IMLebanon

وزير العدل آثر «الصمت الــبنّاء» وحسم التعيينات

 

 

تشهد وزارة العدل ورشة عمل إصلاحية على كافة الأصعدة، من حيث انكباب وزير العدل الجديد القاضي هنري الخوري على درس الملفات الإدارية العالقة في الوزارة، والإطلاع على حاجاتها اللوجستية لتسيير الأعمال الروتينية الادارية التي تفاقمت بفعل الأزمات المتتالية… من انفجار المرفأ الى جائحة «كورونا» وصولاً الى انهيار العملة الوطنية…الّا أنّ الاولوية تبقى للملف الأبرز، اي المراكز القضائية الشاغرة، التي كثر الكلام عنها وحان وقت ملئها.

 

يتكتّم وزير العدل على برنامج عمله وخطته الإصلاحية، ليس لأنّه يجهل فك طلاسيمها السياسية والتوافقية، بل بسبب إيمانه بتعاليم مدرسته القضائية التي تقتضي حجب الظهور والتصريح الإعلامي، والتي يبدو انّه مقتنع ومؤمن بفعاليتها. ولذلك هو يتجّه اليوم، بحسب معلومات «الجمهورية»، الى تعميم بيان يطلب فيه من القضاة تجنّب الظهور الإعلامي والإدلاء بالتصريحات الانفعالية والحية.

 

في الموازاة، ينتظر مجلس الوزراء من وزير العدل، بادئ ذي بدء، ملء الشغور في المراكز القضائية الشاغرة وهي كثيرة، وأبرزها في مجلس القضاء الاعلى. ويبدو انّه منكبّ على إعداد مسودتها وفق الأصول المرعية الإجراء، آخذاً في الاعتبار التوازن الطائفي لتلك التعيينات، والتي بحسب معلومات «الجمهورية»، ستُقر بمرسوم عادي في الايام المقبلة يوقعه رئيسا الجمهورية والحكومة ووزيرا العدل والمال لتوقيعه.

 

اما بالنسبة الى التعيينات وأسماء القضاة المُتفق عليها، والتي يتمّ نشر بعضها في وسائل اعلامية، فهي بمجملها أسماء ذات كفاية. فمن الممكن أن يُصار فعلاً الى تعيينها. في المقابل استغربت مصادر وزارة العدل ما هو متداول في بعض الوسائل الإعلامية، التي تحدثت عن اتفاق على تعيين 6 قضاة لملء الشغور في المجلس الأعلى للقضاء. وأوضحت هذه المصادر، انّ وزير العدل يحق له في الواقع القضائي الحالي، تعيين 4 قضاة فقط لملء الشغور في مجلس القضاء وليس 6.

 

وفي اشارة الى القاضيين في محاكم التمييز جانيت حنا وماجد مزيحم، اللذين يتمّ الحديث عن تعيينهما في مجلس القضاء الاعلى، تنفي مصادر وزارة العدل الامر، موضحة أنّهما قاضيان منتدبان، وبالتالي لا يمكن لوزير العدل تعيين قضاة منتدبين في مجلس القضاء، بل قضاة مثبّتين، علماً أنّ هيئة مجلس القضاء الاعلى ينبغي ان يُضمّ اليها قاضيان من رؤساء محاكم التمييز، احدهما ينتخبه قضاة التمييز والآخر يعيّنه وزير العدل، بالاتفاق طوعاً وليس إلزاماً، مع رئيس مجلس القضاء الاعلى. وبالتالي، لا يمكن في الواقع الحالي لحنا ومزيحم ان يتمّ تعيينهما عضوين في مجلس القضاء قبل صدور مرسوم التشكيلات القضائية مكتملة، والتي من خلالها يتمّ تثبيتهما في موقعهما مع غيرهما من القضاة المنتدبين. ويمكن لهذين القاضيين بعدها ان يكونا عضوين في مجلس القضاء، الأول وفق الانتخاب من قضاة التمييز، والثاني من خلال التعيين، فإذا تمّ انتخاب مزيحم يُعيّن الوزير حنا والعكس صحيح.

 

أما بالنسبة الى القضاة الثلاثة، حبيب مزهر وداني شبلي (عن محاكم الاستئناف) والقاضي الياس ريشا رئيس الغرفة الابتدائية، الذين يتمّ الترويج لأسمائهم في التعيينات المقترحة، فمن المرجح تعيين هؤلاء بعدما حسم وزير العدل قراره بحسب المعلومات مستندا اولا وآخرا الى مبدأ الكفاية.

 

أبعدت نفسها ولم تُستبعد

 

يبقى المقعد الثالث الذي من المفترض أن يؤول الى رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية جويل فواز، وهي رئيسة وحدة من وحدات وزارة العدل، التي من المفترض ان تتمثل في مجلس القضاء، فيجري الحديث عن تعيين القاضية ميراي الدحداح مكانها، بعدما آثرت فواز ووفق المعلومات الخاصة، عدم تعيينها في هذا المنصب، وطلبت هذا الامر من وزير العدل، أي زوجها، وذلك فور تعيينه وزيراً للعدل في الحكومة الجديدة، وذلك لعدم إحراجه، علماً أنّه لا يمكن أحد منع وزير العدل من إعادة تسمية القاضية جوال فواز لعضوية مجلس القضاء، ليقين المعنيين بأقدميتها وكفايتها. بمعنى آخر، لم يتمّ استبعاد القاضية فواز رغماً عن إرادتها بل هي من أبعدت نفسها بنفسها…

 

وعلمت «الجمهورية»، انّ وزير العدل ثمّن جداً موقفها، في الوقت الذي كانت وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم قد سمّتها ايضاً في مشروع مرسوم التعيينات، الذي رفض رئيس الحكومة السابق حسان دياب توقيعه، بحجة عدم قانونية التوقيع في مرحلة تصريف الاعمال.

 

وتجدر الاشارة، الى انّه في حال صح تعيين هؤلاء القضاة الأربعة، يكون وزير العدل بذلك قد استبعد كافة اسماء القضاة التي طرحتها نجم في مرسومها السابق وهم: جويل فواز، رلى الحسيني، دانيا الدحداح وسامر يونس.

 

وفي السياق، تؤكّد مصادر قريبة من وزارة العدل، انّ الاسماء الاربعة المطروحة التي سيتم تعيينها هي ايضاً اسماء متوازنة ولا تشكّل استفزازاً لأي طرف من الأطراف السياسية او القضائية، وهي ليست قريبة سياسياً من اي تيار سياسي وفق ما يُشاع عن تأمينها الثلث الضامن لأحد التيارات السياسية.

 

وتنفي مصادر وزارة العدل المعلومات المتداولة عن اتفاق تمّ على تعيينات جديدة، وأبرزها تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الاعلى، او تعيين مدّعي عام جديد للتمييز أو تعيين رئيس جديد للتفتيش القضائي، مؤكّدة أنّ هذا الامر لم يُطرح وغير مطروح متسائلة عن الهدف من ترويج هذه المعلومات غير الدقيقة، والتي من شأنها زعزعة الجسم القضائي.

 

الصمت أبلغ

 

ويبقى «الصمت البنّاء» الذي يتقنه كما يبدو وزير العدل المنكّب حالياً على سد النقص في كافة المواقع الشاغرة، والذي تبدو «همومه في مكان وهموم الإعلام في مكان آخر»، وفق تعبيره. فيما يكشف شخصياً لـ»الجمهورية « انّه يولي مشروع قانون استقلالية القضاء أهمية كبرى اذ ينوي مقاربته من خلال مشاركته الشخصية مع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود في اللجان المولجة متابعة هذا الملف. وعند استفسار «الجمهورية» عن مدى اهمية مشاركته في اجتماعات اللجان مع عبود، يجيب وزير العدل بحزم واقتضاب: «أهل البيت أوْلى بهذه المعركة».