IMLebanon

الجمهورية: مصالحة بين «الحزب» و«التقدّمي» برعاية برّي.. وإسرائيل تتوقّع رداً آخر

ظلّت الاهتمامات موزعة امس بين مراقبة تطورات المواقف المحلية والاقليمية والدولية المتصلة بمرحلة ما بعد المواجهات الاخيرة بين «حزب الله» واسرائيل، وبين الخطوات التي يُفترض ان تتخذها الحكومة لتنفيذ مقررات الاجتماع الاقتصادي الاخير في بعبدا والحراك الفرنسي الذي واكبه في شأن تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان، وقاده السفير بيار دوكان وحمل نتائجه الى الادارة الفرنسية أمس الاول، ليبنى على الشيء مقتضاه. وقد شكّل الاتصال الذي جرى أمس بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سعد الحريري مؤشراً الى دخول الادارة الفرنسية بقوة على خط التطورات التي يشهدها لبنان، خصوصاً ان لقاء سيجمعهما في 20 من الجاري في باريس.

فقد أكّد ماكرون، خلال اتصال بينه وبين الحريري، التزام بلاده باستقرار لبنان وأمنه وتعزيز دولته ومؤسساته. وشدّد على أهمية توفير مقومات التهدئة على الحدود الجنوبية. معرباً عن إرتياحه الى التقدّم الجاري نحو إطلاق مشاريع «سيدر» الاستثمارية خلال لقاء المبعوث الفرنسي بيار دوكان، بالحريري.
وشكر الحريري لماكرون «الجهود التي بذلها لاحتواء التصعيد بعد اعتداء إسرائيل الاخير على ضاحية بيروت الجنوبية». وأكّد «امتنان لبنان للدور الفرنسي القيادي في التمديد لقوات حفظ السلام في لبنان (اليونيفيل). وشدّد على «تمسّك لبنان بالاحترام الكامل للقرار 1701. وتوافق ماكرون والحريري على «متابعة البحث المعمّق في تسريع تنفيذ الإصلاحات ومشاريع الاستثمار في لبنان وسبل تعزيز الاستقرار في البلاد والمنطقة، خلال لقائهما المرتقب في 20 الجاري في باريس.

وتوقفت مراجع ديبلوماسية غربية عند توقيت الاتصال الذي اجراه ماكرون بالحريري لمناقشة مختلف التطورات على الساحتين اللبنانية والإقليمية بالإضافة الى نتائج زيارة موفده دوكان لبيروت، والذي رفع له تقريراً اولياً فور عودته الى باريس.

وقالت هذه المصادر لـ «الجمهورية»، انّ الإتصال الطويل بين ماكرون والحريري جاء عشية اللقاء المنتظر في باريس بين وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان ونظيره الأميركي مايك بومبيو، والذي سيتناول جديد الملفات المطروحة ولا سيما منها ملف العقوبات على موسكو وطهران، بالإضافة الى الوضع في الخليج العربي، وكذلك جاء هذا الاتصال قبل يومين على اللقاء الوزاري الرباعي الروسي – الفرنسي (2+2) على مستوى وزيري الخارجية والدفاع في البلدين المقرّر عقده في موسكو الإثنين المقبل والذي سيتناول الوضع في لبنان.

ولفتت هذه المصادر، الى انّ جدول اعمال الجانب الفرنسي سيتناول، بالإضافة الى الملفات الدولية والإقليمية، تداعيات ما جرى في الجنوب اللبناني الأحد الماضي وضرورة ممارسة الضغوط كل على مستوى صداقاته، بغية تعزيز الإستقرار في لبنان، لأنّ اي تفجير يمكن ان يتطور في ساعات قليلة لمجرد ان يرتكب اي من الطرفين خطأ قد لا يكون محتسباً. ولفتت المصادر الى انّ تثبيت الوضع في الجنوب لا يمكن ان يكون ثابتاً ما لم يراع مقومات القرار 1701 بكامل ما قالت به قواعد الإشتباك.

مقررات اجتماع بعبدا
الى ذلك، لم يُسجّل بعد اي حراك عملي لتنفيذ مقررات اجتماع بعبدا الاقتصادي، في ظل حديث الجميع على كل المستويات، عن ان العبرة هي في التنفيذ.

ياسين جابر
وفي هذا السياق، قال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»: «انّ الطريقة الوحيدة لترجمة نتائج اجتماع بعبدا الاقتصادي هي في اتخاذ المعنيين القرارات. فالوعود لم تعد تنفع والوضع لم يعد يحتمل، وعلى مجلس الوزراء الاجتماع واتخاذ القرارات، لأنّه حتى الساعة لا وجود لهيئات ناظمة ولمؤسسات».
وأضاف: «انّ لبنان في حاجة الى خطوات حقيقية وقرارات لتكون هناك دولة مؤسسات تُطبّق فيها القوانين وتعيد تشكيل المؤسسات. اما تفرّد الوزراء بالقرارات والوزارات، فلا يمكن الإستمرار به ولا يمكن البلد ان يسير في هذا النمط».

الموازنة
وعن موازنة 2020 قال جابر: «انّ الأولى عملياً البدء بتطبيق موازنة 2019»، وتساءل: «اين دعم ديوان المحاسبة لإتمام قطع حساب موازنة 2020؟ اين الوعود بإعطائه امكانات مادية وبشرية؟ اين الدراسات؟ هل كلّف مجلس الوزراء احدى الشركات لوضع دراسات حول هيكلية القطاع العام لنعرف اين الانتفاخ واين الهدر واين الوظائف التي لا جدوى منها؟ لقد تكلمنا كثيراً عن الموضوع ووضعنا مادة في موازنة 2019 تقول بوجوب إجراء دراسة سريعة لهيكلية القطاع العام».
وعن القوانين الصادرة عن المجلس النيابي قال جابر: «إنها قوانين اصلاحية، ويجب ان يرى الرأي العام انّ المعنيين باشروا الالتزام بها، الاّ انّ ما نراه منهم هو، في المطلق، مخالفة القانون».

الان عون
من جهته، عضو تكتل «لبنان القوي» النائب الان عون علّق لــ«الجمهورية» على تحذيرات دوكان، فقال: «بمعزل عمّا قاله دوكان، نحن بدأنا الخطوات الاولى، وخريطة الطريق وضعناها في قصر بعبدا، وقلنا انّ علينا في هذه المرحلة تفعيل موضوع «سيدر». واولوياتنا المشاريع وخطة الكهرباء التي أُقرّت استباقاً لقدوم دوكان والتي هي ذاهبة الى التنفيذ بمعزل عن الوقت الذي يستغرقه تنفيذها، على أمل ان تبدأ هذا الشهر المناقصات ونمضي بالموضوع قدماً». وأضاف: «نحن قبل مجيء دوكان كنا في هذه الاجواء، اما المهم اليوم فهو الإسراع في تنفيذ المشاريع، وهنا مسؤولية مجلس الوزراء ومجلس النواب الذي له دور كبير في تسريع إنجاز هذه الخطوات».
وإعتبر عون، «انّ «سيدر» هو عبارة عن مجموعة وعود لها علاقة بمشاريع يجب ان ننفذها، وبداية يجب ان نحدّد اي مشاريع. فالكهرباء أحدها، ولكن ما هي المشاريع الاخرى التي نريدها لنطلب التمويل على اساسها، وما هو المطلوب لتجهيز الموضوع ادارياً واصلاحياً الى آخره… لتأتي الاموال وتُصرف على أساسه».
وعن مناقصات الكهرباء قال عون: «إنها ستبدأ في نهاية الشهر الحالي، ولها مدة محدّدة لتُدرس، وعلى اساسها يتمّ اختيار العروض ثم تنطلق الخطة. اما بالنسبة الى المهلة التي تستغرقها فهي ليست موضع النقاش، فالموضوع المحسوم هو انه يجب ان تُنفذ، واهم ما يجب ان نعمل له جميعاً هو اختصار الوقت لكي تُنجز خطة الكهرباء سريعاً».
وعن موازنة 2020 اوضح عون، انّ «موازنة 2019 لا تلغي موازنة 2020 التي هي اصلاً يجب ان تُرسل الى مجلس النواب قبل 15 تشرين الاول، ومجلس النواب يجب ان يُقرّها قبل نهاية السنة.
اما التحدّي الذي خضناه في 2019 لخفض العجز والتقشف، فمطلوب الحفاظ عليه في موازنة 2020».

لقاء مصالحة
من جهة ثانية، تستضيف عين التينة اليوم، لقاء مصالحة برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري بين «حزب الله» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، ويحضره المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين خليل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، والوزير وائل ابو فاعور والوزير السابق غازي العريضي. وتشكّل هذه المصالحة «البند الثاني»، في جو المصالحة العامة التي بدأ جزؤها الاول في مصالحة بعبدا بين «الاشتراكي» و»الحزب الديموقراطي اللبناني».
وقالت مصادر عين التينة لـ «الجمهورية»، انّ هذه المصالحة «تأتي تتويجاً لجهود بذلها الرئيس بري مع الجانبين، مع تشديده على تذويب الجليد الذي برز على خط العلاقة بين الجانبين، فضلاً عن انّ الظروف الداخلية تفرض التقاء الجميع، والشراكة في عملية الانقاذ التي يتطلبها البلد اليوم، اكثر من أي وقت مضى».
واشارت المصادر، الى انّ بري «ينطلق في جهوده هذه، من قاعدة مفادها انّ الاستقرار السياسي هو المدخل الى علاج كل المشكلات، وخصوصاً في ظل الازمة الاقتصادية التي لطالما حذّر منها، وعبّر عن خشيته من تفاقمها، ان لم تُعالج فوراً، بما يضع لبنان في عين العاصفة».
ولفتت المصادر، الى «انّ المنطلق الثاني هو انّ الوحدة الداخلية هي حجر الزاوية في مواجهة ما يتهدّد لبنان، في هذه المرحلة التي تشهد حراكاً عدوانياً اسرائيلياً واضحاً وضاغطاً عليه».
وقال وزير التربية اكرم شهيب لـ «الجمهورية»: «اننا رحّبنا بمبادرة الرئيس بري المشكورة، وحرصه الدائم على البلد. ومن هنا لطالما شكّل الرئيس بري كاسحة الغام سياسية تعبّد الطريق امام الحلول سواء السياسية او الاقتصادية، على غرار ما تمّ التوافق عليه في لقاء بعبدا الاخير».

كوبيتش لعون
وعلى صعيد الوضع في الجنوب، فقد شهد هدوءاً لافتاً على رغم بعض التحرّكات الاسرائيلية عند خط الحدود.
وعلمت «الجمهورية»، انّ ممثل الامين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش اطلع رئيس الجمهورية ميشال عون أمس على وقائع جلسة التمديد للقوات الدولية في الجنوب، وسلسلة الملاحظات التي عبّر عنها أعضاء مجلس الأمن، وهي في جزء منها جوهرية وينبغي الأخذ بها لتكون مهمتها متناسقة مع ما يرضي القوى الدولية ويحفظ مصالح لبنان ومقتضيات الهدوء فيه.
ولفتت المصادر، الى أنّ كوبيتش توقف عند الملاحظات الأميركية تحديداً، والتي التقت مع مجموعة الدول المشاركة فيها، وتناولت ضرورة ان تقوم هذه القوات بمهماتها ومنع الظهور المسلح في الجنوب، بعد الإشارة الى انتشار مسلحي الميليشيات (عناصر حزب الله) ومجموعات محلية مسلحة تتحرّك تحت جنح الظلام. وهو ما يشكّل خروجاً على تعهدات لبنان بإخلاء المنطقة من السلاح غير الشرعي. وتحدث كوبيتش عن الإتصالات التي أجرتها قيادة القوات الدولية مع قيادة «حزب الله» ومع الإسرائيليين، وساهمت في حصر التوتر خلال اقل من ساعتين.

«الحزب» سيهاجم
وكشفت القناة «12» العبرية، عن أنّ تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أنّ «حزب الله» سيشن هجوماً آخر ضد أهداف إسرائيلية. وأكّدت «أن الحزب يريد فرض معادلة جديدة في المنطقة».
وذكر موقع «مفزاك لايف» الإسرائيلي، أنّ «القيادة العسكرية الإسرائيلية ترجح أن هجوم الحزب الأخير الذي استهدف مدرعة إسرائيلية في ثكنة أفيفيم لن يكون الأخير»، موضحاً «أنّ الجيش الإسرائيلي يواصل حالة التأهّب على الحدود اللبنانية، تحسباً لأي سيناريو محتمل في ظل التوتر الأمني مع الحزب».
ودلّ «مفزاك لايف» الى ذلك بتصريحات الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصرالله، أكّد فيها «أنّ الهجوم على المدرعة الإسرائيلية على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، كان ردًا على مقتل عضوين للحزب في هجوم إسرائيلي على سوريا، وتوعّد بأن يكون الردّ على هجوم الطائرات بلا طيار في بيروت لاحقاً. وذكر الموقع العبري، أنّ «إسرائيل قرّرت تمديد إغلاق المجال الجوي داخل دائرة نصف قطرها 6 كيلومترات على الحدود مع لبنان، والاستمرار في نشر بطاريات الصواريخ من نوع «باتريوت» المخصصة لاعتراض الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، والتي تمّ فرضها كجزء من حالة التأهّب الأمني في المنطقة»، مشيراً إلى «أن المنطقة تعج بالطائرات بلا طيار الإسرائيلية».

تحقيق داخلي
الى ذلك، أكّدت وسائل الإعلام الإسرائيلية الرسمية، أنّ تحقيقاً داخلياً أجراه الجيش، كشف مخالفة عسكريين لأوامره في التصعيد الحدودي الأخير مع «حزب الله» اللبناني. وأفاد موقع هيئة البث الإسرائيلي «مكان» أمس، «أن التحقيق الداخلي أكّد أن مرور العربة العسكرية التي استهدفها «حزب الله» بصاروخين من نوع «كورنيت» أواخر الأسبوع الماضي على طريق أفيفيم ـ يرؤون قرب الحدود مع لبنان كان مخالفاً لأوامر الجيش». ونقل الموقع عن مصادر عسكرية قولها، إنه «سيتم في الأيام القريبة استخلاص العِبر من هذا الحادث».