أفاد مندوب “الوكالة الوطنية للإعلام” من بعبدا يوم أمس “أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقوم بالجهود اللازمة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة وذلك بهدف تسهيل هذه الاستشارات”.
يبدو الخبر في ظاهره عادياً وإيجابياً فيما يشي مضمونه بالعكس. في القراءة المسطحة تجد المسار الدستوري ماشي بحسب الأصول، لكن من يعد قراءة الثلاث والعشرين كلمة تستوقفه نقطتان أساسيتان:
أولاً: أي “جهود” يستلزمها تحديد مواعيد للكتل النيابية لتسمية مرشحها لرئاسة الحكومة، سوى فتح دفتر المواعيد، والمباشرة بالإستشارات الملزمة كما ينص الدستور.
ثانياً: أي عقد ممكن أن تواجه الإستشارات في بعبدا كي يذللها الرئيس ؟ وهل نحن أمام مسألة رياضية بالغة الصعوبة يحاول رئيس البلاد أن يسهّلها على النواب الممتحنين كي لا يرسبوا في المسابقة ويضطر الى أن يستقبلهم مرة ثانية؟
الأرجح أن “العهد”، وبخلاف ما ينص الدستور، يفضّل أن يتسلّم اسم رئيس الحكومة العتيد، لا بل يحبّذ تسلّم التشكيلة كاملة مكتملةً بجبرانها وحقائبها الموزعة على ذوي الحظ والحظوة، قبل فولكلور الإستشارات كي لا يفاجأ،لا سمح الله، باسم فؤاد عبد الباسط السنيورة مرشحاً متفقاً عليه بين الكتل الأقرب إلى نبض الشارع والأبعد عن “النهر الجارف”، وبأن الأغلبية النيابية الحالية التي تضم “الحزب ـ القائد” وملحقاته و”الحركة” والتيار”… منقسمة بين مرشحين: مصطفى حمدان أو عبد الرحيم مراد. المفاجآت، بعد الإستقالة ـ المفاجأة، غير مستحبة.
وإذا كان تريث “العهد” مردّه إلى رغبته في استمزاج رأي قوى المجتمع المدني بشكل الحكومة المطلوبة ودورها وصيغتها، فتلك مهمة رئيس الحكومة المكلف أولاً وآخراً، والآراء مهما تبعثرت فهي مجمعة على حكومة اختصاصيين،أما إذا كان الأمر يتعلق بالتوازنات والحصص فكيف يُقتسم جلد الدب قبل اصطياده؟.
في المحصلة: أن تتحدد مواعيد الإستشارات، بعد الإتفاق على اسم رئيس الحكومة ووزرائه، هو إهانة “دوبل فاس”: إهانة لـ128 نائباً أولاً، وإهانة لما كان يسمى “كتاباً” وبات اليوم لزوم ما لا يلزم. وبالمناسبة كل سنة ونحن طيّبون في تلك الشركة المسماة “جمهورية” والأنكى أنها ذات نظام برلماني أيضاً.