IMLebanon

مع انتهاء مهلة الانسحاب إسرائيل لا تزال في أجزاء من جنوب لبنان

 

  نيويورك تايمز

سحبت القوات الإسرائيلية وحداتها من المناطق المأهولة في جنوب لبنان، لكنّها احتفظت بالسيطرة على نقاط حدودية استراتيجية، مع انتهاء المهلة المحدّدة لانسحاب كل من إسرائيل و»حزب الله» من المنطقة.

بحسب الأمم المتحدة، سحبت إسرائيل قواتها من البلدات والقرى في جنوب لبنان أمس، لكنّها احتفظت بمواقع استراتيجية على طول الحدود مع انقضاء المهلة التي كان من المفترض أن تشهد انسحاب كل من إسرائيل و«حزب الله» بالكامل من الجنوب.

 

وأدّى استمرار التواجد الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية إلى تهديد هدنة هشة مع «حزب الله»، وأثار مخاوف في لبنان من احتمال وقوع احتلال إسرائيلي طويل الأمد.

وقد أنهى وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الحرب الأكثر دموية بين الطرفَين منذ عقود. وكان من المفترض أن تتخلّى كل من إسرائيل و«حزب الله»، الجماعة المسلحة اللبنانية المدعومة من إيران، عن السيطرة على جنوب لبنان لصالح الجيش اللبناني بحلول نهاية شهر كانون الثاني، لكنّ المهلة مُدِّدت حتى يوم أمس.

لكنّ إسرائيل أعلنت يوم الاثنين أنّ قواتها ستظل موقتاً في 5 نقاط «استراتيجية» عبر الحدود داخل الأراضي اللبنانية، حتى يُنفّذ الجيش اللبناني التزاماته بالكامل بموجب الاتفاق، وفقاً للمتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، المقدّم نداف شوشاني الذي رفض تحديد المدة التي ستبقى فيها القوات الإسرائيلية هناك.

بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، يجب على «حزب الله» أيضاً الانسحاب من جنوب لبنان، ويتعيّن على الجيش اللبناني أن ينتشر هناك. واتهم مسؤولون إسرائيليّون كلاً من «حزب الله» والجيش اللبناني بعدم الوفاء بالتزاماتهما. في المقابل، أكّد الجيش اللبناني أنّه لا يستطيع الانتشار الكامل في الجنوب إلّا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.

وأشادت لجنة مراقبة الهدنة التي تقودها الولايات المتحدة بانتشار الجيش اللبناني، لكنّها لم تُصدِر بيانات حول مدى سحب «حزب الله» من مقاتليه وأسلحته.

على مدى أشهر، لم يتمكن آلاف اللبنانيِّين النازحين من العودة إلى المناطق التي تُسَيطر عليها إسرائيل، وسط تحذيرات متكرّرة من الجيش الإسرائيلي بضرورة الابتعاد عنها. وأعلنت الأمم المتحدة، التي تحتفظ منذ فترة طويلة بقوة حفظ سلام في جنوب لبنان، أمس، أنّ إسرائيل انسحبت من المراكز السكانية في الجنوب. لكنّها أكّدت أنّ استمرار التواجد الإسرائيلي في البلاد يمثل انتهاكاً لقرار أممي أنهى حرب 2006 بين إسرائيل و«حزب الله»، وكان أساساً لوقف إطلاق النار الأخير بين الطرفَين.

 

ونصّ القرار، الذي وافق عليه إسرائيل ولبنان، أيضاً على ضرورة انسحاب مقاتلي «حزب الله» من الجنوب. وأوضح مبعوث الأمم المتحدة إلى لبنان و«اليونيفيل» في جنوب لبنان، في بيان مشترك، أنّ هذا التأخير «ليس ما كنّا نأمل أن يحدث».

أمس، اندفع النازحون جنوباً على رغم من استمرار التواجد الإسرائيلي، فعاد البعض إلى منازلهم ليجدوا أنّ بلداتهم وقراهم باتت غير قابلة للتعرّف عليها. وأصيب ما لا يقلّ عن شخصَين بنيران إسرائيلية، وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

وأكّدت يارا عواضة (24 عاماً)، التي دخلت بلدة «حولا» الحدودية الجنوبية لأول مرّة منذ أكثر من عام: «ذكرياتنا دُمِّرت، وكذلك منازلنا»، مضيفةً أنّ معظم حيّها أصبح الآن أنقاضاً، مع انهيار منزل عائلتها بالكامل. وذكرت أنّ جدّها بنى ذلك المنزل بيدَيه منذ أكثر من مئة عام «هذا المنزل كان له معنى كبير لعائلتي. 10 أطفال نشأوا فيه مع أبناء عمومتهم وأقاربهم. ثم فجأةً، وفي غضون ثوانٍ، اختفى كل شيء. إنّه لأمرٌ مؤلم أن نرى قريتنا بهذه الحالة، لكنّنا ما زلنا نتمسك بالأمل وسنعيد بناءها لتكون أفضل ممّا كانت عليه».

الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 20 شخصاً أثناء محاولتهم دخول البلدات الحدودية الجنوبية، وفقاً لمسؤولين لبنانيين. وأوضح الجيش الإسرائيلي أنّه أطلق «طلقات تحذيرية للقضاء على التهديدات».

من جانبه، عارض الزعيم الجديد لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، بشدة نية إسرائيل البقاء في أجزاء من جنوب لبنان. لكنّه في خطاب يوم الأحد، امتنع عن التهديد باستئناف الهجمات، مضيفاً: «يجب على إسرائيل أن تنسحب بالكامل في 18 شباط. هذا هو الاتفاق. الجميع يعرف كيف يتمّ التعامل مع الاحتلال».

 

على رغم من اعتراضاته، لا يملك «حزب الله» ولا الحكومة اللبنانية القدرة الفعلية على إجبار إسرائيل على الانسحاب. فسعى القادة اللبنانيّون إلى حشد جيرانهم العرب والتوجّه إلى الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل.

لكنّ الخبراء يَرَون أنّ «حزب الله»، الذي أضعفه 14 شهراً من الصراع مع إسرائيل، من غير المرجّح أن يخاطر بإعادة إشعال النزاع في المستقبل القريب.

مع ذلك، إذا بقِيَت إسرائيل داخل لبنان إلى أجل غير مسمّى، فقد يعزّز ذلك من موقف «حزب الله». ويشرح بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن لشؤون المشاركة الدولية: «إذا بقِيَت إسرائيل في هذه النقاط الـ5، فسيكون ذلك بمثابة هدية مطلقة لـ»حزب الله». سيُمكّنهم ذلك من القول إنّ الاحتلال لا يمكن إنهاؤه بالديبلوماسية، بالتالي فإنّ لبنان لا يزال بحاجة إلى مقاومة مسلحة».

وحذّر الجيش اللبناني المدنيين أمس من الاقتراب من البلدات الجنوبية حتى تُنشَر القوات هناك. واتهم الجيش اللبناني إسرائيل في الأسابيع الأخيرة بتبنّي سياسة الأرض المحروقة، بما في ذلك هدم المنازل وإضرام النيران فيها أثناء انسحابها من البلدات والقرى. فيما ردّ الجيش الإسرائيلي بأنّ «تدمير المباني كان لأغراض عسكرية»، مضيفاً أنّه كان يستهدف بنية تحتية تابعة لـ«حزب الله».