IMLebanon

لبنان يعلم ساترفيلد بأن الانسحاب الاسرائيلي من المزارع والتلال مطلوب حالياً

 

أن تقرّر الولايات المتحدة تحييد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر عن «صفقة القرن»، أي عدم ضمّها الى «دولة إسرائيل» كما تدعي والتي تؤمّن لها هذه الصفقة حدوداً وأراضي ليست لها، فهذا لا يعني أنّ القوّات الإسرائيلية ستُنفّذ القرارات الدولية التي طالبتها بالإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة. أمّا لبنان فسيصرّ أمام مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى الذي يلتقي اليوم الثلاثاء المسؤولين اللبنانيين مجدّداً من ضمن تحرّكه المكوكي بين بيروت وإسرائيل (أي الأراضي الفلسطينية المحتلّة) لنقل ردّ المسؤولين «الإسرائيليين» على مسألة الترسيم البحري.

 

وتقول مصادر سياسية عليمة بأنّ «صفقة القرن» التي تهدف الى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، على ما تُروّج واشنطن، والتي يرفضها الفلسطينيون حتى قبل إعلان بنودها وتفاصيلها، لن تُقرّ السلام الفعلي في المنطقة في حال واصلت قوات العدو الاسرائيلي احتلالها للمزارع والتلال وبلدة الغجر، فضلاً عن استيلائها على الأراضي الفلسطينية المحتلّة. كذلك، فإذا ما قرّرت «الصفقة» أن تضمّ «إسرائيل» رسميّاً الضفّة الغربية التي تسيطر عليها اليوم بشكل كامل ونهائي اليها، فإنّ أي سلام لن تشهده المنطقة، بحسب العارفين، لأنّ الفلسطينيين لن يوافقوا على أي من المقرّرات التي تسلبهم أرضهم وحقوقهم وتهبها للإسرائيليين.

 

فبقاء قوّات العدو الإسرائيلية محتلّة لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر سيُبقي التهديدات بينها وبين لبنان قائمة، وسيُبقي الجبهة المحتملة مفتوحة بينها وبين حزب الله في لبنان، كونه «مقاومة» ضدّ أي إحتلال أو إعتداء على السيادة اللبنانية. ولهذا، فإنّ لبنان الرسمي سيُطالب ساترفيلد اليوم، على ما أكّدت المصادر، بضرورة أن تُنهي إسرائيل احتلالها لما تبقّى من الأراضي اللبنانية تطبيقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، ما دامت واشنطن تريد إحلال السلام في المنطقة، على ما تدعي، والإبتعاد عن الحروب والعنف في المرحلة المقبلة حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين. فلا سلام في حال بقيت «إسرائيل» تحتلّ أراضي ليست لها، وتعتدي على حقوق الدول الأخرى في المنطقة.

 

ولهذا، استبق الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله إعلان واشنطن لما تسمّيه «صفقة القرن»، على ما عقّبت المصادر، وتحدّث عن مواجهته لها داعياً الى حوار لبناني- فلسطيني كأفضل وأقوى وسيلة للتصدّي لها، ولمواجهة تداعياتها لا سيما محاولات فرض توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وإنهاء حقّ عودتهم الى ديارهم. وقد رحّبت الفصائل الفلسطينية بهذه الدعوة لمواجهة الصفقة ورفض التوطين والتمسّك بحقّ العودة. يبقى أن تتفق هذه الأخيرة فيما بينها على موقف موحّد قبل البدء بالحوار مع الجانب اللبناني سريعاً، ويتمّ التفاهم فيه على المواجهة الفعلية لـ «صفقة القرن».

 

وتأمل المصادر، أن يؤدّي هذا الحوار الى رفض لبناني- فلسطيني لـ «صفقة القرن» قبل إعلانها، خصوصاً إذا ما كانت ستتعدّى على الأراضي والحقوق وتهدف الى تكريس كلّ ما حاول العدو الإسرائيلي فعله طوال العقود الماضية، ووضع يده على كلّ ما ليس من حقّه. وتتخوّف المصادر نفسها من عدم توافق الفصائل الفلسطينية على موقف موحّد، والمشاركة في الحوار اللبناني- الفلسطيني قبل إعلان الصفقة، وإلاّ فإنّ كلّ من الجانبين سيقوم عندئذ بمواجهتها بمفرده لتحصيل حقوقه قبل أن يتمّ الإستيلاء على الأراضي والحقوق من قبل العدو الإسرائيلي وبرعاية أميركية.

 

وما يهمّ لبنان هو ألا تظلّ قوات العدو الإسرائيلية مهيمنة على هذا الجزء من الأراضي اللبنانية لمدى العمر بحجّة أنّها محتلّة، على غرار ما جرى في ما يتعلّق بالوجود الفلسطيني «الشرعي والمؤقت» في لبنان الذي دام منذ العام 1948 حتى اليوم، أي لمدة 71 عاماً، ولا يزال ضمن «المؤقّت». ولهذا فإنّ حزب الله لن يسكت مطوّلاً على بقاء الإحتلال الإسرائيلي في المزارع والتلال والغجر، خصوصاً إذا ما بسط سيطرته على هضبة الجولان، ما يجعله يحمي ظهره لكي يبقى فيها ولا ينسحب منها الى الأبد. وهذا الأمر قد يُشعل الجبهة الجنوبية بين إسرائيل وحزب الله بهدف تحرير ما تبقّى من الأراضي اللبنانية، فهل سيؤيّد العدو الإسرائيلي فتح هذه الجبهة في الوقت الذي يسعى فيه الى «إحلال السلام» في المنطقة، على ما تبغي واشنطن؟!

 

وفيما تتواصل التحضيرات الأميركية لهذه الصفقة، ولا سيما منها الدعوة الى مؤتمر المنامة في البحرين، في 25 و26 حزيران المقبل، تحت عنوان «طريقة إطلاق مسار السلام على جبهة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي»، بهدف الترويج للشقّ الإقتصادي منها، ومحاولة تقديم الإغراءات للشعب الفلسطيني للقبول بالصفقة، يستمرّ المسؤولون الفلسطينيون في الحديث عن العمل لإسقاطها والتحلّل من اتفاقية أوسلو وسحب الإعتراف بالإحتلال الإسرائيلي بدلاً من تكريسه في «صفقة القرن».

 

ومن هنا، يعوّل بعض العارفين، على فشل الولايات المتحدة في تحقيق ما تريده من هذا المؤتمر لكي تتمكّن لاحقاً من تمرير الشقّ السياسي منها، علماً أنّ دولاً عربية عدّة، مستعدّة للبدء في الاستثمار في الأراضي الفلسطينية من أجل إنجاح هذه الصفقة، كونها بدأت بالتطبيع العلني مع إسرائيل من دون أي خجل. علماً أنّ كلاً من واشنطن وتلّ أبيب تعوّلان على نتائج هذا المؤتمر لإعلان الشقّ الأهمّ من الصفقة، وفي حال كانت النتائج خجولة، فستنتقلان الى خطوات أخرى لضمان عدم الفشل الذريع.

 

في المقابل، يؤكّد هؤلاء على أنّ الفلسطينيين بأكملهم يعتبرون أنّ «صفقة القرن» التي يرفضونها رفضاً قاطعاً، وُلدت ميتة، كونها آحادية الجانب ولا تُطبّق سوى ما يريده العدو الإسرائيلي لتكريس دولته في المنطقة، من دون إعطاء أي اعتبار لا للشعب الفلسطيني ولا لدولته ولا لعاصمته القدس، ولا حتى لحقّ اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في أنحاء العالم بالعودة الى ديارهم والحصول على تعويضاتهم ممّا فعلته بهم إسرائيل منذ أيّام النكبة والتهجير.