IMLebanon

زيارة هولاند ذكرت اللبنانيين بما تبقى لهم من مؤسسات

في الشكل، حققت زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبيروت هدفها بتجديد الدعم للبنان وتأكيد دوره على خريطة الشرق الاوسط الفراغ الرئاسي. وفي المضمون، ومع ان اي معلومات دقيقة لم ترشح عن فحوى لقاءاته الرسمية، الا ان ما سرب أكد المؤكد من عناوين ثلاثة، رئاسة الجمهورية من زاوية تقديم النصح بوجوب الاسراع في انهاء الفراغ، النزوح السوري وحض المجتمع الدولي على تقديم المساعدة للبنان والارهاب وكيفية مواجهته بالتكافل الدولي والتضامن العربي، مقابل طرح لبنان ملف المساعدات من عسكرية للجيش اللبناني وانسانية للاجئين، ووجوب المساعدة في ترسيم حدوده البحرية.

ووسط صخب سياسي داخلي خلفه غياب رئيس تكتل التغيير والاصلاح وحزب الله عن صورة اللقاءات، تاركين الساحة لرئيس حزب القوات اللبنانية والنائب وليد جنبلاط والمرشح سليمان فرنجية، والانقسام حول جدول سياسي خارجي موحد، تنقل هولاند بين الرئاستين الثانية والثالثة، اللتين حاولتا ملء الفراغ الذي خلفه غياب رئيس الجمهورية، هذه المرة لعدم وجوده، لا لسبب مقاطعته كما حصل بين الرئيسين شيراك ولحود عام 2005.

صحيح ان زيارة العمل وفق توصيف الاليزيه، الذي طلب من الجهات اللبنانية الرسمية عدم حصول استقبال رسمي للضيف على ارض المطار اكراما للشعور المسيحي، لم تحمل مبادرات حلول كبيرة للخروج من الأزمات، تقول اوساط متابعة، تماما كما هو صحيح ان جعبة المسؤولين اللبنانيين فاضت بالكثير من الملفات التي طرحوها على الضيف الفرنسي، وفقا لاجندة كل منهم وحساباته، فإن لقاءات الضيف التي اندرجت تحت عناوين الدعم والنصح، انتهت بكلام لافت لهولاند ربط فيه أمن لبنان بأمن فرنسا والسلام في العالم، واستعداد باريس لتقديم مساعدات فورية بقيمة 25 مليون يورو، تعزيزا للقدرات العسكرية اللبنانية، و50 مليون يورو في موضوع النازحين السوريين للعام الحالي، لترتفع القيمة الى 100 مليون يورو في السنوات الثلاث المقبلة.

الضيف الذي غادر حاملا معه «كتابا مكتوبا»، تضمّن مواقف بكركي واقتراحاتها، موجها بشكل رسمي من البطريركية المارونية الى الرئاسة الفرنسية ليضم الى أرشيف الايليزيه، ترك خلفه المجال لكثير من التسريبات، اذ اشارت مصادر مطلعة الى ان الرئيس الفرنسي عرض على من التقاهم استعداد فرنسا لاستضافة «سان كلو 2» بعنوان رئاسي وحيد يفضي الى تزكية شخصية وسطية من بين مجموعة اسماء وفقا لمعايير محددة، في ظل العجز عن ايصال احد الاقوياء الاربعة الى بعبدا، على أن يكون لبكركي دور اساسي في الاختيار، مبدية اعتقادها بأن تلك المبادرة ولدت ميتة، بعد مقاطعتي العماد عون وحزب الله، في اشارة واضحة الى استمرار التأزم بين الحارة والمجتمع الدولي، بعد المواقف العربية والإسلامية بدفع غربي، ما يضيف بالتأكيد تعقيدات جديدة إلى الأزمة ويدفع الاطراف باتجاه مزيد من التشدد، بانتظار اتضاح صورة الأوضاع في المنطقة وتحديداً في سوريا.

وتذكر المصادر انه في الثامن والعشرين من آذار الفائت، أطل الرئيس فرانسوا هولاند على مواطنيه عبر برنامج تلفزيوني، ليطمئنهم إلى ان وضع فرنسا أفضل اليوم من العام 2012، وفي 29 آذار غاب كلام هولاند عن الصفحات الأولى لأغلبية الصحف الفرنسية، إلا انه شغل افتتاحيات كبار الصحافيين من أقصى احزاب الشمال إلى أقصى أحزاب اليمين، الذين شبهوا الحديث بخطابات التوحد والانكار والخطابات الخالية من أي جديد. اما في نيسان، فكلام الى اللبنانيين يشبه كلامه إلى الفرنسيين. فحديثه عن رئاسة الجمهورية ودعوته البرلمانيين اللبنانيين إلى حل أزمة الفراغ، يشبهان خطاب التوحد. فالرئيس الفرنسي يعلم ان حل الفراغ الرئاسي تعدى حدود ساحة النجمة وحدود لبنان منذ زمن، وانه مرتبط بموازين القوى الاقليمية، وتحديدا السعودية والايرانية. كما هو مرتبط بما تخططه الولايات المتحدة، روسيا وفرنسا للمنطقة.

غادر الرئيس الفرنسي وعاد اللبنانيون الى قديمهم. اجتماع المجلس النيابي اليوم في جلسته الثامنة والثلاثين من دون انتخاب رئيس، ومجلس وزراء أيضا من دون أي ضمانات بانه سينهي قضية جهاز أمن الدولة، فيما تجتمع غدا اللجنة النيابية للاتصالات في حضور عبد المنعم يوسف بعد «زوبعة حيسو»، فيما تنعقد طاولة الحوار الأربعاء لتغطية «تشريع الضرورة» وتسهيل قيادة البلاد من دون رئيس. يبقى للتاريخ والانصاف ان من ابرز انجازات الزيارة تذكيرها اللبنانيين بما تبقى عندهم من مؤسسات، يفرش فيها السجاد الأحمر وتفتح الأبواب لكبار ضيوفها، هي المقفلة لمتابعة ملفاتهم ومعالجة أولوياتهم.