IMLebanon

الاستقلال 2014.. بين المناورة والمراوحة!

تحتفل الجمهورية اليتيمة بذكرى استقلالها في 22 ت2 في مشهد ديمقراطي وميثاقي ناقص.. فالفراغ لا يزال يحتل رأس السلطة، والجيش، المؤسسة العسكرية التي تحظى بإجماع اللبنانيين المطلق، مشتتة الأنظار بين الشمال والبقاع والجنوب، محاولة فرض الأمن ودرء الفتن ومحاربة الإرهاب في آن، ومجلس النواب مستمر في المراوحة في التعطيل.. أما مجلس الوزراء فهو المؤسسة الرسمية شبه الوحيدة العاملة، محاولاً التعالي فوق الخلافات والكيديات واستئناف الأعمال قدر الامكان لتيسير امور العباد والحفاظ على صورة لبنان – الدولة أمام المجتمع الدولي، حتى لا تنزلق البلاد في خانة الدول الفاشلة!

مشهد قاتم، إن دل على شيء، فهو يدل على عجز الطبقة السياسية الحالية عن إدارة الأزمات الداخلية بعيداً عن الضغوط الخارجية، وعدم قدرتها على استيلاد الحلول الوسطية التي تحفظ الحد الأدنى من التوافق والتنسيق الداخلي حتى لا تتسلل الفتن ولا تستوطن الحروب.

أما الطرح الذي أعلنه النائب ميشال عون في مقابلة تلفزيونية حول استعداده للمنافسة حصراً مع د. سمير جعجع في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية قد تصلح ان تكون خطوة نحو الأمام لكسر جدار الركود.. إلا أنها خطوة ناقصة لأنها تضرب معايير الديمقراطية، وتحرم المرشحين الآخرين من حقهم في ممارسة اللعبة السياسية بحرية تامة، حيث فتح الدستور باب الترشح أمام كل من يستوفي الشروط ولا مبرّر للتلاعب على الدستور أو تحريفه وحصر القرار اللبناني بأيدي بعض المرجعيات المسيحية على أساس طائفي بحت!

إن محاولة رمي كرة التعطيل عند الأفرقاء الآخرين ممكن ان تخدم العماد عون، ولكن على مدى قصير جداً، إذ أن الخروج من المأزق الحالي يتطلب حواراً جدّياً بين الأطراف المعنية وقراراً حاسماً قابلاً للتنفيذ من حيث التوافق على قانون انتخابات عصري يحاكي تطلعات شعب تعب من توريد طاقاته للخارج، ويئس من كبت قدراته وإبقائه أسيراً في قاع الديمقراطيات والحريات، محروماً من أدنى حقوقه المدنية ومن فرص إثبات نجاحاته المهنية والاقتصادية العديدة! إضافة إلى انتخاب رئيس للجمهورية لأن التعطيل الحاصل قد كشف للرأي العام حقيقة النوايا الكامنة وراءه وأولوية كل فريق مهما حاول التلطي خلف واجهة الطائفة او الحرص على المركز.

إن الاستقلال هذا العام هو أكبر دليل على غياب المصلحة الوطنية عن الأجندات المحلية، المرتبطة بشكل وثيق بالأجندات الخارجية، فأطاحت بالطائف، المعطل أصلاً، وبمؤسسات الدولة وهيبتها.. فالفريق المسيحي، المعني الأول بالرئاسة آثر الفراغ عن التنازل، والفريق المسلم، المعني الأوّل بالأمن الوطني فتح أبوابه للفتن والتطرّف خدمة لمخططات خارجية بحتة، هجينة عن المجتمع اللبناني والقيم الإسلامية الحقيقية.

لم يهز أحد الفراغ الحاصل ولا الشلل العام في مؤسسات الدولة، ولم تثقل المسؤولية كاهل أي فريق، فهل تنجح محاولة العماد عون في إحداث خرق في جدار المراوحة، أم أنها مناورة جديدة لا أكثر ولا أقل؟!