IMLebanon

هزيمة «حزب الله» في حلب تُعيده الى مربع التواضع

ان كان خطاب أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله الاخير قد أعدّ قبل اسبوع من موعده، فلا شك أن تعديلات كثيرة قد طرأت عليه، لأن الموعد أتى في ظل تبدل ظروف سياسية وميدانية.

فنصرالله الذي تحدث في ذكرى ما يسميه الانتصار على العدو الصهيوني، بدت على محياه علامات الهزيمة التي مني بها حزبه مؤخرا في أكثر من منطقة سورية لا سيما في حلب، ففي المضمون كاد نصرالله أن يخصص خطابه فقط لاستحضار ذكرى حرب تموز، اذ استغرق حديثه أكثر من أربعين دقيقة عن تلك الحرب وتداعياتها وشهادات مسؤولين صهاينة حولها.

.. لم تكن حلب ولا معركتها الاستراتيجية، عنوانا لكلام أمين عام الحزب، بل عُلبت في اطار مروحة من العبارات الأشبه بتلك المرصوفة في بحث نال علامة رديئة.

ولعل الكلام عن ضرورة القاء محاربي الحزب للسلاح، كمن يطلب السراب، فلمَ على الخصم أن يلقي سلاحه، الا اذا لم يكن ذلك الخصم خصما؟

هل يعقل أن يطلب طرف من عدو أراد أن يحاربه ترك سلاحه وهذا الطرف المهزوم يتمسك به؟

وهل يعقل أن يناشد طرف عدوه أن ينسحب من المعركة ويقول بانه سيبقى هو في الساحات؟

لم يكن عصر السبت موعدا للمنطق والعقل، كان موعدا مع اعلان الاستسلام المغلف بشيء من بث للمعنويات في نفوس ما تبقى من مقاتلين في الميدان بعد ان قُتل من قُتل وجُرح من جُرح وأُسر من أُسر.

.. نعم انه خطاب الاستسلام مع حفنة من مكابرة، وانه رجع الصدع لنتائج اللقاءات التي جرت في موسكو وأنقرة، لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، ولقاء أردوغان بوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف.

انه خطاب هدنة لترقب ما يمكن أن يحصل لاحقا في المنطقة واستجداء سحب بقايا الخسائر من المعارك.

واللافت بكلام نصرالله تخفيف لهجته ازاء المملكة العربية السعودية مقارنة مع الخطابات السابقة، في حين غابت تركيا أردوغان، مع الاستشهاد بالنقاش الدائر في الولايات المتحدة الاميركية حول صناعة داعش.

ويبرز الضياع المتأتي من «كف» حلب، حتى يصاب المستمع بالدوار، أميركا دعمت داعش واميركا أرادت التخلص من داعش، السعودية دعمت المنظمات المتطرفة والسعودية في حرب معهم، وكان ينقص ان يقول بأن ايران أم السلام ووزير خارجيتها يلتقي أردوغان داعم الارهاب وبوتين الملقب بأبي علي ينتظر الرئيس التركي بفارغ الصبر وقوفا ويتحاور معه حول كل شيء.

وبالانتقال من الشق الخارجي في الخطاب الى الشق الداخلي، يلاحظ أن سقف اللاءات قد انخفض، ولم يكن لحرارة طقس آب من تأثير سلبي، فالكلام عن النائب ميشال عون كمرشح للرئاسة لم يكن كلاما حازما اذ ترك الباب مفتوحا أمام النائب سليمان فرنجية وربما غيره، والجزم بالابقاء على الرئيس نبيه بري لا يستفز أحدا، فبري أهون على الخصوم من النائب محمد رعد، اما فتح الباب امام النقاش برئاسة الحكومة المقبلة أمر طبيعي، فهل لايزال نصرالله يمتلك ورقة رئاسة الحكومة بعد تبدل موازين القوى في المنطقة؟ وهل كان لينفتح على النقاش في هذا الموضوع لو انتصر في حلب؟

الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد، اذ على خصوم «حزب الله» أن يتشددوا أكثر متسلحين بانتصار المعارضة في حلب، وعليهم أن يلعبوا لعبة الحزب، فهو حين يكون قويا لا يقرأ أحدا وحين يضعف يبدأ بالتنازلات ممررا العاصفة ليعود متشددا بعد أن يقوى من جديد.

وانطلاقا من كل ما تقدم، لا بد من أن يعود الحزب الى موقعه الرئيس لاعبا من ضمن لاعبين آخرين، لا مرشدا للجمهورية ولا رئيسا لمصلحة تشخيص النظام.