IMLebanon

كسروان – جبيل… والمنازلة الكبرى

 

الإنتخابات تتحوّل إلى استفتاء غداً… أي لبنان نريد؟

 

 

اتّضحت معالم المعركة الإنتخابية في دائرة جبل لبنان الأولى، قبل ساعات من توجّه الناخبين إلى صناديق الإقتراع غداً لتحديد خيار وهوية وثقافة المنطقة ومعها… لبنان.

 

سبع لوائح تتنافس على ثمانية مقاعد، من بينهم خمسة موارنة في كسروان، مارونيان وشيعي في جبيل. وإن كان التنافس مشروعاً بما يغني العمليّة الديمقراطية، إلا أن الأبعاد التي طبعت المعركة الإنتخابية في عاصمة الموارنة التي يسعى «حزب الله» إلى تكريس مرجعيته السياسيّة فيها، تتعدى هوية الفائزين لتصل إلى تحديد هوية المنطقة وخياراتها السياسيّة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان.

 

وعلى الرغم من خوض «التيار الوطني الحر» الإنتخابات في العديد من الدوائر، إلّا أن رئيسه جبران باسيل تعمّد اختيار كسروان من أجل سوق مواقفه «الإنتهازيّة» خلال احتفال انتخابي للائحة «كنّا ورح نبقى مع كسروان – الفتوح جبيل» المدعومة من «حزب الله»، متخطياً كافة الإعتبارات والحملات المشروعة لشدّ العصب الإنتخابي، واضعاً «الوجدان المسيحي» وخياراته التاريخية مع كنيسته في خانة العمالة والإرهاب.

 

باسيل الذي اعتبر من كسروان، أن التصويت لـ»القوات اللبنانية» والقوى السيادية كالتصويت لـ»داعش» و»العدو الصهيوني»، تقاطعت مواقفه مع الحملة التي شنّها الشيخ أحمد قبلان على مواقف البطريرك بشارة الراعي الذي سبق واعتبر أن «مشكلة البلد بسلاح المقاومة»، ليشدّد قبلان على أنه «لولا المقاومة لكان سكان لبنان يتكلّمون العبرية»، مؤكداً أن «المعركة الانتخابية معركة خيارات واضعاً التصويت للثنائي الوطني المقاوم مع حلفائه في إطار الواجب الوطني والأخلاقي والديني».

 

لدائرة جبيل – كسروان الإنتخابية رمزية خاصة. فهي تحتضن مقرّ البطريركية المارونية في بكركي، وتشكّل على مرّ التاريخ المعاصر نبضاً لبطاركتها وشعلةً لخطاباتهم وتوجّهاتهم السياسيّة والسيادية أكان داخل مؤسسات الدولة أم في جميع المحافل الدولية، قبل أن يشكل «التسونامي العوني» في 2005 إنقلاباً ظرفياً على خياراتهم عبر محاولة إلحاق «المسيحيين» بحلف الأقليات و»حزب الله»، علماً أن هذه الدائرة حَجبت أصواتها في الإنتخابات السابقة عن لائحة «حزب الله»، قاطعةً الطريق أمام وصول مرشحه والمسؤول العسكري حسين زعيتر إلى الندوة البرلمانية رغم نيله 9369 صوتاً أكثريتهم من الطائفة الشيعيّة.

 

 

ولتفادي سقوط «حزب الله» مجدداً عند العتبة الإنتخابية، شكلّ «التيار الوطني الحر» رافعة لمرشحه رائد برو عبر لائحة «كنّا ورح نبقى مع كسروان – الفتوح جبيل»، التي تشهد تنافس وليد خوري وسيمون أبي رميا على المقعد الماروني في جبيل، ومرشحة الوزير باسيل ندى بستاني في كسروان، ليتعزز بذلك فوز مرشح «الحزب» على حساب أحد مرشحي «التيار» لعدم تمكن اللائحة من الحصول على 3 حواصل عند العتبة الأولى، أي ما يقارب 43500 صوت.  في حين وضع متابعون سقوط الوزيرة ندى بستاني في كسروان بموازاة إسقاط باسيل في البترون.

 

 

 

في المقابل، تنطلق لائحة «معكم فينا للآخر»، المدعومة من «القوات اللبنانية» وخياراتها السياسيّة الواضحة، من المحافظة على ممثليها شوقي الدكاش في كسروان، وزياد حواط في جبيل اللذين يتقدمان على سواهم من المرشحين. وتضم كارن البستاني، وأنطوان صفير، وشادي فياض، وجو رعيدي عن كسروان، وحبيب بركات ومحمود عواد في جبيل، محتفظةً لنفسها بتحقيق مفاجأة في النتائج بعد اتضاح اللوائح التي ستعبر العتبة الإنتخابية.

 

 

إلى ذلك، تسعى لائحة «صرخة وطن» المدعومة من النائب السابق نعمة افرام إلى استقطاب «الأصوات التغييرية» لتأمين حاصلٍ آخر لها. وتدور المنافسة بين مرشح «الكتائب» الدكتور سليم الصايغ الذي سبق أن رفض انضمام أيٍ من المرشحين الذين باستطاعتهم تخطيه في الأصوات التفضيليّة إلى اللائحة من أجل ضمان فوزه، ومنهم الوزير السابق زياد بارود، الذي نال في الدورة السابقة 3893 صوتاً، ما يطرح إمكانية أن تصبّ تلك الأصوات «التغييرية» في خانة مرشحٍ أو مرشحةٍ أخرى على اللائحة تتخطى أصوات الكتائب التفضيلية حاصدةً الفوز المفاجئ وقاطعة الطريق أمام تمدد الكتائب نيابياً إلى كسروان.

 

وفي سياق المنافسة، إكتسبت لائحة «الحريّة قرار» مكانتها في المشهد الإنتخابي من خلال خطاب المواجهة الذي ترفعه بوجه «الإحتلال الإيراني» المتمثل في «حزب الله» والذي يلقى تأييد المعارضة والقوى التغييرية في المنطقة. وهي تنطلق من القاعدة الإنتخابية الصلبة لتأييد رئيس «لقاء سيدة الجبل» فارس سعيد الذي يخوض معركته بعناوين سيادية واضحة بمواجهة «حزب الله» وسياسته الرامية إلى تغيير هوية المنطقة وثقافتها، محاولاً الفوز على مرشح «التيار الوطني الحر» للحدّ من تمدّد «حزب الله». ليشكل منصور غانم البون رأس حربة في مواجهة لوائح «الممانعة» في كسروان. وتضم اللائحة إلى جانبهما، أسعد رشدان ومشهور حيدر عن جبيل، وموسى زغيب وبهجت سلامة عن كسروان.

 

في المقابل، تعيش لائحة « قلب لبنان المستقل» هاجس بلوغ الحاصل وهي تضم فريد هيكل الخازن وشامل روكز، شاكر سلامة، سليم الهاني، وتوفيق سلوم عن كسروان وإميل نوفل، طوني خيرالله وأحمد هاني المقداد عن جبيل.

 

لتختتم الصورة في جبل لبنان الأولى، مع بروز التحرّك المحدود للائحة «نحنا التغيير» المدعومة من «حزب سبعة»، ولائحة «قادرين» المدعومة من «مواطنون ومواطنات في دولة».

 

 

 

وفي لغة الأرقام، يبلغ عدد الناخبين في دائرة جبل لبنان الأولى (كسروان – جبيل) نحو 182.524 ألف ناخب وفق القوائم الإنتخابية الأوليّة الصادرة عن وزارة الداخلية، وتضم كسروان 96.551 من بينهم 7.173 ناخباً تسجلوا للإقتراع في الخارج، و85.973 في جبيل بينهم 5752 ناخباً من غير المقيمين. وخلال الدورتين الأولى والثانية من انتخابات المغتربين التي جرت الأسبوع المنصرم، شارك 4004 مقترعين من جبيل و5132 من كسروان أي بنسبة قاربت الـ70 في المئة.

 

وتتقاطع بذلك معطيات الماكينات الإنتخابية لهذه الدورة مرجحةً وصول نسبة المشاركة المعمول بها إلى 65 في المئة، وتتراوح بذلك العتبة الإنتخابية عند ما يقارب 14500 صوت. يشكل هذا الرقم التحدي الأول لجميع القوى السياسيّة قبل عبور لوائحهم إلى المرحلة الثانية ومنها تحديد هوية الفائزين. فهل ستَنفُض عاصمة الموارنة عنها عبء الإرتهان لمحور المقاومة والعقوبات وسياسات العهد الجهنميّة أم أن «حزب الله» سيكرّس زعامته إلى جانب بكركي ومعراب والقوى السياديّة؟