IMLebanon

خيارات “الحزب” الضعيف والعاجز!

 

قبل ثلاثة أعوام، وتحديداً في 26 كانون الأول 2017، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ردّاً على موقف لرئيس الجمهورية من دورة ضباط الـ1994 بالقول: “الضعيف يذهب إلى القضاء، ونحن نلجأ إلى القضاء عندما تصبح وزارة العدل غير تابعة لأيّ فريق سياسي”!

 

وتشاء المصادفات بعد ثلاث سنوات على كلام بري أن يلجأ “حزب الله” للمرّة الأولى إلى القضاء اللبناني، فيتقدّم بعدد من الشكاوى بحقّ بعض من اتّهموه بالمسؤولية عن انفجار المرفأ. هو “حزب الله” الذي امتنع عن التقدّم بأي شكوى بحقّ جميع الذين اتّهموه باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجميع شهداء “ثورة الأرز” وصولاً إلى الوزير محمد شطح، مروراً بالمسؤولية عن اغتيال الرائد وسام عيد واللواء وسام الحسن، وبالمسؤولية عن كلّ التفجيرات التي ضربت عدداً من المناطق اللبنانية في تلك المرحلة. أيضاً لم يتقدّم بدعاوى قضائية بحقّ كلّ من اتّهمه باغتيال قادة “جمول” وعدد من كبار ضباط الجيش اللبناني في البقاع في الثمانينات، ولا باغتيال النقيب سامر حنّا، ولا بمحاولة اغتيال الوزير السابق بطرس حرب وغيرها من الجرائم.

 

رُبّ قائلٍ إنّه من المفضّل أن يلجأ “حزب الله” إلى القضاء عِوض أن يلجأ إلى أساليب أخرى، ولكن يصحّ السؤال هل بات الحزب ضعيفاً إلى درجة أنه اضطرّ أن يسلك الطريق القضائية، بحدّ تعريف الرئيس نبيه بري المشار إليه أعلاه؟

 

ممّا لا شك فيه أنّ عوامل ضعف ووهن باتت ترسم ملامح حزب إيران في لبنان. أهمّ ملامح هذا الضعف هو عجزه عن القيام بأيّ ردّ على إسرائيل منذ تمّ اغتيال عماد مغنية في سوريا (2008)، مروراً باغتيال مصطفى بدر الدين (2016) وصولاً إلى اغتيال قاسم سليماني (2020). “حزب الله” الذي ادّعى أنّه أرسى “توازن الرعب” مع إسرائيل، وبأنّه يردّ عليها بحسب حجم أي ضربة أو اعتداء توجهه، فشل في أن يردّ تباعاً ولا يزال ينتظر “الزمان والمكان المناسبين”!

 

وعقب انفجار مرفأ بيروت الذي تسبّب بتدمير نصف العاصمة اللبنانية، تجنّب “حزب الله” توجيه أي اتهام لإسرائيل، ولو من الناحية المبدئية على جاري عادته، وأصرّ على تبني “نظرية الإهمال”، لأنّه يدرك أنّ اتّهامه لإسرائيل سيستوجب ردّاً هو أعجز من أن يقوم به على مرفأ حيفا أو ما بعد حيفا. وحتّى حين استعرض الحزب جنوباً باستقدام قادة من الميليشيات الإيرانية في المنطقة مُهدّداً بفتح كلّ الجبهات في حال تعرّض إيران لأيّ ضربة، أثبت فشله وعجزه، إذ تمّ بعدها اغتيال قائد “فيلق القدس”، إضافة إلى اغتيال أهم عالم نووي إيراني محسن فخري زادة، مروراً بسلسلة عمليات تفجير داخل إيران وُجّهت أصابع الإتّهام فيها كلّها إلى إسرائيل، من دون أن ننسى عشرات الضربات الإسرائيلية لمواقع الحزب وإيران في الداخل السوري… من دون أن يجرؤ أحد على الردّ!

 

يدخل “حزب الله” سنة 2021 بمزيد من الوهن والعجز. يحلم بمفاوضات تقودها إيران مع الإدارة الأميركية الجديدة، علّها تعيد الإعتبار لمِحور الممانعة الذي أثبت فشله في مواجهة إسرائيل، هذه المفاوضات التي تبدو بعيدة المنال في المدى المنظور، ما بات يحتّم السؤال الأخطر: هل يكتفي الحزب الضعيف باللجوء إلى القضاء في لبنان، أم يحاول التعويض عن الضعف إقليمياً بممارسة الترهيب داخلياً، وخصوصاً بعدما أعلن البطريرك الماروني ما يشبه المواجهة الشاملة لحصر السلاح بيد الدولة ووقف مصادرة قرارها، ووقف رهن مصير لبنان بمصير دول أخرى؟!