ومتفرعاتها وطموحاتها، مفاجأة تمت جملة من المحاولات والمناورات لتلافيها ولإبعادها عن ساحة الوجود السياسي والوطني والميثاقي، فكانت جملة من التطورات التي تمحورت انطلاقا من «الطحشة» الفرنسية باتجاه لبنان ومواطنيه، والتي تبلورت بزيارتين مشهودتين للرئيس الفرنسي، حفلتا باستقطاب لبناني شعبي هام، خاصة كونهما قد تمتا عقب الكارثة الوطنية التي حلت بلبنان وأدت إلى تلك المأساة التي طاولته أرضا وشعبا ومؤسسات، وألقت به أرضا بلا معين ولا منقذ، وهو ما زال حتى الآن يعاني من المأساة ونتائجها أمرّ الأمرّين، ويغرق، كما حدد رئيس البلاد في السقوط والانهيار إلى جهنم بكل أهدافها ونتائجها. المفاجأة الأهم كانت في ذلك التبني والتبارز المتبادل ما بين المبادرة الإنقاذية الفرنسية التي أطلق عليها وعلى تفاصيلها وعلى استهدافاتها المدروسة، تسمية «المهمة» وبين استقطابها لرئيس له جذوره التاريخية المتمثلة بمرحلة من الزمن، شاء القدر والظرف الإقليمي والدولي أن يتزعمها رجل الإنقاذ والتاريخ الوطني والشخصي الحافل، الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبعد محاولات عديدة لممارسة سلطة تميل إلى التهدئة والتمهل والخطى المدروسة إلى حدود التردد، انتفضت «قيادة الواقع» وأمسكت بقيادة «المهمة» وبتآزر عميم مع جهات وطنية من صلب التركيبة اللبنانية الأصلية، وفي طليعتها رجل أثبتت الايام والعلاقات الوطنية والتصرفات الصائبة في الظروف الصعبة، أهميته في الإمساك بموازين القوى اللبنانية وتبنيها «للمهمة» التي أطلقتها الجهود الفرنسية ومعارضتها لأعمدة وركائز وتحركات العهد المستندة إلى اختلاق الظروف التي تكفل بالنتيجة وصول «الصهر العزيز» إلى موقع الرئاسة المقبلة، كائنا ما كانت المواقف المعارضة، خاصة على الصعيدين المسيحي (موقف البطريركية المارونية وبقية المواقع الدينية القيادية المسيحية، إضافة إلى موقف القوات اللبنانية وعدد آخر من المواقع المسيحية الاساسية) إضافة إلى موقف سني مستجد، متمثل باقتحام الرئيس سعد الحريري لموقع القيادة الوطنية عموما والسنية خصوصا، وكان موقف حزب الله المغاير لموقف حركة أمل بهذا الخصوص، مدعاة للملاحظة والانتباه خاصة بعد المواقف الأخيرة للحزب والمتمثلة بأوامر السيد حسن نصر الله لجميع الجهات اللبنانية محددا خارطة طريق تعيد للزعامات اللبنانية المشكو من تصرفاتها وفسادها، مجالا ومكانا في الموقع القيادي، بما يكفل استمرار الوضعيات الشاذة والمؤذية السابقة ويعيدها إلى حال التألق والاندفاع ومنع توفير أية جهود فردية إلى وضعية انقاذ وخلاص الوطن من حالة الارتهان والتراجع والهبوط إلى جهنم وبئيس المصير.

 

واقع الأمر أننا بتنا في أقصى حالات الهبوط والتعثر والانحطاط والزوال، شاء من شاء وأبى من أبى.

 

أما وقد وصلنا في حالة التلاكم والتصادم إلى الحال التي تم الإعلان عنها بجملة من البلاغات والتصريحات الصادرة عن أعلى مواقع الحكم في البلاد وقد عكست حالا من الصدامية والعناد ومخالفة المبادئ الدستورية والميثاقية وكرست وضعية تراجعية وزوالية للبلاد سيكون من الصعب بمكان الخروج منها بستر وسلامة في موعد قريب.

 

أما والحال ما ذكر «مضافا إليه، استعدادات دولية وربما إقليمية، لمجابهة الأحوال السيئة الراهنة بما يمنع عن البلاد حالة الانهيار الكامل وإمكانية الدخول في حروب أهلية نوه السيد حسن إلى إمكانية حصولها في أكثر من جملة وأكثر من موقع» في خطابه الأخير!. سيكون لبنان في حال من التأهب والمعاناة والدمار والخراب إن لم تتبدل الظروف والأحوال، بسرعة البرق، فتخفّ الأصوات والاستعدادات الداعية إلى الاحتراب الداخلي، وتقلب النوايا الحسنة والظروف الدولية والإقليمية والأوضاع، من أشد أحوال السوء والتراجع والانحلال الوطني الشامل، إلى ما ينطبق عليه القول المأثور: ما بين طرفة عين واختلاجتها، يبدل الله من حال إلى حال.