IMLebanon

المشنوق «صهر الدروز» فلماذا الغضب الجنبلاطي؟

ما ان وطأت قدما نهاد المشنوق وزارة الداخلية حتى «دب» الهم في قلب جنبلاط نتيجة المعلومات التي يملكها عن «الود الحميم» بين المشنوق ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب الذي حمل هم المشنوق على اكتافه عندما نفاه المرحوم غازي كنعان خارج البلاد لسنوات وسعى وهاب لعودته بعد انتهاء «الحقبة الكنعانية» هذا بالاضافة الى العلاقة العائلية التي تربط بين اشقاء وهاب وآل المشنوق بيروتياً منذ سنوات. ومن الطبيعي حسب مصادر متابعة ان «لا يستسيغ» جنبلاط هذه العلاقة وهو المدرك ما في الداخلية من «خزان خدمات» للمواطنين على كل الصعد.

وما زاد في قلق جنبلاط استعانة المشنوق بعميد درزي متقاعد كمستشار له في موضوع السجون هو العميد منير شعبان الذي يرتبط بعلاقة ممتازة مع جنبلاط ربما تبدلت بعد ان خاض جنبلاط حرباً لابعاد شعبان عن رئاسة الشرطة القضائية وتعيين العميد ناجي المصري مكانه، ومن الممكن ان يكون ابعاد شعبان بسبب العلاقة العائلية التي تربطه بوئام وهاب.

وما «زاد» ايضاً وحسب المصادر المتابعة من القلق الجنبلاطي تعيين مستشار درزي ثان للوزير المشنوق مشهود له بالكفاءة والنظافة والولاء للدولة والمؤسسات وعلى علاقة جيدة بكل الاطراف الدرزية من جنبلاط الى ارسلان الى وهاب الى جميع اللبنانيين، لكن المشكلة ان «الخيار» جاء بطلب من المشنوق ودون سؤال جنبلاط عن الامر، «وكأن الدني فالتة» وقد مارس الاخير ضغوطاً على المشنوق لثنيه عن ابعاد المستشارين دون جدوى وتحديداً منير شعبان الذي يرتبط بصداقة شخصية ايضاً مع المشنوق قبل توليه الوزارة.

كما ان «الكاريزما» بين المشنوق وجنبلاط غير موجودة وتوسعت ايضاً بعد دخول بهيج ابو حمزة الى السجن نتيجة دعوى جنبلاطية وقد كانت تربط المشنوق بأبو حمزة صداقة شخصية «حميمة».

وحسب المصادر فان المشنوق رفض اكثر من طلب جنبلاطي بنقل ابو حمزة من المستشفى حيث يعالج جراء وضع صحي غير مستقر الى سجن روميه، وقد رفض وزير الداخلية كل الضغوط وقال لكل الذين راجعوه «وليد بك على راسي» لكن الأطباء قدموا تقريراً لا يسمح بنقل ابو حمزة الى «روميه» ولن اوافق على نقله ولن اتحمل اي مكروه يصيب الشيخ بهيج. فهو صديقي ولن اسبب له اي مكروه، وقد نقل ابو حمزة في احد الايام الى سجن رومية وساءت احواله فورا وارتفع ضغطه وبناء لقرار الاطباء عاد الى المستشفى، ولن ابدل موقفي «فالقضية انسانية» وهذا ما زاد في رقعة الخلاف مع جنبلاط.

اما السبب الرابع للخلاف فهو تضييق المشنوق على الشرطة القضائية من كل النواحي، وقد تراجع دورها رغم الامكانات والكفاءات والادمية، المجتمعة في شخص قائد الشرطة القضائية العميد ناجي المصري، وبعد ان كانت الشرطة القضائية احد الاعمدة الاساسية للامن اللبناني ايام العميد المتقاعد عصام ابو زكي تراجع دورها نتيجة غياب الدعم والاحتضان من وزراء الداخلية واخرهم المشنوق، واذا كان المسيحيون ينتفضون للمطالبة بحقوق رئيس جهاز امن الدولة اللواء جورج قرعة المسيحي. فمن حق جنبلاط المطالبة بتأمين الدعم للعميد ناجي المصري، وما زاد في الغضب الجنبلاطي وصول اخبار عن سعي من وهاب للمجيء بضابط لقيادة الشرطة القضائية بعد احالة العميد المصري الى التقاعد وان المشنوق يؤيد الامر، وهذا ما نفاه وهاب جملة وتفصيلا. واعتبر ذلك من باب التسريبات التي وصلت لجنبلاط.

اما السبب الاساسي للانزعاج الجنبلاطي حسب المصادر هو المتعلق بتزايد الخدمات لوهاب من الداخلية وضباطها على ابواب الانتخابات البلدية وفي قلب الشوف، رغم ان وهاب كان يشتكي من ان صديقه المشنوق ايضا «مسكر» عليه خدماتيا، وهذا الامر لم يصدقه جنبلاط وهو المدرك بأن الداخلية هي مفتاح الخدمات للمواطنين وحاجياتهم، وهذا ما زاد في الغضب الجنبلاطي خصوصا ان المشنوق تجاوز في هذا الامر الخطوط الحمراء ودخل الى قلب «البيت الجنبلاطي» وهذا لا يمكن ان يمارسه وزير غير المشنوق، وحسب المصادر هناك سببب ربما يعود الى ان جنبلاط كان يفضل تأجيل الانتخابات البلدية في هذه الظروف الصعبة وعدم تحويل القرى الى متاريس خوفا من ان تؤثر الانقسامات على المصالحات في الجبل لكن المشنوق أصر ورفض كل «الرغبات» بالتأجيل من وزارة الداخلية واحال المهمة الى المجلس النيابي بمرسوم. لكن هذا الأمر نفته مصادر جنبلاط وأكدت ان الحزب الاشتراكي يعمل بكل فروعه من أجل الانتخابات البلدية وخوضها في كل المناطق.

وأشارت معلومات الى ان سبب الخلاف ايضاً يعود الى توقيف ضابطين درزيين في قوى الأمن الداخلي بتهمة الفساد، وان جنبلاط تدخّل للافراج عنهما وهذا ما نفته أيضاً مصادر ه مؤكدة أنها مع محاربة الفساد والمفسدين وإنزال أشد العقوبات بكل مَن تطاول على المال العامل.

هذه العوامل تجمعت كلها على ابواب البلديات وزادت من التوتر الجنبلاطي، فاستخدم «أسلوبه» في ايصال الرسائل للاصدقاء وللاعداء وهذه هي طريقته لكن ذلك لا يعني ان «القطيعة الابدية» وقعت بين الطرفين وربما تحسنت العلاقات غداً، فجنبلاط لا يقف عند الشكليات، واذا وصلت الرسالة الى المشنوق وتلقفها فالامور تعود الى طبيعتها، واذا حصل العكس فستستمر المواجهات حتى تتوقف «خروقات» المشنوق الدرزية، وهذا لا يعني انه يريد حرمان انصار وهاب او ارسلان من الخدمات لكنه يريد ان يكون هو «ممرها الاجباري» وشخصياً، وهذه هي المعادلة القائمة في البلد وتمارسها كل الاطراف السياسية الفاعلة، ولا يقبل جنبلاط ان يكون الاستثناء فالوضع الدرزي عنده اهم من الرئاسات وهيئات الحوار وزيارات واشنطن وباريس وغيرهما، لانه يدرك ان زعامته ولدت في المختارة بتضحيات اهالي الجبل وولائهم، وهذا الاحتضان جعل من جنبلاط اللاعب الاول في البلد وأدخل الدروز في معادلة الكبار.