IMLebanon

هنا الثورة.. أين الثوار؟

إن حكاية «الثورة» على لسان معديها، إن في اسطنبول، أو الدوحة، أو الرياض، تتلخص في سردية مملة.

تحرك عفوي في درعا ضد السلطة، جوبه بعنف مفرط، الأمر الذي استدعى تحركاً شعبياً، متضامناً، ومندداً بالقمع، ومطالباً بمحاسبة المسؤولين الأمنيين في المدينة، جوبه هو الآخر بعنف أكثر قسوة.

عندما عمت المدن والمحافظات، تحركات واسعة مطالبة بالإصلاحات السياسية، ومع اشتداد القمع السلطوي، بدأت المطالبة بإسقاط النظام، الذي تعامل معها بالحديد والنار، وبدأت عسكرة «الثورة»، ما فتح الأبواب لكل مسلحي الغرب والشرق وصولاً إلى «النصرة» و «داعش» وأخواتهما.

هذه الرواية فيها مذنب وحيد، هو الدولة السورية.

الآخرون «ثوار»، ومتضامنون مع «الثورة».

يتدفق المسلحون من كل حدب وصوب، وتتدفق المليارات والسلاح والذخائر لإسقاط الطاغية الوحيد في المنطقة.

إن الله وحده قادر لأن يقول للأمر كن فيكون، أما الدول فيلزمها سنوات من التخطيط والتحضير، مع العمل الدؤوب لخلق الظروف المؤاتية للتدخل، داخلياً وخارجياً، وهي غير قادرة على خلق الثورات «في سبعة أيام».

يقول المفكر السوري ياسين الحافظ في بعض «الثورات» العربية البريئة، إنها ثورات مشتقة «من ثور» فكيف لو أطال الله بعمره ويرى ما نراه اليوم.

ما يحدث في سوريا معجزة تاريخية، ولا قبل لها في تاريخ الثورات.

للثورة شروط، يقول ماركس: «إن الأفكار الثورية، لا يمكن أن تولد إلا إذا وجدت حركة ثورية».

ويقول لينين: «لا وجود لحركة ثورية بدون نظرية ثورية».

نحن حين نحكي عن الثورة، والثوار، قد يذهب بنا الخيال، في عصر الربيع العربي، إلى أي بلد، إلا سوريا.

ولنبسط أمامنا على الطاولة خريطة سوريا الجغرافية، ونقرأ تضاريسها العسكرية.

في الرقة وريفها تنظيم «داعش»، وكذلك في دير الزور والحسكة.

وفي ريف دمشق، «جيش الإسلام» السعودي و «أحرار الشام» وفصائل أخرى.

وفي ريف درعا «نصرة» و «جيش حر» و «أحرار الشام» ومجموعات لـ «داعش» برعاية المخابرات الأردنية.

في القنيطرة، أموال وسلاح الفصائل المسلحة من السعودية وقطر «قتيلهم في الجنة» وجريحهم في مستشفيات إسرائيل.

في شرقي حلب وجنوبها وشمالها «جيش الفتح» برعاية تركية وبتمويل خليجي.

في شمال اللاذقية، شيشان وتركمان.

وباعتبارنا بصدد الجدال حول «الثورة» و «الثوار» وعلاقة ذلك بالأفكار الثورية والنظرية الثورية، ألا تجد المعارضة السورية، وتحديداً المتمثلة بـ «الائتلاف» نفسها مقصرة في المجال التثقيفي؟

أليس من واجبها عبر مجموعة من مثقفيها البارزين الحضور في الميدان السوري، وإقامة الحوارات المقارنة بين فتاوى ابن تيمية والشيخ محمد عبد الوهاب وماركس وأنجلز ولينين والتعريف بمبادئ الثورة الفرنسية؟

ونعدهم أن لا نسأل «ثوار» الجولاني والتلي والمحيسني، عن جواز إقامة صلاة الغائب عن أرواحهم في كنائس دمشق ومساجدها.