IMLebanon

لماذا قرّر بايدن إرجاء زيارته إلى الشرق الأوسط؟ الاحتمال الأرجح: قرار إسرائيلي بضرب إيران بالسلاح النووي!

 

 

كانت الإستعدادات جارية في البيت الأبيض لتنظيم رحلة الرئيس الأميركي بايدن إلى كل من اسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة في وقت قريب. وهي الزيارة الأولى للرئيس الأميركي الى منطقة الشرق الأوسط. وفجأة تمّ الاعلان عن تأجيلها، كما لم يتمّ الاعلان عن أسباب هذا التأجيل. لذلك بدأت سلسلة من التكهنّات والتصوّرات والأسباب الممكنة والمحتملة الّتي يمكن أن تكون خلف هذا التأجيل.

 

… هذه المقالة جزء من التحليل العلمي في العلاقات الدوليّة للتعرّف على الأسباب الكامنة وراء تعديل البيت الأبيض لفترة الزيارة وزمنها في مرحلة تشهد تحوّلات مهمّة وخطيرة في المنطقة. وفي اعتقادنا وتصوّرنا، وفق ما نملكه من مؤشرات، ان الاحتمال الأرجح، ونصرّ على كلمة احتمال «هو اتخاذ اسرائيل قراراً فعلياً وعملياً بضرب ايران، وتحديداً المراكز النوويّة، بالقنابل النوويّة الاسرائيليّة. وهو أمر أحرج البيت الأبيض ودفع بالرئيس الأميركي الى تأجيل زيارته الى المنطقة!

 

 

 

لماذا؟ وكيف؟

 

1 – لا يمكن لرئيس الولايات المتحدة ان يعدّل موعد زيارته إلاّ لأسباب مهمّة وجيو-سياسيّة تؤثر على موقف الولايات المتحدة داخل الأسرة الدوليّة. وكان الرئيس بايدن قد أعلن يوم الجمعة في الرابع من شهر حزيران الحالي 2022 انه بصدد القيام بجولة هي الأولى الى منطقة الشرق الأوسط، معترفاً ان خطّة الجولة لم تكتمل بعد، ولكنّه توقّع في الوقت نفسه ان تتضمن الجولة لقاءات مع القادة الاسرائيليين وزعماء بعض الدول العربيّة مع احتمال ان تشمل زيارته السعوديّة. وأكّد في سياق تحديد أسباب الزيارة انها تهدف أساساً الى تقليل الصراعات والحروب العبثية بين اسرائيل والدول العربيّة، وهو ما سيركّز عليه في لقائه مع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والذي كان لبلاده دور ايجابي مزدوج: تحقيق التوافق داخل منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، وتمديد الهدنة الانسانيّة في اليمن تحت قيادة الأمم المتحدة.

 

2 – يوم السبت في الخامس من حزيران الجاري 2022، وقبل مرور 24 ساعة على تحديد موعد الزيارة الرئاسيّة الى المنطقة، أفادت وسائل اعلام اميركية، بينها NBC وCNN ان الرئيس الأميركي أرجأ زيارته المحتملة الى اسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة، في حين رفض البيت الأبيض التعليق على هذه الأنباء تأكيداً أو نفياً. وبالتالي لم يتم توضيح أسباب هذا التأجيل.

 

3 – ليس من قبيل الصدف، ان يقوم مدير الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة رافائيل غروسي بزيارة مفاجئة وغير عاديّة الى تل أبيب في هذا التاريخ بالذات. وكان السيد غروسي قد أعلن في نهاية اجتماع محافظي الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة في فيينا، «ان امتلاك ايران الكميّة الكافية من اليورانيوم لصنع قنبلة نوويّة مسألة وقت». وجاء رد اسرائيل على لسان رئيس الوزراء نفتالي بينيت بالقول، «إن اسرائيل تفضّل حلّاً ديبلوماسياً للبرنامج النووي الايراني بدلًا من المواجهة العسكريّة. لكن أهمّ ما تريده اسرائيل هو منع ايران من أي امكانيّة لتطوير أسلحة نوويّة». وأكدّ بينيت أنه إذا لم يبادر المجتمع الدولي في الوقت المناسب لمنع ايران من الحصول على سلاح نووي «فإن اسرائيل ستجد نفسها مضطرّة للتحرّك بقواها الذاتيّة. وهي تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس واتخاذ اجراءات ضد ايران لوقف برنامجها النووي».

 

4 – من الملاحظ الاهتمام الاستثنائي الذي تبديه اسرائيل بخصوص المشروع النووي الايراني. إنّه اهتمام ذو طابع سلبي، أي أنّه يهدف الى ضرب هذا المشروع وافراغه من محتواه وتدمير كافة عناصر تكوينه. ويتمثّل ذلك ببعض الممارسات، منها:

 

1 – ملاحقة علماء الذرّة الايرانيين من كبار الضباط واغتيالهم.

 

2 – اجراء تفجيرات في المراكز النوويّة وتدمير مقوماتها.

 

3 – الكشف عن كل ما تعمل ايران لاخفائه عن الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة وآخرها وجود ثلاثة مراكز فيها آثار يورانيوم مخصّب لم تحصل الوكالة من ايران على أجوبة بشأنها ولم تعلن ايران مسبقاً عن وجودها لدى الوكالة، وهو أمر مثير للريبة!

 

4 – احداث نقلة نوعيّة في الاستراتيجيّة الاسرائيليّة تجاه ايران وذلك بالعمل كثيراً والتكلّم قليلًا.

 

5 – الاعلان على لسان مسؤولين اسرائيليين كبار، «بأن ايران تمتلك كميّة من اليورانيوم المخصّب تكفي لانتاج ثلاث قنابل نوويّة».

 

6 – طلب اسرائيلي لوكالة الطاقة الذريّة بتوجيه تحذير واضح لطهران بشأن برنامجها النووي، وإذا لم تستجب طهران لهذا التحذير ستكون اسرائيل امام خيار وحيد لا مفر منه وهو «شنّ حرب استباقيّة».

 

7 – السعي لاستصدار مشروع قرار يدين ايران امام مجلس المحافظين للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة تقدمه الولايات المتحدة والدول الأوروبيّة الثلاث: فرنسا والمانيا وبريطانيا. وفي رأي الدوّل الثلاث «ان النشاطات النوويّة الايرانيّة ليست فقط خطيرة وغير قانونيّة بل انها تخاطر بإفشال الاتفاق النووي بشكل كامل لأنّه كلّما زادت ايران تخصيب اليورانيوم أصبح من الصعب العودة للاتفاق النووي (2015). وشدّدت الدول الثلاث على انها بذلت مجهوداً كبيراً في مفاوضات فيينا لاحياء الاتفاق النووي، ولكن ايران اعتمدت حتى الآن سياسة المماطلة والتهرّب من الالتزام بشروط الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة. وهو ما أكّده الاتحاد الأوروبي أيضا الذي عبّر عن قلقه ازاء سياسة ايران في تخصيب اليورانيوم.

 

– يمكن اختزال وجهة النظر الايرانيّة في هذا المجال بالملاحظات التالية:

 

1 – ان حكومة الجمهوريّة الاسلاميّة في طهران ليست بوارد العمل لانتاج سلاح التدمير الشامل لأنّ القتل الجماعي للبشر فيه مخالفة لأحكام الدين.

 

2 – ان ايران عبّرت عن نواياها الصادقة بالوصول الى اتفاق العام 2015 مع دول الغرب وفي نطاق الوكالة الدوليّة للطاقة النوويّة والتزمت به. لكن الولايات المتحدة هي الجهة التي نكست بالاتفاق وانسحبت منه زمن الرئيس ترامب وتركت الباب مفتوحاً أمام جميع الاحتمالات.

 

3 – لقد عملت ايران بأحكام اتفاق العام 2015 والتزمت بالقوانين الدوليّة لعمليّة التخصيب.

 

4 – لقد كان طبيعيًاً ان تسعى ايران لرفع الحصار المالي والنفطي عنها كي ترتاح سياسيّاً واقتصاديّاً وهو ما عملت عليه إبان المفاوضات في فيينا.

 

5 – لقد رفضت ايران أسلوب المقايضة بين السياسة النوويّة والسياسة الاقليميّة، فالدول الغربيّة تريد من ايران أن تغيّر في سياستها الاقليميّة القائمة على التوسّع والهيمنة بفضل اذرعها في بلدان المنطقة ولا سيما «حزب الله» والحوثيين، وهو ما رفضته طهران.

 

6 – وفي باب التحدي والمواجهة والتهديدات بين ايران واسرائيل قال قائد القوات البريّة الايراني (حيدري) في كلام يحمل تهديداً واضحاً: «أي خطأ يرتكبه العدو سنسوّي تل أبيب وحيفا بالأرض بأمر من المرشد علي خامنئي».

 

7 – من الواضح استراتيجياً ان لإيران مصلحة في تأخير زمن التوصّل الى حل في مفاوضات فيينا، لأنّ الزمن يعمل لمصلحة ايران ويسمح لها بزيادة قوتها النوويّة من خلال تخصيب المزيد من اليورانيوم بحيث باتت الترجيحات تعطي ايران الامكانية لانتاج ثلاث قنابل نوويّة في وقت قريب.

 

في الخلاصة انه تمَّ ابلاغ الرئيس بايدن صباح السبت في الخامس من حزيران 2022 بقرار اسرائيل ضرب المنشآت النوويّة الإيرانية بالأسحلة النوويّة مع تمرين على الهجوم قامت به فوق المتوسط!

 

لهذا أجَّل الرئيس زيارته للمنطقة كي لا يكون في قلب الصراع!

 

ولكي لا يعتبره البعض مسؤولاً عنه!

 

وهذا هو الاحتمال الأرجح.