IMLebanon

جردة حساب للتربية… بلا أوهام!

ونحن نشهد اجراء الامتحانات الرسمية في أجواء هادئة، يسجل للتربية عبور هذا الاستحقاق المهم، بعد تجربة العام الماضي القاسية التي انتهت بمنح إفادات للمرشحين. لكن ليس كل ما يحدث في التربية إنجاز في ذاته. فإجراء الامتحانات والتصحيح ومتابعة أوضاع المدارس والمعلمين وتأمين الحاجات واستقطاب الكفاءات ووقف التعاقد، ملفات دائمة في التربية، وهي لا تُدرج في خانة الإنجازات، إذا اعتبرنا أن الأمور التربوية والتعليم من مهمة الوزارة، وعليها أن تكون جاهزة باستمرار لمواكبة التطورات ومعالجة المشكلات التي تطرأ، الى ملفات أخرى تتعلق بتطوير المناهج وإعداد المعلمين وتنظيم عمل المدارس. ولعل الحديث عن إنجازات لا يمكن أن ينطلق إلا من باب الإصلاح، وعليه تُبنى مساهمات جديدة في رفد التربية والتعليم بكل ما من شأنه أن يعزّز موقع لبنان التربوي في الحقلين الجامعي وما قبله، واستعادة التعليم الرسمي رونقه وقدرته على استقطاب أبناء الطبقة المتوسطة الذين هجروه منذ أن فتكت الحروب بالنسيج الاجتماعي والقطاعات التي شكّلت عنوان تلاقي اللبنانيين.

والإصلاح لا يستقيم إلا بتقويم تربوي شامل للسنة الدراسية. تقويم نقدي للإفادة من الثغر ورسم خريطة طريق لإصلاح التعليم. وهي الطريقة التي تحفظ موقع وزارة التربية وتشرّع التطوير وتفتح باب الحديث عن الإنجازات. لكن بعض ما نشهده يبدو مختلفاً، فلا يمكن الحديث عن تجاوز الأزمات التي ترافقنا منذ العام الماضي، قبل الشروع في عملية تقويم جادة لكل ما حصل، فها هي الإفادات لا تزال حاضرة في قاموسنا، وما يُحكى عن تقدّم في التربية والتعليم وحسم ملفات يحتمل الكثير من التأويل والنقاش.

ولأن الإصلاح عملية مستمرة في التربية، فإن صدقيته تسقطإ اذا اختصر الحديث عن إنجازات لم تتحقق، وذلك إذا اعتبرنا أن مشاريع كثيرة أعدّت في عهود وزراء سابقين لم تنفّذ، لكنهم وضعوا لُبنتها الأولى، وهي ليست انجازاً لعهد بعينه. أما ما حصل العام الماضي من منح إفادات والاستمرار في ترحيل السلسلة وأزمات اللاجئين وانعكاسها على التعليم الرسمي، فلم يجرِ نقاش جدّي لتجاوز ما تركته من آثار سلبية على التربية في مقابل وضع الخطط لمواجهة ما قد يحدث في المستقبل.

والسؤال عن التقويم يبقى الأساس، إذ لم نعتدْ في الإدارات العامة والوزارات إجراء جردة حساب، ويحق السؤال، ماذا عن التعاقد والمعلمين والرابطات؟ وماذا عن المناهج والكتب وعن التعليم الرسمي والمدارس وسلسلة الرتب والرواتب والتجهيزات؟ قد يكون التفكير في عرض الإنجازات حق لأصحابه، إذا كانت ملموسة وواقعية، أما ونحن في مرحلة صعبة ومعقّدة تربوياً، فلا مجال إلا للبحث في حل المشكلات ومواجهة الاستحقاقات التعليمية، قبل أن نتحدث عن ملفات ومشاريع تحتاج إلى قرارات لمواجهتها مباشرة من الوزير، فيما القصور يهزّ التعليم الرسمي، وينخره حتى العظم!