IMLebanon

القاضي بيطار بين حكمين

 

 

إختار المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار أن يتحدث عن ملف التحقيق أمام عدد من المحررين القضائيين في قصر العدل في 10 أيار الحالي. في الوقت نفسه كان نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون وحشد من الأطباء يعتصمون أمام قصر العدل، احتجاجاً على الحكم الذي صدر عن محكمة استئناف بيروت التي يرأسها بيطار نفسه لأنهم اعتبروه قاسياً ومجحفاً ويجب تغييره وتعديله.

 

في تشرين الأول 2020 تم تكليف القاضي بيطار بملف إيلا طنوس بعد تنحي رئيسة محكمة الاستئناف الجزائية في بيروت القاضية رلى الحسيني عن النظر في هذه القضية التي تأسست قبل ستة أعوام، وكان صدر فيها حكم في شباط 2020 عن القاضية المنفردة الجزائية في بيروت، رلى صفير، تضمن عقوبات مخففة.

 

ليل الجمعة 19 شباط 2021 وافق مجلس القضاء الأعلى على اختيار وزيرة العدل ماري كلود نجم القاضي بيطار ليكون محققاً عدلياً في قضية تفجير مرفأ بيروت، بعد كفّ يد القاضي فادي صوان نتيجة الدعوى التي رفعها ضده المتهمان اللذان ادعى عليهما في ملف المرفأ الوزيران السابقان غازي زعيتر وعلي حسن خليل، وهو كان ادعى أيضاً على رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب والوزير السابق يوسف فنيانوس.

 

في حديثه إلى المحررين القضائيين حرص القاضي بيطار على تقديم موجز لما أنجزه في التحقيقات. أعطى صورة عن الوقت الذي استهلكه في مراجعة أوراق الملف وقال إن التحقيق فيه يتقدّم، وإنه يعمل على جميع الاحتمالات وعلى احتمالات جدّية تتعلّق بسبب الانفجار وتتبّع حمولة باخرة نيترات الأمونيوم والشركات التي تتصل بها حتى تنزيلها في مرفأ بيروت ووضعها في العنبر رقم 12، مشيراً إلى إصداره 40 استنابة قضائية داخلية وخارجية.

 

وشدّد على أنه يريد تحقيقاً فعالاً وسريعاً من دون تسرّع، “لقد بنيت الملف في شكل ثابت وبات له كيان خاص به”، وأكد “العمل على فرضية متقدمة ولكن لا شيء نهائياً حتى الآن. نستجمع المعطيات لتصبح في متناولنا فرضيات محسومة”. مشيراً إلى طلبات الحصول من عدد من الدول على صور الأقمار الصناعية الجوية للمرفأ، ربما يستطيع من خلالها اكتشاف ما يمكن أن يكون تسبب بالإنفجار. لا شك في أن القاضي بيطار تقدم في التحقيق وصولاً إلى إخلاء سبيل ستة من الموقوفين والإبقاء على 19. ولكن هل الحقيقة موجودة في ما يمكن أن توفره الأقمار الصناعية؟ وهل توسيع دائرة التحقيقات بهذا الشكل يخدم الحقيقة؟

 

في خضم انشغاله بملف المرفأ وجد الرئيس بيطار وقتاً كافياً لمتابعة دراسة ملف الطفلة إيلا طنوس وصولاً إلى إصدار الحكم المتشدد، نظراً إلى بشاعة ما تعرضت له الطفلة والتأثيرات العاطفية لما حصل معها على الرأي العام، خصوصاً أن قضيتها تحولت إلى قضية رأي عام. ولكن ما يمكن التوقف عنده هو عدم تطرق القاضي بيطار إلى مسألة مهمة في التحقيق وهي أن الكمية التي انفجرت تبلغ نحو 500 طن، وفق ما كشفه الرئيس حسان دياب في دردشة صحافية أيضاً. ولعل السؤال الأهم الذي يجب أن يجد الرئيس بيطار جواباً له هو أين ذهبت الـ2250 طناً المفقودة، وهل أخذ بالإعتبار المعلومات التي أشارت إلى كيفية إخراجها تباعاً من العنبر رقم 12 إلى سوريا ليستعملها النظام السوري؟ إن الإجابة على هذا السؤال تكشف الغموض الذي يلف هذا الملف، وعلى ما تحدث عنه بيطار حول مسار الباخرة ومن اشترى النيترات ومن شحنها إلى لبنان وأدخلها إلى العنبر رقم 12 واستعملها في شكل متواصل.

 

لا شك في أن القاضي بيطار كان متأثراً بوضع الطفلة إيلا طنوس. ولا شك في أنه سيبقى متأثراً بمجزرة تفجير مرفأ بيروت لأن فيها نحو 6000 إيلا طنوس.