IMLebanon

عطب التحقيق وجدوى زيارة ماكرون

 

سواء كانت خلفية ردة الفعل على ادعاء المحقق العدلي القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل، غازي زعيتر ويوسف فنيانوس رفض الانتقائية في مسار التحقيق في انفجار 4 آب الماضي الكارثي، أو كانت بهدف تصويب التحقيق كي يستمع إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فلا تقتصر الملاحقات على جهة نتيجة ضغوط على القضاء، أو غلبت عليها المغالاة التي نقلت الأمر إلى مواجهة طائفية سنية مسيحية، فإن التحقيق القضائي أصيب بعطب تصعب معرفة وسيلة إصلاحه.

 

إحدى ثغرات التوجه بهذا الادعاء نحو من تناولهم، أنه خلط بين صيغتين قانونيتين، في شكل أدى إلى تعقيد المسار الذي سيسلكه بعد السجال القانوني الذي شهدناه في الأيام الماضية: مقاضاة المدعى عليهم أمام القضاء العادي، أم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، في حال تمت إدانة أي منهم؟ إلى أي جهة تحال ملفات المسؤولين السياسيين الذين تحوم حولهم شبهة إهمال التحذيرات من خطورة وجود المواد المتفجرة في مرفأ بيروت؟ الصيغة الأولى هي التي جاءت في التبليغ الذي بعث به القاضي صوان إلى المدعى عليهم باعتبار أن الجرم الجزائي المدعى عليهم به يجيز له ملاحقتهم. والصيغة الثانية رسالة القاضي صوان إلى رئيس البرلمان نبيه بري في 25 الشهر الماضي، طالباً إليه اتخاذ الإجراءات اللازمة في المجلس النيابي. الصيغة الثانية إذا جرى اعتمادها تعني ألا يخضع أي منهم للاستماع إليه أمام صوان، في انتظار إحالة ملفات التحقيق إلى البرلمان كما طالبه بري، بعد استلامه الرسالة.

 

الأيام المقبلة ستحسم أياً من الصيغتين سيرسو عليها القاضي صوان. فهو يحتاج أيضاً إلى معالجة التناقض الذي ظهر في لائحة أسماء المدعى عليهم بين الرسالة التي وجهها إلى بري وبين التبليغ لدياب والوزراء الثلاثة. فالرسالة إلى بري تضمنت أسماء رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة سعد الحريري، نجيب ميقاتي وتمام سلام، إضافة إلى وزراء الأشغال السابقين ومن بينهم الوزير غازي العريضي الذي كان استقال قبل 10 أشهر من نقل كمية نيترات الأمونيوم إلى العنبر الرقم 12 من الباخرة الراسية قرب المرفأ، إضافة إلى وزراء العدل السابقين ومنهم المستشار الحالي في الرئاسة، سليم جريصاتي، والوزيرة الحالية ماري كلود نجم. وهؤلاء جميعاً لم يدعِ القاضي عليهم… فضلاً عن تجنبه الاستماع إلى رئيس الجمهورية على رغم إعلانه أنه تبلغ بوجود المواد المتفجرة.

 

العطب الذي يراه سياسيون وقانونيون في مسار التحقيق، نتيجة التناقضات بين الصيغتين القانونيتين واختلاف الأسماء المشتبه بمسؤوليتها في كل منهما، أطلق التحفظات السياسية التي أخذت طابعاً طائفياً، وحوّل التحقيق إلى واحدة من قضايا الخلاف السياسي المستعر على إدارة أزمة البلد ومنها تأليف الحكومة. صار العطب القانوني سياسياً، نظراً إلى قناعة رؤساء الحكومات السابقين بأن عون وفريقه يستخدمان القضاء في المعركة ضد الحريري في عملية التأليف، لحمله على التنحي، فيما قرار الأخير التمسك بالتكليف.

 

على رغم حاجة البلد إلى فك الارتباط بين التحقيق في جريمة انفجار المرفأ وبين تأليف الحكومة، سيصعب ذلك إلى درجة أن زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون ما زالت تخضع للدرس، هل يكتفي بزيارة جنود بلاده في الجنوب، وبلقاء مع الرؤساء الثلاثة، من دون لقاء أي من الفرقاء؟ حتى لا تقتصر النتيجة على شكوى كل منهم ضد الآخر.