IMLebanon

“حزب الله” والتوازن مع ماكرون “وبيّ ماكرون”

 

ماذا ينفع اللعب على الكلام وتحويره، والترتيب الانتقائي للوقائع، والمناورة، في التعاطي من قبل “حزب الله”، مع ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟

 

فالأمر واضح بالنسبة إلى من تابع تحركه نحو لبنان منذ 6 آب الماضي حين زار بيروت بعد يومين على انفجار المرفأ الذي حوّل العاصمة مدينة منكوبة، ثم في ذكرى مئوية لبنان في الأول من أيلول حين التقى القادة السياسيين كافة. ولا يفيد التذرع بأن شكل الحكومة لم يكن مكتوباً في الورقة الفرنسية التي وافق عليها الجميع. فما يعتبره رئيس دولة ديموقراطية مثل فرنسا عيباً أن يتناول صيغة الحكومة التي على اللبنانيين تشكيلها، في ورقة مكتوبة، يراه “حزب الله” نقيصة وضعفاً ويتمسك به كحجة للتشبث بوجهة نظره.

 

هو حدّث القادة السياسيين، في اجتماعه المغلق معهم عن حكومة مستقلين لا تشبه الحكومات السابقة، وعاد فكرر ذلك في مؤتمره الصحافي، وأبلغهم بأن الناس في الشارع ترفضهم وأن “حكومة المهمة” انتقالية كي تقوم بالإصلاحات التي لم تستطع الحكومات السياسية تنفيذها على رغم وعودها المتكررة.

 

وإذا كان من الطبيعي أن يرخي الزخم الذي جاء به ماكرون متعاطفاً مع لبنان في نكبته التي يحتاج إلى مساعدة الخارج لتجاوزها، بظله على سعي اللبنانيين إلى التغيير في وجوه السلطة، فلأن الوصاية السابقة على الحكم والحياة السياسية فيه، فرضت صيغاً حكومية لم تفعل سوى تعميق أزماته وعزلته. ألم يعتبر “الحزب” وحلفاؤه أن ماكرون خرق هذه العزلة وكرت السبحة وراءه؟

 

كان من الطبيعي أن يأمل اللبنانيون خيراً من رمي ماكرون بالثقل الفرنسي لإحداث توازن مع الثقل الإيراني الذي جلب لهم المتاعب والمصاعب، وفرض عليهم حلفاءه، لاستنزاف اقتصاد لبنان من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية التي نجمت عن تورط “الحزب” في حرب سوريا وسائر الحروب التي تديرها طهران في المنطقة، ومن أجل تمويل ما بات يصعب على إيران تمويله من نشاطات أذرعها، مثلما فرضت على العراقيين امتصاص خزينتهم من أجل تمويل الجيش الموازي الذي أنشأته بموازاة الجيش العراقي. وفي الحالتين استظلت طهران طبقة الفاسدين أو تحالفت معهم، لتبرئة نفسها مما اقترفت يداها.

 

على الثنائي الشيعي و”حزب الله” خصوصاً ألا يتفاجأ من قول ماكرون: “لا يمكنكم أن تزعموا أنكم قوة سياسية من خلال الإرهاب والترهيب عبر الأسلحة، وعليكم أن تلتزموا بالتعهدات التي أخذتموها حول الطاولة”… فمن فقد أعصابه في “الحزب” وقال كلاماً تهديدياً للرئيس المكلف تأليف الحكومة مصطفى أديب، من نوع “لا ماكرون ولا بيّ ماكرون يفرض تسمية وزرائنا من غيرنا”… كان عليه أن يتوقع ردوداً من رئيس دولة كبرى قام بمخاطرة على الصعيد الدولي بانفتاحه على “الحزب” على رغم تصنيفه إرهابياً من قبل عدد من دول أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية. ومهما حاول فريق حركة “أمل” التخفيف من تهديدات “الحزب” ولهجته العالية حيال ماكرون ومبادرته، في التفاوض مع الرئيس المكلف المعتذر، ومع أحد رؤساء الحكومات السابقين، فإن الضرر كان قد وقع، بحيث بقّ ماكرون نصف البحصة الأحد الماضي. فهو على رغم ذلك ترك الباب مفتوحاً بـ”ترك المسؤولين اللبنانيين يتحملون مسؤولياتهم”.

 

لكن “حزب الله” وطهران فهما كلامه سقوطاً للمبادرة الفرنسية وليس تمديداً لمهلة تنفيذها.