IMLebanon

المستحيلات

زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت إلى بيروت، التي تأتي بعد زيارة رئيسه فرانسوا هولاند في شهر نيسان الماضي، مطلوبة من الأم الجنون سابقاً، لعلّها تساعد على تحريك الجمود على صعيد الاستحقاق الرئاسي المتعثّر لأسباب خارجية أكثر مما هي داخلية، خصوصاً وأن هذه الزيارة التي تأتي بعد اجتماعين عقدهما الرئيس الفرنسي في وقت سابق مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان ومع وزير خارجية إيران محمّد جواد ظريف وهما اللاعبان الأساسيان على الساحة اللبنانية واللذان يُنسب إلى دولتيهما مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية، وبعد المظاهرة الحاشدة للمعارضة الإيرانية في العاصمة العربية والتي شارك فيها مسؤولون كبارمن الدول العربية ما عدا سوريا ولبنان والعراق، هذه الزيارة لن تأتي بالترياق الرئاسي ولن تكون من حيث نتائجها أفضل بكثير من نتائج زيارة الرئيس هولاند للأسباب ذاتها وربما لأسباب أخرى أُضيفت منذ الزيارة الفرنسية الأولى إلى لبنان منها على وجه الخصوص تعثّر التفاهمات الدولية والروسية – الأميركية على وجه التحديد من أجل التوصّل إلى تسوية سلمية تُنهي النزاع القائم بين النظام وغالبية الشعب السوري الذي يقاتل من أجل سوريا بلا بشار الأسد ونظامه الديكتاتوري الفاشي الذي ما زال يعيش على دماء الشعب وعلى تهجيره من أرضه بدعم مطلق وغير محدود من روسيا التي كشفت عن مطامحها وإيران التي تطمح بتوسيع نطاق سيطرتها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط على حساب استقلال وسيادة معظم الدول العربية.

وليس غريباً ولا مستغرباً أن يسبق إعلام حزب الله والذين يسيرون في ركابه زيارة وزير خارجية فرنسا بشنّ حملة عنيفة وغير مسبوقة ربما في التعامل الدبلوماسي على الوزير الفرنسي وعلى مهمته في لبنان، وعلى الدور الإيجابي الذي تضطلع به فرنسا دولياً لإنقاذ هذا البلد من أزمته قبل فوات الأوان، إلا أنه يمكن الاستنتاج من هذه الحملة الإعلامية الإستباقية إذا صح التعبير بأن فرنسا غير مرغوب بها وبوساطتها وأن هذه الزيارة لن تغيّر في الواقع القائم بشيء حتى ولو نجح رئيس الدبلوماسية الفرنسية في توحيد الجبهة المسيحية حول رئيس للجمهورية الأمر الذي يبدو مستحيلاً نظراً للتأثير الإيراني القوي على القيادة المسيحية التي تعتبر نفسها أنها الأقوى شعبياً ونفوذاً داخل الطائفة المارونية ألا وهي التيار الوطني الحر ومؤسسه العماد ميشال عون الذي تحوّل إلى أداة في يد حزب الله وربيبته الجمهورية الإيرانية الإسلامية التي جعلت لبنان بواسطته وعبره أسيراً عندها، غير قادر على التحرر بسبب سلاح حزب الله الذي هو امتداد لنفوذها في الإقليم، إلا في حالة واحدة، وهي أن يُقرّر عماد الرابية التمرّد على حزب الله وإيران ويقبل بفك أسر الجمهورية وانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون من إصطفافيّ 8 و14آذار، ويبدو أن هذا الاحتمال أصبح من سابع المستحيلات بعد أن فوّت عون كل الفرص السابقة لإنهاء الأزمة الرئاسية وإبعاد شبح الخطر على الجمهورية التي يدّعي تمسكه بها وحرصه على بقائها.