IMLebanon

إيران لإسرائيل: لكم فلسطين ولي الخليج

من يراقب المسار الانحداري السريع الذي يسلكه «حزب الله» هبوطاً من قمم «المقاومة» الشاهقة في الجنوب.. إلى دهاليز القتال الميليشيوي في الأزقة العربية، لا بدّ وأن يلحظ مفارقة عجيبة غريبة!

فإيران التي يقوم «حزب الله» بكل ما يقوم به قتالاً وقتلاً ودماراً في المنطقة، مغامراً ومقامراً بكل ما له من رصيد مقاوم على طاولة اللعب بأمن العرب وصولاً إلى تجيير رصيده هذا من خانة «المقاومة» المقاتلة لإسرائيل إلى خانة «المنظمات الإرهابية» المعادية للعرب والعالم.. هذه الإيران نفسها، التي يعادي الحزب العرب والغرب لأجلها ويستبسل مقاتلوه ويستميتون «حرفياً» لأجلها ولم يبخل في وصم نفسه وجمهوره بالإرهاب لأجلها، تراها تجهد وتستبسل وتستميت في سبيل نزع صفة الإرهاب وتمويله عنها لدرجة استجداء المجتمع الدولي إعادة ضمّها إلى الحاضنة السياسية والمالية «الاستكبارية» العالمية، والتوسل لإعادتها إلى دائرة العلاقات الدولية الودّية مع «شياطين» الغرب، الأكبر منهم والأصغر.

حتى فلسطين، التي شكّلت «حصان طروادة» إيرانياً انغماسياً في الجسم العربي، لا تقيم لها طهران أي وزن قومي وهي لم ترَ في قضيتها يوماً سوى «شمّاعة» شعبوية للانسلال من تحتها باتجاه تحقيق هدفها المركزي في تقاسم المنطقة مع واشنطن وإسرائيل على قاعدة: لكم فلسطين ولي الخليج.

وإذا كان لمتهم أن يقول إنّ في الأمر تحريفاً للحقائق وتأويلاً للمعطيات، فهل هناك سند أبلغ إنباءً عن محاباة إيران لإسرائيل من كلام عضو البعثة الإيرانية الرسمية إلى نيويورك عام 2010 لأحد الخبراء الإسرائيليين في مقر الأمم المتحدة؟

يومها في اجتماع حضره مسؤولون أمميون وشخصيات أميركية، وبحسب التسجيل الصوتي الذي تم تسريبه ويوثّق حرفياً محضر الاجتماع، قال الإيراني سيد كريمي للإسرائيلي أفنر كوهين: «نحن نبني أنفسنا (…) ندعوكم للقدوم إلى إيران والاستثمار فيها، تُعتبر آسيا الوسطى سوقاً واعداً ويمكنكم أن تخلقوا فرص عمل هناك». وحين أبى الخبير الإسرائيلي التجاوب مع مناشدة المبعوث الإيراني الإسرائيليين فتح قنوات تواصل واستثمار فورية مع طهران، ما كان من كريمي إلا أن عاتب كوهين متودّداً بالقول: «بهذا أنتم فعلاً تعزلون أنفسكم، إيران دولة كبيرة بتعداد سكان يصل الى 70 مليون نسمة، مصادرنا من النفط والغاز كبيرة جداً، أنتم في الواقع تعزلون أنفسكم بعدم حضوركم في إيران.. على كل حال الحوار وتبادل الآراء والحقيقة أشياء جيدة وعلينا أن نعيد ضبط الأمور والبدء من جديد».

وبعد ست سنوات، ما أعاد إلى الأذهان حوار كريمي كوهين ذلك التشديد المؤسف من أمين عام «حزب الله» على كون قتاله في اليمن «أشرف» من قتال إسرائيل، ليعود فيُتبع التشديد بتأكيد قاطع متقاطع آخر جزم فيه بعدم نية الحزب خوض الحرب مع الإسرائيليين.. وبعدم نية الحزب الانسحاب من ساحات الحروب مع العرب!

الحقيقة ولو كانت جارحة تبقى حقيقة: إيران تسعى إلى بلوغ هدف تقاسم المنطقة العربية مع إسرائيل ليس إلا.. وفي الأثناء تمتصّ دماء «حزب الله» لتغذية أوردتها التوسعية.