IMLebanon

تصرّف قائد الجيش في الكحالة يُضعف قدرة باسيل على المناورة مع حزب الله 

 

الرئيس الجميل المتخوّف من توريط “الكتائب”: لا يُمكن أن نتحمّل وزر التسبّب بحرب أهليّة!

 

لم يعد خافيا على احد، الخلفيات والنيات السيئة للمتورطين في حادثة الكحالة، التحقيقات مستمرة وبات ما حصل شبه منجز لدى استخبارات الجيش، بالوقائع والاسماء، لكن لا احد ينتظر ان يحاسب لا محرض ولا متورط، في بلد يأتي ملف ليطوي آخر، وتصبح الامور مجرد ذكرى تستخدم للمزايدات، لكن دون الاستفادة لا من العبر، ولا من سياق احداث لو تركت على غابرها لكنا اليوم في مكان آخر.

 

لكن ما حصل عند ذلك “الكوع” الخطير كان هاما جدا، ولن يكون قبله كما بعده بالنسبة الى اكثر من طرف ، خصوصا حزب الله الذي تأتي الوقائع لتؤكد ان هواجسه حيال البعض ليس مجرد فلكلور سياسي او مزايدة، وعندما يطالب برئيس لا “يطعن” المقاومة فهو يعني ذلك، لانه لا يرغب في التورط “بالوحول” الداخلية، ومثالا على ذلك، لو لم تكن قيادة الجيش على قدر عال من المسؤولية في التعامل مع الوقائع الميدانية، ولو لم يكن التنسيق مع “اليرزة” وخصوصا مخابرات الجيش مبنيا على الثقة المتبادلة، والتعاون الامني قائم على قدم وساق عبر قنوات مفتوحة ليل نهار، لكان حزب الله مضطرا ليكون بكامل جهوزيته على الارض لمنع وقوع المحظور، اي وصول “اي كان” الى حمولة الشاحنة.

 

في السياسة والامن، هذه الحادثة لم تنته فصولا بعد، واذا كانت “القوات اللبنانية” تعرف جيدا متى تتقدم الى الواجهة ومتى تنسحب الى الخطوط الخلفية في المواجهة مع حزب الله، علمت “الديار” ان الرئيس الاسبق للجمهورية امين الجميل المبتعد عن التدخل في شؤون حزب “الكتائب”، لم يبق على “الحياد” هذه المرة بعدما رصد انزلاقا كتائبيا غير مبرر لمواجهة غير متكافئة مع الحزب، وشعر ان ثمة من يريد ان “يحرق” المستقبل السياسي لنجله النائب سامي الجميل، عبر توريطه بحادثة تتجاوز قدرات “الكتائب” على تحملها، سياسيا وميدانيا. وقد تدخل على نحو مباشر مع نجله “وعاتبه” على ما اعتبرها “دعسة ناقصة”، قد يتحمل وزرها الحزب في اطلاق شرارة حرب اهلية لا احد يريدها. وكان لافتا بحسب مصادر مطلعة، عدم اقتناع الشيخ امين باي من التبريرات التي اعطيت له لتبرير هذا التورط ،الذي لا يملك اي افق في تحقيق مكاسب على المدى المتوسط والطويل، وهو عبّر بصراحة امام عدد من “الرفاق” الحزبيين، عن عدم رضاه عما اسماه هذا التصرف الفوضوي الذي ينم عن قصر نظر، وحذر من محاولات البعض لتوريط نجله والحزب في مسألة خطيرة “وتلبيسه” قضية ستترك آثارها السلبية ليس على المستوى الوطني وانما على المسيحيين.

 

ووفقا لتلك الاوساط، حصل نقاش مستفيض بين الشيخ امين وسامي، لكن بقي الاخير مقتنعا بما يقوم به، مجددا التأكيد على ان مصلحة “الكتائب” اليوم هي في ان يكون رأس حربة في مواجهة حزب الله. مع العلم ان والده كان متوجسا واستفاض في تقديم شروحات تفصيلية حيال مخاطر تبني الاستراتيجية الجديدة، التي ستسمح لبعض “الحاقدين” بتحقيق مآربهم بدفع الحزب الى “النار” وتركه وحيدا ليحترق، ونصحه بعدم التخلي عن رفع السقوف في مواجهة سياسة حزب الله، لكن دون التورط الميداني الذي لا يمكن لاحد ان يضبط مساره، وعندها قد يكون الثمن باهظا!

 

وفي سياق الحسابات السياسية المتصلة بالواقعة، وعلى الرغم من انسجام موقف التيار الوطني الحر مع قرار قيادة الجيش بمعالجة ما حصل بهدوء، وسحب فتيل التفجير من الشارع، الا ان رد فعل قائد الجيش جوزاف عون وطريقة ادارته للقضية ، زادت الضغوط على رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل الذي يخوض غمار حوار “السلة” الرئاسية مع حزب الله، فبعد “الكحالة” ضاق عليه هامش المناورة، بعدما ارتفعت اسهم قائد الجيش الذي اثبت انه جهة غير معادية للمقاومة، التي تركت بين يديه شاحنة اسلحة عمل عناصر الجيش على حمايتها وتأمين سحبها من المنطقة، وهذا التصرف يجعله بحكم الامر الواقع الاسم الثالث الذي يمكن ان تحصل توافقات عليه لاحقا، اذا تأمنت المناخات الاقليمية والدولية، خصوصا ان باسيل يعرف جيدا ان “القوات اللبنانية” غير المعجبة باداء قائد الجيش في الكحالة، لن تكون قادرة على مواجهة الضغوط الاميركية والقطرية والسعودية، اذا اقتضى الامر تسوية تحمل عون الى بعبدا، ولهذا سيكون الآن في موقع اكثر ضعفا في التفاوض الجاري، فبالنسبة اليه “كحل” رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، ولا عمى” قائد الجيش.

 

في المقابل، سيكون حزب الله اكثر تشددا في الملف الرئاسي، بعدما ثبت “بالوجه” الشرعي ان ثمة من هو متورط اكثر من اللزوم في مواجهة مفتوحة معه في مسألة لا تنحصر بالملف السياسي، وانما تذهب بعيدا في استهداف سلاح المقاومة، ولهذا يجد نفسه غير معني ابدا بالتراجع “خطوة الى الوراء”، امام هجمة شرسة تشير الدلائل الحسية انها منسقة وليست عفوية، ولذلك لا يستبعد وجود سيناريو اكثر خطورة في المستقبل، وهو يريد تحصين الساحة الوطنية من اي انزلاق نحو “الخراب”، ولهذا سيعمل جاهدا على انجاح الحوار مع “التيار” لانتاج تفاهم رئاسي يعيد وصل ما انقطع.

 

اما في الشق الميداني فسيكون اكثر تشددا ايضا في رصد بعض الوقائع الخطيرة، واستخبارات الجيش تلاحق المشتبه بهم ، خصوصا ان الاجهزة الامنية تملك صورهم جيمعا، فالمسألة خطيرة للغاية خصوصا انها تندرج في سياق كشف “ظهر” المقاومة، ومحاولة الكشف عن التقنيات العسكرية التي تستخدمها، وهو ما ظن المشتبه بهم ان الشاحنة تحتويه، والا لا يوجد اي تفسير لاصرار هؤلاء على توسيع نطاق “المشكل” وتوريط اكثر من جهة على الارض، كما لا يوجد اي تفسير لوجود المشتبه بهم في “ساحة” الجريمة، لولا رغبتهم بالحصول على معلومات ميدانية لم يتمكنوا من الحصول عليها.