IMLebanon

«الكتائب» مع سامي… من حزب عريق إلى جمعية مدنية؟

 

على رغم أنّ النتيجة التي حقّقها حزب «الكتائب اللبنانية» في هذه الانتخابات بتراجع كتلته النيابية من 5 نواب إلى 3، كانت مُتوقعة، إلّا أنها خسارة مُتعددة الخطوط والمغازي. فرهان «الكتائب» على جذب الرأي العام من خلال تبنّيه خطاب «المجتمع المدني» خَسر، كما فَشلت سياسة «احتكار» النزاهة والشفافية وكَيل الاتهامات على كلّ الآخرين، «كلّن»، ورفض التحالف مع أي جهة، باستثناءات محدودة مع «القوات اللبنانية». أمّا إبعاد الكتائبيين الـ»تْقال» وإقصاء المعارضين فقد أوصَل إلى اقتصار النصر على رئيس الحزب، فيما الأرقام التي حققها بقية مرشحي الحزب لا تليق بحزب المؤسس الشيخ بيار الجميّل ورئيسي جمهورية.

بلغ متوسط عدد نواب الكتائب منذ دخوله الى المشهد البرلمانيّ مع نهاية الأربعينات 6 نواب، وذلك حين كان يتألّف المجلس النيابي من 99 نائباً، وفي عام 1964 ضمّت الكتلة الكتائبية 11 نائباً، و9 نواب في انتخابات 1968 بعد التحالف الثلاثي.

وفي 2018، لم يتمكّن شاكر سلامة من الحصول على ألفي صوت في كسروان ، النائب السابق إيلي ماروني وعلى رغم التحالف مع «القوات اللبنانية» لم يُحالفه الحظ في زحله هذه المرة، أمّا النائب سامر سعادة (عن طرابلس) فالأصوات التي حصدها في هذه المعركة في دائرة البترون – الكورة – زغرتا – بشري كانت مخيِّبة للآمال، لِنجل رئيس حزب الكتائب الأسبق جورج سعاده ابن البترون… هؤلاء أبرز مرشحي «الكتائب» في هذه الدورة.

أسباب الخسارة

حصلت لائحة حزب «الكتائب» في المتن على مقعدين لسامي الجميّل والياس حنكش، وكان الجميّل الأول من ناحية الأصوات التفضيلية في هذه الدائرة بحصوله على معظم أصوات لائحته.

أمّا في الأشرفية ففوز النائب نديم الجميّل مُرتبط بتحالفه مع «القوات اللبنانية»، إلى جانب حَيثيّته، خصوصاً في الأشرفية، كَنجل لرئيس الجمهورية مؤسّس «القوات اللبنانية» الشهيد بشير الجميّل.

ويقول مسؤول كتائبي سابق، في حديثٍ لـ»الجمهورية»، إنّ «النتيجة التي توصّل إليها حزب «الكتائب» كانت مُنتظرة، لأنّ القواعد الكتائبية وطنية سيادية… فالخط الذي اتخذه «الكتائب» مُذ تَسلّم سامي الجميّل الحزب ضربَ الحماسة الكتائبية والمعنويات الحزبية الوطنية، التي تعيش منذ تأسيس الحزب على النضال الوطني والسياسي والمقاومة وليس على الملفات الاجتماعية والبيئية فقط».

وعلى رغم أنّ خطاب الجميّل مُتشدّد تجاه سلاح «حزب الله»، وعلى رغم عدم موافقته على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، يعتبر المسؤول أنّ «معارضة الجميّل في هذا الإطار كانت عادية لا وزن لها، وبلا خطّ متواصل».

ويرى المسؤول أنّ خسارة «الكتائب» في هذه الانتخابات وانحسار كتلتها إلى 3 نواب، مردّها الى أسباب ثلاثة:

1 – تركيز الحزب منذ استلام سامي على القضايا الاجتماعية، في وقتٍ يشعر اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً بالخطر الوجودي المصيري والكياني، وبالخوف على دورهم مع وجود النازحين السوريين وخطر التوطين الفلسطيني، إضافة إلى الحرب في سوريا وإعادة النظر في المنطقة.

2 – لا أحد يُمكنه أن يعمل في السياسة من دون إجراء تحالفات، وسامي الجميّل اعتبر نفسه مميّزاً عن كلّ الآخرين، وإذا كان يعتبر نفسه «سياسياً نزيهاً» فيوجد من هو نزيه غيره أيضاً في الحياة الوطنية.

وإنّ تعميم الفساد واللاوطنية واللاأخلاق هو موقف غير صحيح، فالحياة السياسية في لبنان حَوت تاريخيّاً النزهاء والفاسدين. ولكن في الفترة الأخيرة، وللهرب من القضايا الوطنية يركّزون على الفساد، الذي أصبح تغطية أو شمّاعة كي لا يثيروا قضايا السيادة والاستقلال.

فلم يتحالف حزب «الكتائب» مع المكوّنات المسيحية الأخرى، مثل «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«المردة» أو المستقلين، كذلك لم يُجرِ تحالفات مع بقية الطوائف على الصعيد الوطني، بل حاول أن يراهن على «المجتمع المدني»، وهو اسم لغير مُسمّى، والدليل تملمُل الحراك المدني وتفتُّته. وسامر سعادة ونديم الجميّل وإيلي ماروني هُم من فرضوا عليه التحالف مع «القوات اللبنانية» في البترون والأشرفية وزحله، في الوقت الذي كان سامي الجميّل لا يرغب في التحالف مع أي جهة.

3 – عدم تقديم مرشّحين لديهم «التِقل» اللازم» للرأي العام، ما يُبرّر نسبة الأصوات المُتدنية التي حصل عليها مُرشحو «الكتائب» باستثناء نديم وسامي.
ويلفت إلى أنّ نديم الجميّل نجح في دائرة بيروت الأولى «من دون «جميلِة» الكتائب، فانتصاره ذاتيّ شخصي عاطفي على إسم بشير والمقاومة والأشرفية أولاً».

وعن انحسار الحزب، الذي كان له دور أساسي في تاريخ لبنان منذ ما قبل الإستقلال، يقول المسؤول الكتائبي إنّ «كل التركيز ينصبّ اليوم على حزب «الكتائب المتن»، وعلى نجاح سامي الجميّل في المتن». مشيراً إلى أنّ «الدليل على ضعف الحزب، هو تحقيق سامي الجميّل المركز الأول في المتن، فيما حقّق سائر مرشّحي الحزب، باستثناء نديم الجميّل، نتيجة بعيدة جداً عن الحاصل المُخوّل للفوز».

ويعتبر أنّ «حزب «الكتائب» التاريخي، الذي اتّكأ اللبنانيون على «كتفه» وعلى صدره، في 1958 و1975… تحوّل إلى جمعية مدنية، معتبراً أنّ «هذا الأمر خطير جداً».

ويوضح المسؤول الكتائبي أنّ «الحزب أصبح محصوراً بجيلٍ واحدٍ، وبمَن لا يملكون أي شعبية أو حيثية أو دور أو معرفة جيدة بالحياة السياسية اللبنانية».
وعن مكانة «الكتائب» اليوم، يرى المسؤول الكتائبي أنّ «على الحزب إعادة النظر بمساره، وأن يعيد تحديد هويته».

ويختم المسؤول حديثه، قائلاً إنّ «على سامي الجميّل استخلاص العبَر بعد خسارة رفاقه في الحزب، وخسارة الحكومة، ومن ثم الرأي العام واليوم المجلس النيابي».