IMLebanon

لودريان في لبنان: زيارة فرض العقوبات مرفوضة

 

خلافاً للعادة قد لا يلقى وزير الديبلوماسية الفرنسية جان إيف لودريان حفاوة في استقباله، بالنظر لما يحيط زيارته من علامات استفهام وتحفظ عليها بالشكل والمضمون. من حيث الشكل أثار حصر الزيارة بلقاءي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري امتعاضاً، اما في المضمون فلم يعلن ان الموفد الفرنسي يأتي حاملاً مبادرة بقدر ما المتوقع ان يعيد تكرار موقفه الرامي الى فرض عقوبات على شخصيات سياسية تعتبرها فرنسا معرقلة لمبادرتها. ما يؤشر الى امكانية ان تكون الزيارة فارغة من مضمون دسم اللهم الا اذا حضرعنصر المفاجآت.

 

 

 

وحتى يوم امس كان قد تم التأكيد أن لودريان سليتقي عون وبري انما ثمة شكوك حول امكانية حصر الزيارة بلقاءين فقط واستثناء الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري او زيارة الصرح البطريركي للقاء البطريرك الراعي بالنظر الى العلاقة التاريخية بين بكركي وفرنسا، وسط توقعات بأن تعيد فرنسا حساباتها وتستلحق الزيارة أقله بتحديد موعد للقاء وزيرها الرئيس المكلف. وقد علم في ساعات الليل انه وفي ضوء الضجة التي اثيرت حول برنامج الزيارة بذلت مساعي لتعديل برنامج لودريان بعد سماع نصائح للفرنسيين بعدم جواز اقتصار الزيارة على ما هي عليه فتم التعديل وتقرر ان يلتقي الحريري ورئيس التيار الوطني جبران باسيل وربما شخصيات اخرى.

 

إستثناؤه من الزيارة كان أغضب الحريري الذي غاب عن السمع منذ عودته امس الاول من الخارج، فلم يزر بكركي التي انتظرت عودته، والتزم الصمت ازاء تسريبات وصلته تقول ان وزير الديبلوماسية الفرنسية يحمل لائحة من اربعين اسماً لشخصيات وضعت فرنسا عليها عقوبات وتشمل كل الاطراف او بتوصيف أدق تطبق عليها القاعدة اللبنانية 6 و6 مكرر اي انها تشمل المعطلين من كل الاطياف والمشارب السياسية والطائفية.

 

ومعنى الا يكون الحريري مدرجاً على لائحة زيارات لودريان وفق مطلعين على خلفيات العلاقة الفرنسية مع الحريري، ان فرنسا تمارس غضباً على الحريري لاعتبارها ان الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة لا يتعاطى بمرونة مع تشكيل حكومته التي تتطلب تقديم تسهيلات وتبدلاً في المواقف سبق وان مارسته فرنسا ذاتها نزولاً عند اعتبارات السياسة اللبنانية الداخلية. تأخذ فرنسا على الحريري عناده تجاه رئيس الجمهورية ميشال عون الذي هو المقام الاول في البلاد والى جانبه صهره رئيس التيار الوطني الحر الذي يترأس ايضاً أكبر كتلة نيابية في البرلمان فلا يجوز القفز فوق تمثيله او التغاضي عن الحوار معه طالما ان عون يعتمده كشخصية أساسية الى جانبه. وتأخير تشكيل الحكومة في لبنان أصاب فرنسا بنكبة داخلية على ابواب استعداد رئيسها، الذي حشد كل طاقته للملف اللبناني، لانتخابات رئاسية وشيكة. كما تشعر فرنسا ان دورها الشرق اوسطي وبوابته لبنان صار على المحك في غمرة التطورات التي تشهدها المنطقة.

 

 

 

في وقت صار للرئيس الفرنسي اهتماماته الداخلية لا سيما بعد ان أخفقت بلاده في إقناع الاوروبيين بالسير في عقوبات ضد شخصيات سياسية لبنانية فتبرّع بالمهمة منفرداً. ويمكن ان تعد الزيارة مؤشر تراجع في السياسة الفرنسية بمجرد نقل الملف اللبناني من الإليزيه والمخابرات الفرنسية اي من الرئيس ايمانويل ماكرون شخصياً وممثله الاول برنار ايمييه الى عهدة الخارجية اي انه صار رهناً بالسياسة الفرنسية الخارجية بعد ان كان متصلاً بالرئاسة الفرنسية مباشرة وخلاصة زيارتين لماكرون وثالثة لموفده الشخصي. يكتنف هذه الزيارة الكثير من الغموض، تفاصيلها لم تعرف بعد وما تصبو اليه، بدليل اقتصارها على لقاءين فقط، وضبابية برنامجها وما يحمله الديبلوماسي الفرنسي من اقتراحات. فهل هو آت لتكرار موقفه الذي اعلنه قبل أيام وهدد فيه بفرض عقوبات فرنسية بحق شخصيات لبنانية تعتبرها فرنسا معرقلة لمساعي تشكيل الحكومة؟ اذا كان سيردد ذات الموقف فما فعالية الزيارة وما الفرق في تكرار الموقف عينه بين لبنان وباريس.

 

 

 

بالنسبة لرئاسة الجمهورية فان الزيارة و”في اطار كونها تأكيداً على المبادرة الفرنسية وتفعيلها، فهذه لا شك زيارة مهمة ونحن ملتزمون بهذه المبادرة ولكن ننتظر ماذا سيحمل الضيف الفرنسي لنبني على الشيء مقتضاه، أما إذا كان المقصد التلويح أو تنفيذ عقوبات على أشخاص لأسباب سياسية فهذه مسألة مرفوضة سيادياً”. وفق مصادر الرئاسة الاولى يمكن لفرنسا أن تساعد لبنان في تنفيذ عقوبات بحق أشخاص ثابت تورطهم بتحويل أموال أو سرقتها أو أي أمر له علاقة بملفات فساد مالي فاذا كان هذا هو العمل المرجو فهذا عامل مهم ونحمسهم عليه ونطلب مساعدة القضاء اللبناني على كشف المتورطين بملفات فساد وتسببوا بالإنهيار امالي، حينها تكون فرنسا تدعم لبنان وتعمل على كشف مصير أموال اللبنانيين. اما اذا كانت القصة اننا لا نبحث بأذية المجتمع بل بعقوبات سياسية على من افشلوا مبادرتنا وأضروا بسمعة فرنسا وعظمتها فهذه عقوبات ذات طابع سياسي لا تقدّم ولا تؤخّر بعملية سياسية كاملة كلبنان، سبق وان فرضت عقوبات على شخصيات سياسية من قبل لم تعطل الحياة السياسية ولا دور المعطلين في الحياة السياسية وتبين انها لا تفيد”.

 

والى ان يصل لودريان ويفصح عن فحوى زيارته، فالازمة الحكومية لا تزال على تعقيداتها وسط اجواء تؤكد ان الحريري لم يوافق على صيغة حكومة من 24 وزيراً وانه لا يزال على موقفه من حكومة 18 وزيراً وهو ما تعتبره مصادر سياسية مواكبة لحراك الرئيس ليس رفضاً من الحريري للتجاوب مع عون وانما هو نسف لمبادرة بري وأفكار جنبلاط ومسعى بكركي وتعطيل المساعي الرامية لانجاح المبادرة الفرنسية في تشكيل الحكومة فكيف بالحري سيتعاطى مع برنامج الحكومة الاصلاحي؟