برغم الجوّ التصعيدي الذي غرقت فيه البلاد بعد ظهر الأمس، إلا أنّ الحديث عن التمديد لا يستدعي التشاؤم، لأنّه سيأخذ طريقه إلى التبلور وأنّه لن يتخطّى الستّة أشهر، إلا إذا نجح حزب الله في تفجير البلاد ووضع الرئاسات الثلاثة في مواجهة بعضها البعض وفي مواجهة الشعب اللبناني وجرّ البلاد إلى الشارع والفوضى.
ثمّة أحجية طرحها نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم فيها من التلاعب بمصير الانتخابات النيابيّة وقانونها ما يفضح رغبة الحزب في وضع كافة الطوائف اللبنانيّة والفرقاء السياسيّين أمام خياريْن لا ثالث لهما: إمّا النسبيّة وإمّا التمديد، وإلا كيف نفسّر قوله «نحن نعلن اليوم أنّنا جاهزون لأيّ قانون يمكن أن نصل فيه للوفاق، ولا نستطيع أن نترك البلد بالفراغ لا أحد يقبل ترك البلد في فراغ سياسي»!!
بالتأكيد عنجهيّة معادلة «في النهاية سيرضخون» التي ألقاها في وجه اللبنانيين النائب محمد رعد تعتبر تهديداً علنيّاً بفرض النسبيّة، والتجربة مع حزب الله أفرزت واقعاً أنّه استطاع حتى اليوم أن يفرض على اللبنانيّين كلّ السياسات التي عطّل فيها البلاد حتى نجح في فرضها، حتى لا نخدع أنفسنا، لقد رضخ فريق الرابع عشر من آذار ـ سابقاً ـ عند مفترقات عدّة، آخرها القبول بعودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة مجلس الوزراء بالتزامن مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، لذا نتمنّى أن تكون خطوات التصعيد مدروسة لأنّ اللبنانيّين شبعوا من خيبات الأمل والتنازلات التي يرضخون لها منذ 7 أيّار العام 2008!
«في النهاية سيرضخون للنسبيّة»، وبحسب لسان العرب الرَّضْخ: كسر الرأس، ويستعمل الرَّضخ في كسر النّوى والرّأس للحيّات وغيرها.. وهم يتراضخون بالسّهام أي يترامون، وراضخْته: رميْته بالحجارة، والرّضخ أيضاً: الدقّ والكسر. البلاد تحتاج إلى الهدوء، والتمديد التقني لبضعة أشهر أهون من جرّ البلاد إلى الفوضى، خصوصاً أن الحديث عن تزامن التمديد مع الاتفاق على قانون الانتخاب «كباش» يعلم الجميع أنّه لن ينتج قانوناً، وأن اللبنانيّين لم يعودوا يتحملون الضغط السياسي وسحقهم في رحى الانقسام والتطاحن على الصغيرة والكبيرة، في لحظة يكادون يلفظون أنفاسهم تحت وطأة كلّ الأزمات بدءاً من الاقتصادية وانتهاءً بالاجتماعيّة!