IMLebanon

في أبعاد أزمة التأليف  

 

لا يمكن أن يكون ما يجري على مساحة تشكيل الحكومة مجرّد شهوة الى السلطة وقد عصفت رياح الإستيزار (… والحصص) بأطراف  عديدة حتى تلك التي تزعم انها زاهدة في جنّة الحكم، إنّ هو إلاّ   زهدّ مصطنع.

 

وفي تقديرنا أنّ المسألة ابعد بكثير. صحيح أنَّ الاقوام يسعون إلى تناتش كعكة السلطة. وصحيح في المبدأ والمنطلق  أنّ غاية الانخراط في العمل السياسي هي الوصول الى الحكم لتنفيذ ما يفترض انها  برامج توضع وتعمّم وتخاض الانتخابات النيابية على  اساسها. ولكن الصحيح أيضاً أنّ ما نشاهده ونعايشه يتعدّى  الاهداف النبيلة عندنا، ليطاول ابعاداً قد يكون بعضها على قدر كبير من الخبث حيناً والخطورة احياناً:

1-  اننا لا نستبعد ما يتردّد في اوساط كثيرة من أنّ قراراً متخذاً بعرقلة عهد العماد ميشال عون الذي بات معروفاً انه يعوّل كثيرا على تشكيل حكومة تكون على كفاءة تامة كي تتولّى ترجمة افكار واراء ومخططات سيد العهد والحكومة عموماً، خصوصاً في مرحلة صعبة جداً على لبنان والجوار ما بات معروفاً ولا نرى ضرورة لتكرار الخوض في تفاصيله.

2- واستطراداً ليس من الضرب في الرمال او الغرق في الخيال اذ نكرر ما قلناه غير مرة، هنا بالذات أنّ الذين اصابهم المغص من وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية بات لديهم مغصّ مزمن… وهم لن يتخلفوا عن استغلال اي وسيلة او قضية او مسألة او مأزق او ازمة (…)  لتوظيفها  في الحملات المفتعلة على العهد والتي اخذت تتصاعد في الايام الاخيرة ما يطرح السؤال عن المدى الذي سيذهب اليه «الممغوصون»  في حملاتهم، وفي وسائلهم واساليبهم ضدّ العهد.

3- في الموازاة فإنّ ما زاد في طين هؤلاء بلّة أنّ الانسجام لا يزال قائماً،  ووثيقا، بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري. وبقدر ما يأمل المخلصون (وما اكثرهم) ان يستمر هذا الانسجام فتزداد علاقة الرجلين وثوقاً،  فإنّ جوقة (بل جوقات المتضررين) تعمل ليلاً ونهاراً على نصب الفخاخ ودق الاوتاد كما ذكرنا في عجالة سابقة من «شروق وغروب».

4- وبالتالي فإنّ ثمة هدفاً استراتيجياً (اجل استراتيجي وبإمتياز) بات المتضررون يسعون اليه بجديّة، وهو ضرب العلاقة بين الرئيسين اللذين، وفق معلومات اكيدة متوافرة، يعملان على تعزيز التفاهم القائم بينهما، وهذا ما يفقد الكثيرين صوابهم.

5-  طبعا لسنا من السذاجة لنربط هذا كله بالشهية المفتوحة على جنّة الحكم، او بالرغبة في تقويم الامور فحسب… او بالوضع الداخلي وتطوراته في حدّ ذاتها. فالمجال الاقليمي والدولي هو ايضا مفتوح على شهية من نوع اخر، شهية تقاسم النفوذ، وشهية تعزيز النفوذ، وشهية تثبيت المكاسب ان وُجدت، وشهية تنازع النفوذ والمكاسب في المنطقة التي لا شك في أنّ ما يدور فيها ينعكس عموماً على الوضع اللبناني الداخلي ذي الحساسية الكبيرة لما يحوط بنا، وهذا ليس جديداً.

ويبقى الامل في ان تشكل الحكومة قريباً ونشهد ابتداءً مما تبقى من هذه السنة الثانية من العهد وما يليها من سنوات عمره المتبقية انجازات يبدو لبنان في أمسّ  الحاجة اليها، ولا نقول جديداً اذا ذكرنا منها الاكثر الحاحاً في تقديرنا وهي مسائل وازمات النفايات والكهرباء والوضع الاقتصادي وطبعا البنى التحتية. و «سادر 1»  ينتظر الحكومة  لتظهر بوادر ايجابياته  في ما ذكرنا انفاً وسوى ذلك مما يحتاجه هذا الوطن.

وتبقى كلمة اخيرة: صحيح أنّ الرئيس سعد الحريري تحدث عن حكومة الوحدة الوطنية وهذا جيد في لبنان وطن الحوار والتوافق …  ولكن ماذا لو لم يشأ البعض ان ينخرط في هكذا حكومة؟!