IMLebanon

ردّاً على تطاول.. وما قد يتبعه من ردود!

 

كيف يتطاول على مقام المثلث الرحمة البطريرك الراحل إنسانٌ فرد يحتلّ غير موقع عام وفي هذه المرحلة من حياتنا الوطنية؟

 

كيف يتطاول عليه هو الذي نذكر جميعاً طول أناته وبُعد نظره وتعمّقه في سبر غور الأشياء، ورائده في ما يقرّره، الإخلاص للمصلحة العامة، لا يفرض رأيه على أحد، يقترح في وداعة ويدافع في غير عنف، ويناقش في حلم إذا ما اشتدّ نقاش أو تأزّم موقف، وقد أعاذه الله من سوء الغضب، وعصمه من سرف الهوى، وصرف ما أعطيه من قوة إلى حبّ الإنصاف؟

 

كان بطريركنا الكبير، مع واسع علمه وعظيم خبرته، لا يتسرّع في الحكم على الأشياء، بل كان يصمت عند الشك، ولا يخجل من الجهر بعدم المعرفة في الأمور التي لم تخطر له، فما كان أنانياً، وإنما كان يحبّ إلتقاط الرأيَ الصائبَ ممن هو دونه علماً وخبرة وسنّاً ومقاماً، شأنه في ذلك، شأن العظماء الذين ما وجد الغرور إليهم سبيلاً.

 

نحن المفجوعون بفقده، وشعورنا لا يزال يتألم من هول الصدمة، بفاجعة هذا البلد فيه، نسأل: كيف يتسنّى لمواطن فرد يتسنّم أكثر من مقام اجتماعي، أن يرسل لنزواته العنان ويتحدث بإسفاف ما بعده إسفاف، ولا تزال صور البطريرك العظيم على الشرفات، وفي القلوب، وطيف بسمته الصادقة وإشراقته الوضّاءة، ماثل أمامنا، تضيق أطباق الثرى عن أن تضيّعه؟

 

صورة البطريرك صفير الغائب الحاضر بارزة أمامنا، باسمة أو حزينة لا أدري، فهل تراها، على الرغم من بعض المظاهر الماضية والحاضرة، تعكس عناصر الخير والحب وتنبئ للمستقبل بألسنة لا تتحرّك إلا للعدل نظيفاً بريئاً سليماً، وأيدٍ نقيّة طاهرة لا تمتدّ لسوء أو يعلق بها دنس؟

 

أيتها الألسن الفاسدة والمفسدة التي تنمّ على نفوس سافلة، اخرسي دفعة واحدة، ويا أيها الفاسدون والمفسدون على غير صعيد وفي غير مجال، ألا فانتحروا جماعيّاً!

 

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه