IMLebanon

إنخراط/ لا انخراط “الحزب”: الخشية من “الغرق”!

 

ما كان ينقص الإستعصاء السياسي – الرئاسي في لبنان، سوى انغماس «محور المقاومة» في حربٍ غير مسبوقة تضع المتحاربين أمام خطرٍ وجودي حقيقي، وتمهّد لإعادة فرض قواعد ضغط جديدة؛ تضمن مكانة إيران في ظل تقدّم الحديث عن مسارات السلام في المنطقة. وهذا ما يدفع إلى التساؤل عن «القضيّة اللبنانية» إن وجدت، وموقعها من تداعيات خلط الأوراق المستجد التي طالما أغرقت لبنان في صراعات القوى والمشاريع الإقليميةّ.

 

وأكدت أستاذة العلوم السياسيّة والمديرة الفخرية لمعهد العلوم السياسيّة في جامعة القديس يوسف USJ الدكتورة فاديا كيوان في حديث لـ»نداء الوطن» وجوب إبقاء «القضيّة اللبنانية» أولوية مطلقة بالنسبة إلى اللبنانيين، والإسراع في إيجاد تسوية داخليّة تساهم في ملء الشغور في سدة الرئاسة الأولى، والتفاهم على حدٍّ أدنى من إدارة شؤون البلد بعيداً عن الإنجرار وراء تنفيذ أولويات وأجندات القوى الأخرى.

 

ورأت أنّ إغراق لبنان في صراعات المنطقة وتجاهل الأزمة غير المسبوقة التي يمر فيها، يعتبران «مذبحة للبنان»، نظراً لكون الإقتصاد اللبناني الفاقد الإستقرار السياسي والثقة «ينزف النقاط الأخيرة من دمه»، مؤكدة حاجة اللبنانيين أكثر من أي وقت آخر، الى تثبيت الإستقرار الداخلي والتماسك لمواجهة المتغيرات الكبيرة بقلبٍ قوي لتجنّب وضع لبنان في مهب الريح.

 

وفي مقاربة سريعة للمشهدية المستجدة في فلسطين، توقفت كيوان عند قراءتين لتداعيات الموضوع مع ما يشكل من تحوّل في قواعد اللعبة:

 

1 – إعتبار أنّ تقدّم مشروع السلام في المنطقة أدّى إلى «قبّة باط»، دفعت «حماس» إلى القيام بعمليّة «طوفان الأقصى»، على غرار «حرب أكتوبر 1973» التي أدت إلى توقيع اتفاق كمب ديفيد بين مصر وإسرائيل؛ رغم المبررات الداخلية الناجمة راهناً عن التصرفات الإستبدادية والظالمة والحاقدة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وآخرها برئاسة نتنياهو. وذلك بالتزامن مع إمعان إسرائيل في إهانة الشعب الفلسطيني وقهره، ما ساهم في إثارة ردة فعل، تحولت إلى تفجير حالة من الغضب، قبل أن تتوقف عند حجم العملية وتوقيتها اللذين يدفعان إلى التفكير في أن إشعال هذا الملف هدفه «فرض قواعد ضغط جديدة لـ اللعبة»، بحثاً عن تسوية تكون أكثر عدالة للفلسطينيين، أسوة بالمثل الشائع: «ما بتبرد غير ما تحمى».

 

2 – القراءة الثانية تتخطى الأولى في تداعياتها وأهميتها، حيث رأت أنّ دعم إيران التاريخي لـ»حماس» و»حزب الله»، دفعها إلى اشعال الوضع في غزة، في ظل تصاعد الحديث عن تقدم مفاوضات السلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وذلك بهدف تعمّد تسجيل موقف، و»وضع العصي» في دواليب التسوية المقبلة بين الدول العربية وإسرائيل، وإثبات وجودها على الخريطة «الجيو- سياسيّة» في المنطقة والقول: لا مشاريع للسلام في الشرق الأوسط من دون موافقتها.

 

أمّا لجهة جرّ لبنان إلى آتون الحرب في ظل رفع فصائل المقاومة المدعومة من إيران شعار «وحدة الساحات»، فأشارت إلى تجنّب «حزب الله» حتى الآن، الإنجرار إلى المعركة رغم الإستفزازات الإسرائيلية على حدود لبنان الجنوبية، وتوقفت عند إصدار «الحزب» بيانات متلاحقة عن إعلان عدم ارتباطه بالخروق التي تقوم بها عناصر غير منضبطة من الفصائل الفلسطينية، ما يؤكد أنّ «حزب الله» يعدّ إلى العشرة، وان أداءه يشير إلى عدم استعداده لرمي نفسه في معركة غير محسوبة.

 

ورأت كيوان أنّ أداء «حزب الله» يدفع إلى التوقف عند نقطتين:

 

1– هل الخوف يدفع «الحزب» إلى تجنّب الإنغماس في المعركة رغم استنجاد فصائل المقاومة به على الجبهة الشماليّة لإسرائيل للحدّ من الضغط على جبهة غزة، بالتوازي مع حذره من إمكانية استدراجه للدخول في الحرب واستهدافه بضربة قوية تلحق ضرراً كبيراً به؟

 

2 – إختيار «حزب الله» إستراتيجية وطنية، تجنبه الإنجرار في الحرب بشكل مباشر، وهذا ما يرتد عليه إيجاباً في تحسين مكانته السياسية في التسوية أو المعادلة اللبنانية، بعيداً من الذهاب «فرق عملة» بين «حماس» وإسرائيل.