IMLebanon

“I Love Achrafieh”… بحلّتها الجديدة والمضاءة!

 

شهدت حركة تنموية منذ تموز 2022 بسواعد Brain Beirut

 

لم تعد الأشرفية بعد اليوم مثل سائر المناطق، ولم تعد أزقّتها «العتيقة» العابقة بالنضال، غارقة في الظلام الحالك ليلاً، لا سلامة عامة فيها ولا أعمدة تتمايل فوق السيارات والمشاة المارّين في الأماكن، ولا رسومات لا تمّت إلى الفن والأخلاق بصلة.

المنطقة التي نسيت كلمة تنمية أقلّه منذ 15 عاماً على غرار سائر المناطق اللبنانية، وسكنتها الحفر والتشوّهات والدمار الذي خلّفه انفجار المرفأ في العام 2020، مجتاجاً الحجر والبشر، خلعت ثوبها الحزين ونفضت عنها غبار ما تبقى من الركام، وباتت اليوم وبعد عام وشهرين من العمل الدؤوب نظيفة، تلمع نهاراً تحت أشعّة الشمس وليلاً تحت إنارة أعمدة الكهرباء ومصابيح مقاومة للماء تعمل على الطاقة الشمسية تسمى cat eyes لتوفير السلامة العامة تمّ وضعها بإتقان على جوانب الطرقات، حتى أن مداخلها اختلفت معالمها وتمّ «زرع» إشارات ويافطات ترحيبية للداخل الى الأشرفية.

 

 

المتوجّه الى المنطقة من جسر الحازمية طلعة أوتيل ديو يُفاجأ بـ»آرمة»

 

I Love Achrafiyeh الكبيرة والمضاءة ثبّتت على جدار عملَ شباب منذ أشهر كما يتبيّن للمارة، على طلائه بعد ترميمه وتحسينه على طول الجسر. حتى أن المتوجّه الى المنطقة من جسر الدكوانة نحو ساسين تستقبله تلك الكلمات التي اصطفت على عمود فاصل تعطي الإنطباع بأن تلك المنطقة تشهد تحسّناً ما يبعث على التفاؤل.

 

الأرصفة من مداخل المنطقة مروراً الى ساحة ساسين تمّ دهن جوانبها باللونين الأصفر والأسود.

 

هذا المشهد الطبيعي الذي بات «سورياليا» في بلدنا الغارق بالظلام والمجرّد من أدنى مقومات الحضارة والرقيّ والسلامة العامة، يسترعي إنتباه العابر من هناك ويستدعي التوقف عنده، فيعتقد لوهلة أن الوضع في البلاد يتحسّن خصوصاً وأنه تمّت إضاءة أعمدة الكهرباء المتواجدة في المنطقة بأكملها. ما يطرح تساؤلات حول الأيادي التي تقوم بهذا العمل، طبعاً الدولة «مفلسة» ولا يمكنها الإقدام على تنمية الطرقات، فهل بلدية بيروت قرّرت تحسين المنطقة وتجميلها، ولماذا لا تُقدم سائر المناطق على تلك الخطوة، وما هي Brain Beirut التي نشهد «توقيعاً» لها في بعض الزوايا وتحت يافطة «بحب الأشرفية» بالإنكليزية؟

 

بعد اجتياز مدخل الأشرفية من جهة جسر الدكوانة نحو ساحة ساسين، بدا سعيد حديفة مؤسّس جمعية brain Beirut (بالتعاون مع النائب جهاد بقرادوني)، جالساً يجري إتصالاته لاستثمار الأموال المخصصة للتنمية في تحسينات أكبر. يسلّم على مار من هنا وآخر من هناك يسلّمه فواتير، ثم يردّ على أسئلة «نداء الوطن» حول المبلغ الذي انفقته الجمعية على هذا المشروع، فقال «100 الف دولار واذا تمّ إنفاق 200 ألف دولار أخرى تصبح الأشرفية باريس 2. فهو يحلم وأعضاء جمعية Brain Beirut الذين بدأوا 3 وأصبحوا 15 بتغيير ملامح الأشرفية وتجميلها وتحسينها لتصبح نظيفة وآمنة ومضاءة.

 

فالجمعية تضم مهندسين وأشخاصاً لهم علاقة بالبيئة، لا يتعاطون السياسة، هم أبناء الأشرفية يحبون منطقتهم، عدد صغير منهم ساهم بتأمين التمويل المادي وأولهم النائب جهاد بقرادوني، والعدد الأكبر يؤمن الأفكار والخبرة، كإعداد دراسة حول جدوى المشروع….

 

بداية التنمية بالإضاءة

 

إنارة الشوارع كانت بداية المشوار يروي حديفة منذ تموز 2022، من خلال مولّدات الكهرباء الخاصة، فتمّ التوجّه الى أصحاب المولّدات في المنطقة وطلبنا منهم إضاءة أعمدة الكهرباء وهذا ما حصل. من هنا يمكننا اليوم القول أن الأشرفية باتت مضاءة ليلاً بنسبة 95%، بهدف تفادي حوادث السير والإصطدامات التي تتكاثر في الليل بسبب الظلمة التي كانت حالكة في تلك المنطقة، مثلها مثل سائر مناطق بيروت والأوتوسترادات التي تفتقد الى أدنى مقوّمات السلامة العامة ما يؤدي الى حوادث سير مميتة».

 

الى ذلك، يسترسل بقصته الفريدة، «عملت الجمعية على تحسين مداخلها كون مدخل أي منطقة يعطي عادة لعابرها إنطباعاً جيداً أو لا. فبدأنا بجسر الدكوانة جادة شارل مالك، وجسر الدكوانة طلعة بوظة بشير ساحة ساسين. كما نظّفنا الأرصفة بأكملها عدا إضاءة المنطقة وحسّنا وضع الجسور لناحية الحديد الملتوي والذي أحدث فراغات ويشكّل تهديداً للسلامة العامة لأي ولد مار في المكان».

 

ومن الإنارة انتقلت الأعمال يضيف حديفة «الى طلاء جوانب الطرقات باللونين الأصفر والأسود تماماً كما كانت، وتثبيت ما يسمى بالـCats eye التي تُضاء ليلاً عندما يحلّ الظلام والتي تعمل على الطاقة الشمسية، لتفادي إرتطام السيارات بجوانب الرصيف. كما تمّ بالطلاء إزالة الرسومات غير الأخلاقية التي ترسم باسم الفنّ وكأننا نمرّ بشوارع في كولومبيا، حتى اننا أبقينا على الرسومات والصور الطبيعية. الى ذلك ستستقبل الداخل الى المنطقة «آرمة» I love Achrafieh على مدخل جسر الدكوانة الأشرفية، وكذلك على مدخل الحازمية – أوتيل ديو.

 

أما المدخل الثالث وهو جسر الفيات، طلعة كرم الزيتون والسيوفي، فتمّ تثبيت يافطات ترحيبية بالطريقة والأسلوب نفسيهما، مع طلاء الأرصفة والجدران وتشحيل الأشجار التي مضى عليها سنوات من دون عناية».

 

وأعلن أنه قريباً جداً «سنحسّن مدخلي السوديكو والرينغ الأساسيين، ودهن الأرصفة، وتثبيت إضاءة تحدّد جانبي الطريق، ويافطات ترحيبية، تشحيل الأشجار، باختصار سنقوم بكل العمل الإنمائي الذي هو على عاتق البلديات، والذي تفتقده المنطقة منذ سنوات طوال.

 

الى ذلك اضافت «سواعد الجمعية» أعمدة كهربائية لم تكن موجودة، وأصلحت المعطّلة منها أو المحطّمة والمائلة والمهدّدة بالسقوط».

 

فالمشكلة في عملية إنماء المناطق غير الموجودة، أنه لا يوجد إدارة سليمة للأموال، «فهل يعقل على سبيل المثال لا الحصر تشييد شجرة ميلاد بكلفة مليون دولار، كما حصل في عيد الميلاد في وسط بيروت فيما الشوارع غارقة في العتمة وتفتقد الى أدنى مقومات السلامة العامة وتجديد المنطقة؟» يسأل حديفة.

 

وحدّث بلا حرج عن عمليات هدر حصلت مثل إنفاق ملايين الدولارات على دراسات قابعة بالأدراج، فلماذا تمّ إعدادها كتلك المتعلّقة بتركيب الطاقة الشمسية على سبيل المثال، والتي كانت كلفتها بقيمة 150 الف دولار، ثم تمّ رميها في الأدراج والمرجحة أن تصبح خلال 5 أو 6 سنوات غير صالحة.

 

ونوّه حديفة بمحافظ بيروت مروان عبّود الذي سهّل على الجمعية عملها، ورئيس البلدية الجديد عبد الله درويش الذي بدوره يقدّم كل عون لإنجاز الأعمال الإنمائية في المنطقة، والسماح لنا بتشحيل الأشجار على سبيل المثال والتي تتطلب مباشرة العمل مساراً روتينياً طويلاً لإنجاز المعاملات المطلوبة.

 

مفاجأة جمالية أخرى طيّ الكتمان

 

وحول المشاريع «المخبّأة» للمرحلة المقبلة بعد انتهاء أعمال تشحيل الأشجار، كشف حديفة أن «هناك مشاريع أخرى سنبقيها طيّ الكتمان لمفاجأة أبناء الأشرفية، وتتعلق بإضفاء جمالية على المنطقة وذلك بعد انتهاء تحسين البنية التحتية».

 

كلّ تلك النشاطات التنموية والتجميلية تصبّ ضمن شعار جمعية Brain Beirut الذي تحمل لواءه «بيتك قدّام بيتك» والدني بألف خير، اذا قدام بيتك نظيف يكون منزلك نظيفاً، اذا أمام منزلك يوجد أمان يكون منزلك آمناً، اذا كان أمام منزلك جميلاً يكون بيتك جميلاً.

 

وزفّ حديفة الى أبناء المنطقة ان حديقة السيوفي التي كانت مقصداً ومتنفساً للقاطنين في المنطقة ومكاناً للاستجمام في أحضان الطبيعة، ستعاود فتح أبوابها خلال عام، إذ أن منظمة UNOP تقوم بتمويل أعمال تجديدها، على أن تنجز الأشغال خلال عام.

 

السكّان يشعرون بالأمان

 

أبناء الأشرفية الذين صادفناهم خلال جولة في المنطقة باتوا فخورين بمنطقتهم ، يلفّهم الأمان هم المعتادون على ممارسة رياضة المشي في أزقتها أصبحوا يمارسونها يومياً من دون تردّد بعد إضاءة الشوارع «لأن الضوء هو الحياة والطرقات المنظمة الى حدّ ما تبعث الأمل» كما قال أحدهم، بعد أن افتقده الشعب خصوصاً في ظلّ الأزمات وانعدام تأمين الدولة لأدنى متطلبات الحياة من ماء وكهرباء وترميم الطرقات… وحدّث بلا حرج.

 

إنطلاقاً من تلك التجربة، وفي ظلّ غياب دور الدولة التام في تأهيل وتنمية المناطق وتحسين الطرقات، لم لا تتحرّك سائر المناطق بسواعد ممثليها المقتدرين من أبناء الأمة والبلديات، لجمع المال وإنماء مناطقهم بدل شراء الأصوات خلال الإستحقاقات الإنتخابية، وهدر المال في غير مكانه؟.ومع ذلك، لا تبدو تلك الدعوات قابلة للتقريش. الاستعصاء الرئاسي قائم إلى زمن غير محدد.