IMLebanon

هل تكون البحرين منطلق صفقة القرن؟!

 

لا يزال الرئيس الأميركي ترامب يواصل عملية التسويق لصفقة القرن، بشتى الطرق والأساليب، مستلهما في تصرفاته كفاءاته التي بنى عليها وجوده وثروته في حقول الاقتصاد والمال والأعمال وأسواق العقارات ودنيا الشركات والتي ما زال حتى الآن يلاقي إشكالات ومصاعب في معالجة الملاحقات المختلفة التي تطاوله لجهة المعلومات التفصيلية عنها والتهرب من دفع الضرائب المتوجبة عليها، وهذه الأمور تصنّف في الولايات المتحدة في إطار الجرائم التي لا تغتفر.

 

والعالم العربي والإسلامي لم يهتم حتى الآن، بكل ما تفتقت عنه عبقرية الرئيس اللعوب بصدد القضية الفلسطينية بكل مكوناتها، بدءا من نقل السفارة الأميركية إلى القدس مرورا بكل تفاصيل صفقة القرن التي ما زال الرئيس الأميركي يتحاشى الخوض في تفاصيلها لمعرفته الأكيدة بأنها ليست لقمة سائغة يمكنه فرضها متى شاء، ويتلاعب بها من خلال قناعاته إسرائيلية الطابع، وتأثره بوكيله المطلق صهره اليهودي القلب والقالب «طيب الذكر» كوشنر، الذي أوهمه أن صفقة القرن ستكون بشيء من الجهد والصبر، تحصيل حاصل.

 

وها هو الرئيس الأميركي، ونحن في صلب تفجر النزاع القائم ما بين الولايات المتحدة وإيران، وفي خضم الأخطار الحاصلة والمتوقعة نتيجة له، سواء تناول هذا النزاع، إقتصاديا أو عسكريا إيران والولايات المتحدة، أو تمدد إلى منطقتنا الملتهبة بشتى صنوف الإلتهابات الخطرة، والتي تتواجد فيها الأذرع الإيرانية المرتبطة مباشرة بالدولة الإيرانية وبالحرس الثوري ولواحقه، ها هو يفاجئ الجميع بهذا المؤتمر «الإقتصادي» الذي سيعقد في دولة البحرين، وهو مؤتمر مفتوح أمام الجميع ودعى إليه الجميع إلاّ أصحاب العلاقة، الفلسطينيون، بمن فيهم ممثليهم الشرعيين، في أغرب وأوقح عملية مساومة على الوجود الفلسطيني وقضية بكل تفرعاتها، بما يلغي اتفاق الدولتين الذي اقترن به ووافقت عليه كل الدول وكل المراجع الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن فضلا عن التجمع الدولي بأسره بدوله ومؤسساته كافة، قلنا إن هذه الدعوة لهذا المؤتمر الإقتصادي قد فاجأت الجميع، ولكن المفاجأة الحقيقية تكمن في كون الدعوة إليها قد انطلقت من بلد خليجي هو البحرين، وان المدعوين كما أشيع وأذيع، هم مسؤولون إقتصاديون ينتمون إلى أكثر من بلد عربي وان دولا بعينها قد دعيت إلى هذا المؤتمر وأن وزيرا إسرائيليا سيكون من بين الحضور، وبذلك، تكون صفقة القرن قد بوشر بتنفيذها بأولى خطواتها التي باتت تظهر إلى العيان بهذه الصورة «الإقتصادية» المستمرة بالغموض وبالإعلان الخجول حتى الآن بأن الرئيس ترامب سيطلق إلى الوجود العملاني مبادرته التي يطلق عليها تسمية صفقة القرن، ومنطلقها ينسجم تماما مع رؤيته العامة لقضايا العالم بأسره، فيسميها بالصفقة وهي بالواقع العملي «صفعة» تجارية عمادها المال والأرقام، وهي في ما علم من اطاراتها تخطط لأن يكون تنفيذها بشكل أساسي بالمال العربي وبالأرض العربية، وبتنفيذ المخطط الصهيوني الأساسي الذي يهدف إلى التهام فلسطين بأسرها، وإنكار الحقوق الفلسطينية في كل جوانبها وآفاقها وتطلعاتها، وترامب ينتظر إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفطر السعيد، ليتحفنا بافطار شهي يبشرنا فيه بغلبة إسرائيلية كاسحة لإسرائيل على فلسطين والفلسطينيين بل على العرب أجمعين، وإجبارهم على الوقوف في الصف الأميركي في إطار «ناتو» عربي متوافق مع رغبات الإدارة الأميركية التي طقّ لديها شرش الحياء وباتت تتعامل مع العالم العربي كله، كسلعة تجارية قابلة للأخذ والعطاء والتفاوض المالي والعقاري، بعد أن حوّل ترامب القضية الفلسطينية إلى سلعة تباع وتشترى وتقاد بالنتيجة الترامبية إلى حظائر الإستسلام للطموحات الإسرائيلية التي وجدت في ترامب خير رائد ومعين.

 

وبعد: هل المؤتمر «الإقتصادي» في البحرين هو أول الخطى في هذا السبيل الإستسلامي؟ هل كل هذه الضغوط المتفجرة داخل العالم العربي هي تلك التوطئة التي لا بدّ منها لترويض دولنا وشعوبنا إلى ما فيه خير أميركا وإسرائيل؟

 

هل أدركت إيران أنها وهي تطلق شعار «الموت لأميركا» معتبرة أن القدس قضيتها الأولى، وهل  حققت في هذه النتائج الكارثية التي ألحقتها بفلسطين وتوابعها من القضايا الإسلامية وذلك من خلال هجمتها على العالم العربي من خلال اختلاق ميليشيات داخلية، أسهمت حتى الآن في تهديم بعض دولها وطاقاتها، وتخوف دول عربية أخرى من تلقيها لنفس الضربات والطعنات، والمستفيد الأكبر من ذلك كله، هو الكيان الصهيوني الذي يعيش في هذه الأيام أحلى وأنجح أيامه وأحلامه؟ ولا يسعنا في هذا المجال إلاّ أن ننبه لهذه الخطوة المستغربة التي قامت بها دولة البحرين، والتي تمهد على ما يبدو إلى صفعة القرن الموجهة إلى العالم العربي بأسره والهادفة إلى وضع دوله في الصف الأميركي – الإسرائيلي، وهي وضعية مرفوضة، كائناً ما كانت ظواهرها وآثارها الآنية، إلاّ أن السياسة الأميركية التي ركّبت لنا بدعة صفقة القرن آيلة إلى التغيير والزوال وحذار للجميع من الاستسلام إلى بهرجها ووعودها وآفاقها التي تلبي كل طموحات إسرائيل لوضع اليد على كل المنطقة، إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس رغم حصوله، فهو يعد بالنتيجة فشلا لم تلحق الولايات المتحدة به إلاّ «غواتيمالا» وصفقة القرن ستلقى نفس النتيجة.