IMLebanon

لمصلحة من يعرِّض وزير الخارجية مصالح ستمائة ألف لبناني للخطر؟

 

 

قليلة هي المناسبات التي لا يطلق فيها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل مواقف مثيرة للجدل، أبعد ما تكون عن الأصول والليقات التي يجب أن يتمتع بها من موقعه كرئيس للدبلوماسية اللبنانية، في وقت أحوج ما يكون لبنان لوزير خارجية متمرس يجمع ولا يفرق، ويوثق عرى علاقات لبنان العربية والدولية، لا أن يكون أداة لتعريض مصالح اللبنانيين للخطر، كما هي حال الوزير باسيل الذي له في كل عرس قرص، مطلقاً تصريحات أثارت وتثير استياء الأشقاء والأصدقاء، والتي كان آخرها الإساءة التي اقترفها بحق المملكة العربية السعودية التي فتحت أبوابها لما يقارب من ثلاثمائة ألف لبناني، ووقفت إلى جانب لبنان في أوقات الشدة والرخاء، كما هي حال دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تقصر في مد يد العون للبنانيين، وكانت دائماً السباقة في مساعدتهم على كافة الأصعدة.

 

ولا يخفى على أحد أن هناك استياءً خليجياً رسمياً وشعبياً من عشوائية وارتجالية مواقف الوزير باسيل، وهذا ما من شأنه أن يعرض مصالح لبنان مع الأشقاء الخليجيين للخطر، عدا عن أنه في الوقت نفسه يثير المخاوف لدى أبناء الجالية اللبنانية في دول مجلس التعاون، من أن يقعوا ضحية هذه المواقف «الباسيلية» التي «لا تركب على قوس قزح». ففي كل مرة يوجه هذا الوزير «النجيب» انتقادات للمملكة العربية السعودية ودول خليجية وعربية، ثم يعود ويتراجع عنها، بعدما تكون أثرت سلبياً على علاقات لبنان مع هذه الدول، وفي أكثر من اتجاه وكأنه لا يدري بأن لبنان المغلوب على أمره، بحاجة إلى من يقف معه في أزماته التي تتوالد بين الحين والآخر، جراء سياسات طائشة رعناء أوصلته إلى ما وصل إليه على مختلف المستويات .

 

وقد أكدت ل»اللواء» مصادر دبلوماسية عربية، أن «ظروف لبنان الدقيقة تستوجب حداً أدنى من المسؤولية في التعاطي مع الملفات التي تتعلق بمصالح لبنان الخارجية، وتحديداً مع الدول العربية الشقيقة، وهذا ما يفرض العمل من جانب  بعض المسؤولين على الارتقاء بهذه الملفات إلى ما يبعدها عن كل إساءة مفترضة، بسبب موقف أو ردة فعل، فيما الجميع يعلم أن الدول الخليجية كانت السباقة في الوقوف إلى جانب لبنان، كما أنها كانت تتجاوز دائماً ما تتعرض له من إساءات من جانب أطراف لبنانيين، الأمر الذي ينبغي أن يكون هناك حرص متبادل من جانب بعض القيادات اللبنانية على إبقاء العلاقات اللبنانية الخليجية منزهة عن كل ما قد يعتريها من شوائب تسيئ إليها وتعكر صفاءها».

 

وفي الموازاة، فإن اللبنانيين المتواجدين في دول مجلس التعاون الخليجي، يضعون أيديهم على قلوبهم، في كل مرة يتناول فيها الوزير باسيل الشأن الخليجي، مخافة أن ينزلق في كلامه ويسيئ إلى هذه الدول، بما يعرض مصالحهم في الخليج للخطر، على نحو ما قاله من أنّه ضد العمالة السعودية لدى لبنان، متناسياً أن هناك أكثر من ربع مليون لبناني، من أصل ستمائة ألف لبناني يعملون في الدول الخليجية، ويحوّلون إلى وطنهم الأم ما يقارب من ثمانية مليارت دولار سنوياً، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان، والتي تستوجب دفع العلاقات اللبنانية الخليجية قدماً، بهدف تعزيزها على مختلف المستويات، لأن لبنان بحاجة لأن تبقى هذه العلاقات في أفضل مستوى، في وقت تساءلت مصادر نيابية عن مبررات الحملات التي يشنها على بعض الدول الشقيقة التي ما قصرت يوماً في حق لبنان؟ داعية وزير الخارجية إلى مراجعة مواقفه التي تركت أصداء سلبية في عدد من العواصم الخليجية، حيث يلمس الزائر لها الاستياء من هذه المواقف التي من شأنها إبعاد لبنان عن محيطه العربي، وهذا بالتأكيد ليس في مصلحته وستكون له تداعيات على علاقات البلد بأشقائه الخليجيين إذا لم يقتنع أطراف سياسيون ومن بينهم الوزير باسيل وفريقه، أن الإساءة لدول مجلس التعاون، هي أولاً وأخيراً إساءة للبنان وشعبه، محذرة من أن رئيس الحكومة سعد الحريري لا يمكن أن يقبل باستمرار تعريض مصالح لبنان للخطر، وسيقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه التعرض للأشقاء الخليجيين .