IMLebanon

«حزب الله» بعد «النووي».. لا «جار ولا دار»

ليس سراً أن الكويت هي المساحة الأكثر رحابة لتحرك «حزب الله« في الخليج، لما له هناك من حلفاء ملتصقين به وفاعلين في الساحة البرلمانية، وأصدقاء من العائلات التجارية الكبرى ذات النفوذ الواسع في الحياة السياسية والاقتصادية، وحتى في الصحافة. وليس سراً أن مناصري الحزب يعيشون أريحية في الكويت لا يحظون بها في أي دولة خليجية أخرى، سواء من حيث حرية الرأي والتعبير عبر الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، أو من حيث ممارسة الشعائر الدينية في الحسينيات والساحات العامة والطرقات. فلماذا يعبث الحزب في الساحة شبه الوحيدة المتبقية له ولبيئته الحاضنة خليجياً؟ ولماذا يغامر بلقمة عيش عشرات آلاف الجنوبيين والبقاعيين في دولة تحسن وفادتهم؟ ولماذا يصرّ على زجّ شيعة الخليج بمشاريع قاسم سليماني؟

لدى «حزب الله« تاريخ مظلم من التورط الأمني مع الكويت، منذ حادثة اختطاف طائرة الجابرية في الثمانينات والتي ارتبطت باسم عماد مغنية شخصياً. ومع ذلك وجد الحزب على مدار السنوات الماضية تعاطفا من كثير من الكويتيين.

لا مجال للزعم أن في ما أعلنته وزارة الداخلية الكويتية مؤامرة أو استهدافاً لحزب الله. فالدبلوماسية الكويتية تحافظ على خطوط مفتوحة ولغة معتدلة مع الجميع، لاسيما إيران، وتنتهج في الداخل سياسة تسامح وانفتاح تجاه مختلف الفئات، حتى أن في البرلمان أصواتا متطرفة تجاهر بالعلاقة مع بشار الأسد وتمجّد «حزب الله« وعماد مغنية، رغم كل التاريخ الملتبس لهما مع الكويت، من دون أن تتعرض لهم السلطات بكلمة.

كانت الكويت المحطّة الخليجية والعربية الأولى لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد إبرام الاتفاق النووي في 14 تموز الماضي. قبيل جولته التي شملت الكويت وقطر والعراق ولبنان وسوريا، وجّه ظريف رسالة الى «شعوب المنطقة«، يعلن فيها عن ان «أولويات إيران هي نسج علاقات طيّبة ووطيدة مع جيرانها، وخاصة بعد تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة«. مرّ على الإتفاق النووي 35 يوماً، أكّد ظريف خلالها عزم بلاده تغيير سياستها تجاه المنطقة. فماذا حدث منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا؟ اعتقلت السلطات الكويتية خلية إرهابية لـ«حزب الله« متورّطة في تخزين ترسانة أسلحة، وصلت الى الكويت من إيران عن طريق البحر ومن العراق عن طريق البر. ايضاً، تمّ اعتقال خلية إرهابية تابعة للحرس الثوري في البحرين، كانت تحضّر لاعمال إرهابية بحق مؤسسات الدولة والقوى الأمنية ومنشآت حيوية وغيرها. وفي سوريا، خاضت إيران مفاوضات فاشلة مع «أحرار الشام« لتكريس التقسيم عبر تهجير أهالي الزبداني وبردى ومضايا وحتى حي الوعر باتّجاه جهة ما، مقابل إخراج عشرات الآلاف من شيعة الفوعة وكفريا باتجاه الساحل ومنه الى حمص وريف دمشق. ألم يقل ظريف في خطابه العربي، «إنّ في تقاليدنا العريقة وفي ديننا الإسلامي الحنيف (الذي يجمعنا معاً) توصية حكيمة، وهي «الجار ثم الدار«؟ ألم يدعُ شعوب المنطقة الى مواجهة الإرهاب صفاً واحداً ؟ هل الدعوة الى مواجهة هذا الإرهاب تُتَرجم بتشكيل خلايا إرهابية لضرب أمن الخليج ونسيجه؟ هل المطالبة بإحترام سيادة ووحدة وتراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها، يُترجّم بالتفاوض على تغيير الديمغرافيا السورية تمهيداً لفرض التقسيم؟

في بداية ثمانينات القرن الماضي، صُنّف «حزب الله« كمنظمة إرهابية عالمياً (تفجير السفارة الأميركية، تفجيرات بيونس آيرس). وبعدها بقي الحزب على قوائم الإرهاب الأميركية فقط، حيث تعاملت معه أوروبا باعتباره جزءاً من النظام اللبناني. اليوم، يعود «حزب الله« الى نشاطات تصدير الثورة الايرانية الى الكويت والبحرين والعراق وسوريا، وتسليح ودعم ميليشيات إرهابية هنا وهناك، والتدخّل في الشؤون الداخلية لدول الجوار. يعود «حزب الله« للدخول في جو مختلف عن الجو الذي كان عليه طوال عقدين من الزمن، وهو ما لا يستسيغه الأوروبيون والغرب. فهل يكون للغرب كلام جديد، خاصة مع اقتراب ايران من دخول المنظومة الدولية؟ ام أنه سيطلق يد «حزب الله« ليغرق أكثر على «طريق القدس« الذي بات يمرّ في الكويت والبحرين والعراق أيضاً؟