IMLebanon

إستيراد وتصدير

 

 

ظلّ الشاعر سعيد عقل، وعلى مدى عقود، يردد أن لبنان صدّر للعالم “تلتين الحضارة” وذلك من إيام المرحوم موخوس المعروف بأبي الذرّة حتى هذا القرن العظيم.

 

صدّرت مدينة صيدون الفينيقو/ لبنانية/عربية صباغاً أرجوانياً. واستوردت باقي الألوان. وإحياء لذكرى الصدفة العجيبة أطلق الأخوان زاهي وفادي الحلو في بداية الألفية الثالثة الـ “موركس دور”. الموركس مفهوم يجمع بين جوائز الغرامي والأوسكار معدّ للتصدير.

 

صدّر لبنان الحرف ومحا أميّة البشرية، على زعم عقل. صدقاً لولا الحرف الفينيقي لغرقت أوروبا والأميركتان والصين واليابان وعالمنا العربي في مستنقعات الجهل والتخلّف وفي المقابل استورد لبنان، ولا يزال، كتب الفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية والطب والهندسة. أخت هالحرف!

 

صدّرت بيروت أمخاخها لأسباب إقتصادية واستوردت الأمونيوم لأغراض أسدية.

 

وصدّر لبنان خشب أرز باب أوّل. وبحسب المؤرخين فان قطع الارز من لبنان تواصل على مدى 20 عاماً، لبناء هيكل سليمان. فلتتكسر أيديهم على ما اقترفوه، ويُقال إن البطريرك اسطفان الدويهي أهدى في العام 1674 جذع أرزة اقتلعتها العاصفة إلى الملك لويس الرابع عشر لينحت منها تمثالاً. وإنصافاً للدويهي فالجذع المرسل إلى باريس كان مقتلعاً.

 

يستورد لبنان أدوية للسرطان والسكري والتصلّب اللويحي ويصدّر أجود أنواع الكبتاغون وحشيشة الكيف.

 

إستورد لبنان في آخر أربعينات القرن الماضي المايوه البيكيني المسيء لحرمة الجسد وصدّر للغرب في القرن الحالي مفهوم المفاخذة!

 

صدّر لبنان أولاده المميزين والواعدين، واستقبل إخوة وأشقاء ملأوا السهول والجبال والوديان والمدن والدساكر فرحاً وحبوراً.

 

صدّر لبنان الفساد واستورد العقوبات.

 

يستورد لبنان التكنولوجيا ويصدّر المجاهدين.

 

لم يتعادل ميزان الإستيراد والتصدير سوى في مجال الرقص. ورّدنا كلبنانيين ومصريين، الدبكة والرقص الشرقي واستوردنا السامبا والروك أند رول. كما تعادل على مستوى الأطعمة. صدّرنا الحمص بطحينة والتبولة واستوردنا السوشي والساشيمي. صدّرنا المناقيش بزعتر واستوردنا البيتزا.

 

يستورد لبنان سيارات من الدول الأمبريالية، ويستعد لتصدير مسيّرات للدول المناهضة اللأمبريالية ( لأغراض عسكرية).

 

يستورد لبنان بنزيناً وغازاً ومازوتاً ويصدّر عرقاً متلّتاً بلدياً أصيلاً وكشكاً بلدياً مزغولاً بنشاء.

 

يستورد لبنان عقائد غيبية وفكراً دينياً متطرفاً ويصدّر مكلّفين بتطبيق فتاوى القتل والتصفية. فعلى خطى أنيس النقاش وعلى درب محمود مصطفى مازح وعلى هدي المتطرفين سار هادي مطر، وفعله المخزي في نيويورك له صداه في لبنان. وزياد جراح المكنّى أبو طارق اللبناني نموذج آخر.

 

عاش لبنان التعددي ليحيا الإستيراد والتصدير.