IMLebanon

المحور المُتساقط والتحرّر الحتميّ

 

لم يعد لمحور المُمانعة الفاشل، من حيلٍ يُسوّقها أمام قواعده الشعبية المخدوعة إلّا استخدام الشعارات العنفوانية الفارغة والمُدافعة زوراً عن الكرامات المذهبية، ولم يعد له من حججٍ يستند إليها لمواجهة الفئات اللبنانية الرافضة له إلّا ممارسة العراقيل لشؤونهم والضغوطات على حياتهم والتهديد والتهويل بالحرب الأهلية والقتل والإيهام باستعداده للإنقضاض على الجميع ساعة الصفر، كما لم يعد يملك من مبادراتٍ يُطلقها نحو دول الخارج إلّا إعلان جهوزيته لتفجير الأوضاع في الإقليم والتسبّب بهجرةٍ جديدة لشعوبه باتجاه أراضيها وبلدانها.

 

لم يكن هذا المحور يوماً صادقاً بطروحاته وذلك نتيجة طبيعية لافتقاده للقضية المُحقّة وللمنطق السليم، فمشروعه التوسّعي على حساب المجموعات الأصيلة للمنطقة، لا يُمكن تبريره بل فرضه بالطرق الإرهابية الخبيثة والإلغائية المُجرمة، عكْسَ المُنظّمات التي تنشأ للمطالبة بمسائل مُحقّة ولقضية شعب أو مجموعة مظلومة، فالعنف الذي تعتمده المُنظّمات النضالية عادةً للفْت الأنظار لقضاياها بأسلوبٍ دمويّ وإجرامي يتمّ تصنيفه في عداد الأعمال الإرهابية، يحتمل الكثير من الحوارات حول الربط بين مطالبها المُحقّة وأعمالها المرفوضة، أمّا إرهاب محور المُمانعة فمُقنّع لأنّه يستخدم مرتزقة من مذاهب وطوائف أخرى تدلّ على كل شيء إلّا على محوره، لا بل من الممكن اتّهام معارضي المحور به.

 

تتفاخر المنظّمات عادةً بأعمالها الدموية كونها تُناضل لصالح حقوق شعبٍ ما أو مجموعةٍ قومية أو طائفية ما أو مطلب محقّ، أو لإسماع صوت عذابات شعبها المظلوم، ولكن عندما تستخدم إحدى المنظّمات مرتزقة إرهابيين، لتدلّ على غيرها أو على خصومها ولتبعد الشبهات عنها، فهذا يعني خبثاً يُراد منه مطالب غير محقّة، وهذا بالفعل ما يهدف له محور المُمانعة من خلال تهديداته بتحريك الإرهاب ضدّ كل من لا يُساهم بتمويل تسلّطه على شعوب المنطقة العربية الخاضعة حالياً لجبروته أو إتمام الترتيبات والصفقات الإقليمية لصالحه.

 

إنّ إلارهاب المُقنّع للمحور الذي نفّذ العديد من العمليات تحت شعاراتٍ مختلفة (من الجدير ذكره هنا أنّه تمّ تجريم النظام الإيراني حوالى 12 مليار دولار لتسهيله وصول الإرهابيين الذين نفّذوا الهجوم الإرهابي على الأبراج في أميركا سنة 2011 في الوقت الذي كانت الدعاية الإعلامية تدلّ على مسؤولية أطراف أخرى عن العمليات) قد قدّم الكثير من الخدمات لصالح هذا المحور، إذ كانت عملياته مدروسة لتأمين الأوراق التساومية للمفاوض الإيراني، وتمّ لاحقاً بيع هذه المُنظّمات الإرهابية من قبل النظام الإيراني لصالح حصوله على نفوذ ما في المنطقة.

 

لم يكن محور المُمانعة شفّافاً في أيّ من مقارباته، فتعاطيه مع كافة القطاعات الداخلية الحياتية كان مثالاً لمصّاص الدماء الذي يستغلّ مؤسّسات الدولة والشعب لأجل تقوية مقدّرات أعماله ودويلاته واستمراره جاثماً على رقاب الشعوب.

 

يسعى المحور المُتساقط والمفتقد للحجج السليمة وللعلاقات الطبيعية إلى استغلال أحداثٍ طبيعية أو من صنع الإنسان للمطالبة ببديلٍ لتسهيل أمور البشر، ومثال على ذلك ما يُطالب به النظام السوري حالياً من أثمانٍ لتسهيل تمرير المساعدات الأممية والدولية المُرسلة للشعب السوري القاطن في شمال غرب سوريا والمبتلي بزلزال تركع له الدول الكبرى والمُستقرّة والقادرة. واستطاع هذا المحور الخبيث في لبنان استغلال الكثير من السياسيين المتهافتين إلى السلطة والمراكز والمواقع من الفئات الأخرى وأخذهم أغطيةً وصوراً وشهادات لصالح تجميل صورته، حتّى وصلت الوقاحة عند البعض من هؤلاء إلى الإشادة بالنظام الإيراني وتطوّره وعلوّ شأنه، والمطالبة بالاعتراف بالنعمة التي يتحلّى بها الجيل الحالي الذي يعيش في زمن السيد حسن نصرالله.

 

مع إفلاس وفشل أنظمة هذا المحور وسقوطها سياسياً واقتصادياً ومالياً وإدارياً واجتماعياً، ومع نضوب حجج البقاء لديها، وانهيار الأسس والقيم التي بنت عليها شعاراتها ووجودها، ومع التسبّب بالدمار والكوارث لشعوب ودول المنطقة التي سيطرت عليها، ومع رسم الخطوط الحمر والدماء والأحقاد بين فئات شعوب المنطقة، ومع نجاحها بتحويل عدائية هذه الشعوب من وجهةٍ إلى أخرى، وباتجاه بعضها البعض، ومع التقهقر اللاحق بقيادة المحور في طهران، وسقوط آماله الكبيرة المعقودة على الاتفاق النووي لبيعه مقابل نيله النفوذ والتمدّد والتوسّع، مع كل ذلك يبقى على شعوب المنطقة أن تنتفض ضدّ قيادات هذا المحور، من العراق إلى سوريا واليمن ولبنان، والتحرّر منها، وذلك يتطلّب توحّداً وتوحيداً للجهود بين أبناء هذه الأوطان.

 

أن يصل نظام سياسي يقوده فكر إيديولوجي إلى هذا الدرك من الفشل والتخلّف والتسبّب بالآلام والعذابات للإنسان واعتماد الخداع من أجل الإستمرارية، وأن يصل نظام كهذا يعتمد على الشعارات السماوية والدينية والإيمان بالله، إلى التسبّب بالمعاناة والدمار والقتل والقمع للبشرية بدل السلام والرخاء والهناء والاحترام المتبادل، فهذا يعني السقوط الحتميّ، وإنّ تأخّر السقوط الفعلي لأنظمته ومنظّماته يعني إدانةً لمعارضيه كونهم غير مؤهلين للتحرّر منه، وهنا لا يجوز الشمولية، خاصةً في لبنان، إذ إنّ هناك من ناضل دائماً للحرّية في وطن الأرز ودفع الأثمان الكبيرة وقدّم آلاف الشهداء من أجل الوجود الحرّ وما زال يدعو إلى الوحدة والتجرّد ووضع الفروقات جانباً من أجل تحقيق التحرّر والعودة إلى الحياة الطبيعية والمسار التطوّري الذي يليق بالشعب اللبناني الحضاري والمُنتج.

 

(*) عضو تكتّل «الجمهورية القوية»