IMLebanon

كيف يقبل لبنان «هِبَات» من دولة خسِرت صفة «العُظمى»!؟

 

بفارق ساعة واحدة بين اسطنبول وبيروت كان رئيس الجمهورية ينزع «صفة الدولة العظمى» عن الولايات المتحدة التي لا يمكنها أن ترعى عملية السلام في الشرق الأوسط، فيما كان قائدُ المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتيل يعلن من السراي الحكومي عن هبة من المروحيّات والأسلحة الذكيّة للجيش. فما سرّ الدعم الأميركي على رغم هذا التناقض؟ وكيف يفسَّر؟

في الوقت الذي كان أحد السياسيين اللبنانيين يعبّر عن خشيته من تحوّل لبنان الى المحور المعادي للأميركيين ودول الخليج العربي نتيجة التناقض في مواقف المسؤولين اللبنانيين الكبار، كان أحد الديبلوماسيين يؤكّد استمرارَ الرعاية الدولية للوضع اللبناني، مخفِّفاً من «تشاؤم» هذا السياسي ومخاوفه على رغم قناعته بأنّ المخاوف والهواجس التي عبّر عنها صحيحة وواقعية وتدعو الى القلق إذا لم نتطلّع الى الأسباب الأخرى التي تستجلب المواقف الدولية الداعمة للبنان.

وعند اشتداد الحوار بين المنطقَين تقدّم السياسي بعرض شامل للتطوّرات متحدّثاً عن عدم وجود رؤية واحدة من هذه القضايا، ليس على مستوى اللبنانيين المنقسمين بين الحلف الروسي ـ الإيراني من جهة والحلف الأميركي – السعودي من جهة أخرى، ليتوسّع الإنقسام على مستوى القادة الكبار، وتحديداً ما بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب من جهة، ورئيس الحكومة من جهة أخرى، وكذلك بالنسبة الى مواقف أعضاء الحكومة المنقسمين بين هذين المنطقَين.

وتوقف «السياسي المتشائم» أمام المحطات التي انعكست مزيداً من التوتر بين لبنان وأصدقائه وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ودول العالم الحرّ التي تصرّ على وضع «حزب الله» بلا تفرقة بين جناحَيه السياسي والعسكري على لائحة المنظمات الإرهابية، وصولاً الى العقوبات المتشدّدة التي فرضتها الإدارة الأميركية على قياداته وحساباته وشركاته وشخصيات اتُّهمت بتمويله.

وقال: «لا يمكننا أن ننسى بعض المحطات التي اقتربت فيها العقوبات من أن تشمل القادة اللبنانيين الكبار بتهمة «وقوفهم» الى جانب «حزب الله والسلاح غير الشرعي».

وأضاف: «أنّ التناقض في المواقف القيادية كان بارزاً وشهدت له محطات عدة، ولا يمكن إخفاؤه على أحد. فرئيس الجمهورية لم يوفّر منبراً دولياً من دون تأكيد حاجة لبنان الى «سلاح حزب الله» الى جانب الجيش اللبناني في انتظار أن «يقوى عوده».

فيما كان رئيس الحكومة سعد الحريري يشكو من هذا السلاح، مؤكّداً «أنّ لبنان ليس بقادر على إنهاء ملف السلاح غير الشرعي في انتظار الحلول الإقليمية التي أعطته الدور الذي تجاوز الحدود اللبنانية في اتّجاه الأزمات والحروب التي اشتعلت في الشرق الأوسط والخليج العربي.

وما إن انتهى السياسي اللبناني من مطالعته السلبية حتى سأل الديبلوماسي رأيه في المفارقات الأخيرة التي عاشها اللبنانيون، وآخر فصولها ما شهدته اسطنبول وبيروت بنحوٍ متزامن ظهر الأربعاء الماضي.

وقال: «بفارق ساعة فقط كان رئيس الجمهورية يخطب في القمّة الإسلامية في اسطنبول مهاجماً السياسة الأميركية في المنطقة عقب صدور قرار الرئيس دونالد ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، معتبراً أنّ القرار أسقط عن بلاده «صفة الدولة العظمى التي تعمل على إيجاد حلول تحقّق السلامَ العادل في الشرق الأوسط»، ومضيفاً «إن لم تتصدّ الأمم المتحدة لهذا القرار فإنها تتنازل عن دورها كمرجع دولي لحلّ النزاعات الدولية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، كما ينصّ ميثاقُها، فينتفي بذلك سببُ وجودها».

وفي الوقت عينه كانت بيروت تشهد لقاءً في السراي الحكومي بين الحريري وقائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل والسفيرة اليزابيت ريتشارد أعلن خلاله عن مساعدة نوعيّة للجيش اللبناني تربو على 120 مليون دولار، تشمل «ست طائرات هليكوبتر هجومية خفيفة من طراز MD 530G ، وست طائرات بلا طيار جديدة من طراز Scan Eagle ، بالإضافة الى أحدث أجهزة اتصالات والرؤية الليلية»، ومعتبراً أنّ «هذه المعدّات المتقدمة، ستساعد الجيش في بناء قدراته الثابتة والقوية لحماية الحدود ومكافحة الإرهاب والدفاع عن لبنان وشعبه».

وردّ الديبلوماسي قائلاً: «إنّ هذه المقارنة لا تجوز، فما يتحدث عنه رئيس الجمهورية يتناول قراراً أميركياً ما زال يتفاعل عالمياً، وإنّ الرفض تجاوز لبنان الى مختلف القارات، ولم نعرف الى الآن مَن هي الدولة التي رحّبت بقرار ترامب عدا إسرائيل. إنّ عليكم أن لا تنسوا أنّ لبنان ضمن الحلف الدولي ضد الإرهاب.

وإنّ التزاماته تجاه السلام في المنطقة لم تتبدّل، والإنتصارات التي حقّقها على الإرهاب والإرهابيين لم يسبقه اليها أحد بعد، ولم تُحقّقها دول كبرى الى الآن».