IMLebanon

هل يبادر عون إلى أبغض الحلال.. مع الحكومة؟

مبادرة العماد ميشال عون الى فتح معركة تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش بدلا من العماد جان قهوجي، فتحت ذاكرة اللبنانيين على التمديدين الاول والثاني لمجلس النواب الحالي، حيث تجرأ «الجنرال» أن يمضي وحيداً في إصراره على إجراء الانتخابات النيابية، في مواجهة الآخرين، بمن فيهم حلفاؤه، وكانت النتيجة أن التمديد حصل مرتين خلافاً لإرادته.

في حراكه الأخير باتجاه الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وكذلك في اتجاه حلفائه وسائر القوى السياسية، تمكن عون أن يبني شبه إجماع «نظري» يمهد الطريق أمام شامل روكز إلى قيادة الجيش، لكن الجميع قال عبارة «ولكن»، أي أن التعيين مشروط بالإجماع في مجلس الوزراء.. وإذا تعذر فلا مفر من السير بخيار التمديد للعماد جان قهوجي، كما لباقي الأمنيين، من زاوية حرص كل أطياف الداخل اللبناني على عدم المس بمعادلة الاستقرار.

واللافت للانتباه أن الموقف الذي أُبلغ لعون شيء أما الموقف الضمني لمعظم خصومه وحلفائه فشيء آخر، وهو موقف يلخصه قيادي في «14 آذار» بقوله إنه من المبكر تسليف عون هدايا مجانية، ويقول: «لنا تجربة سابقة مع عون ايام كان قائداً للجيش في عهد الرئيس أمين الجميل، وهي أوصلت إلى ما أوصلت إليه، ولا أحد يريد أن نُلدغ من الجحر مرتين، ثم لماذا نسلِّف عون هذه الهدية مجاناً، وهل يمكن تعيين قائد للجيش بمعزل عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبادر عادة هو إلى اختيار رأس المؤسسة العسـكرية»؟

وبرغم الشيء ونقيضه في مواقف الأطراف المعنية، فإن العماد عون يمضي في معركة تعيين العميد روكز في قيادة الجيش حتى نهايتها، وخطوته التالية «لن تكون الحكومة بمنأى عن شظاياها»، كما يقول مقربون منه، ويقول هؤلاء إن إقفال الأبواب أمام روكز معناه أن الآخرين، يدفعونه الى اتخاذ قرارات صعبة، وصولا الى رفع شعار «عليَّ وعلى أعدائي»، عبر طرح معادلة: تعيين روكز مقابل بقاء الحكومة». أي أن يبادر الى التلويح بالاستقالة وبفرط الحكومة اذا ما تم الاصرار على التمديد لقائد الجيش.

غير أن بعض العونيين ممن يقرأون الأمور بطريقة مختلفة، يقدرون أن «الجنرال» لن يحرق أوراق معركته الرئاسية، في معركة تعني له ولكنها ليست بأهمية معركة الرئاسة، ولذلك سيرفع سقوفه ولكنه لن يفرط بمعادلات تبقي ترشيحه على طاولة الحلفاء والخصوم في آن معاً.

ويتفق حلفاء عون مع هذا التحليل بقول أحدهم إن خروج وزراء «التيار الحر» من الحكومة او اعتكافهم «سيحرج الحليف الأقرب «حزب الله»، وكذلك النائب سليمان فرنجية و»الطاشناق»، اذ سيجد هؤلاء أنفسهم بين شاقوفي مراعاة حليفهم عون من جهة ومراعاة وضع البلد من جهة ثانية. فهل بمقدورهم ان يسايروا عون في خطوة كهذه»؟

ثم إن الخاسر من أي إضرار بالحكومة، يقول مرجع سياسي، هو شامل روكز نفسه، ذلك أن تعطيل الحكومة يقتل أي بصيص أمل في إمكان وصوله الى قيادة الجيش. وأما الخاسر الأكبر فهو عون نفسه، الا اذا كانت خطوة تعطيل الحكومة، إن لجأ اليها عون، هي بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على ترشيحه لرئاسة الجمهورية وتسليمه بانسداد الأفق أمام وصوله الى الرئاسة، فيكون قد قرر قلب الطاولة على رؤوس الجميع؟

يقول المرجع المذكور إنه سمع من يهمس في الصالونات بإمكان بلورة تسوية في هذا الموضوع تقوم على تعيين روكز قائداً للجيش الآن، مقابل ان يسهل عون الطريق امام مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية. إلا أن هذه التسوية، إن صح التحضير لها، فمعنى ذلك ان من ينسج خيوطها يعتقد ان تعيين روكز هو الثمن الكبير الذي يمكن ان يُدفع لعون مقابل ان يفتح الأخير طريق الرئاسة. الا ان العارفين يقولون: لا رابط ابداً بين هذا وذاك، ولا يمكن لعون ان يبيع رئاسة جمهورية بقيادة جيش لسنتين فقط، فالعميد روكز يقترب من الإحالة على التقاعد في تشرين الاول المقبل، ولنفرض انه عُيِّن اليوم قائداً للجيش، فسيتولى القيادة لسنتين وستة اشهر فقط، وبعدها سيحال على التقاعد، فأي فائدة لعون تُجنى من ذلك، الا اذا كان في ذهن البعض رهان على احتمالات التمديد له قبل حلول سن التقاعد في ذلك الوقت؟