IMLebanon

تعرَّفوا على البنود «الإصلاحية» العشرين في «السلسلة»

تركزت الأنظار فور إقرار سلسلة الرتب والرواتب على التقديمات التي حصل عليها المستفيدون، وعلى الضرائب والرسوم التي أضيفت على كاهل المُكلّف. لكن البنود الاصلاحية مرت مرور الكرام، ليس لعدم أهميتها، بل لأنها مجرد اضافات لفظية، لم، ولن ترى النور على المدى المنظور.

يقع مشروع سلسلة الرتب والرواتب الذي مرّ في الهيئة العامة للمجلس النيابي للمرة الاولى في العام 2014، ثم أُعيد الى اللجان، ليعود بعد غد الاربعاء الى الهيئة العامة لاقراراه، في 16 صفحة فولسكاب، ويتكوّن من 41 مادة، نصفها (20مادة) للتقديمات والزيادات وتوزيع الرتب على اصحاب الحقوق، ونصفها الآخر (20مادة) مخصص للحديث بالتفصيل الممل عن الاصلاحات التي سيتم إدخالها الى القطاع العام الوظيف.

وتبقى مادة أخيرة الرقم 41 وهي المادة «المحايدة» التي تنص على تطبيق القانون فور صدوره في الجريدة الرسمية.

هذ القسمة الدقيقة المعتمدة في المشروع، الهدف منها الايحاء بأن التقديمات التي ستُقر توازي تماما الاصلاحات التي ستتناول الادارة العامة. لكن، ولسبب مجهول معلوم، اهتم المستفيدون والمتضررون من السلسلة، ببنود التقديمات والضرائب، ولم يرمقوا البنود الاصلاحية ولو بنظرة عابرة.

السبب في هذا «الاسترخاء» لا يرتبط بطبيعة البنود الاصلاحية المقترحة فحسب، بل بقناعة كل الناس، ان ما سيُنفذ في المشروع هي التقديمات والضرائب، في حين ستبقى الاصلاحات مجرد حبر على ورق.

في هذا الاطار، وفي مراجعة للبنود الاصلاحية الواردة في المشروع الاساسي، يتبين ان النقاط الاساسية هي كالتالي:

المادة 21- باستثناء وظائف الفئة الاولى، يتوقف التوظيف في مختلف الادارات العامة… ويتم اعداد تقرير في 6 اشهر لتحديد الفراغات.

هذا البند أعيدت صياغته، لكنه ظل ملتبسا، لأن مشكلة التوظيف في القطاع العام، انه متخم بموظفين في مواقع لا حاجة اليهم، ويعاني نقصا وظيفيا في مواقع تحتاج الى توظيف.

المادة 22- تتعلق بوقف التوظيف في القطاع التعليمي. جرى تعديلها وباتت تتحدث عن تقليص حجم هذا القطاع.

هذه المادة ظلت ملتبسة ايضا لأن مشكلة القطاع التعليمي الرسمي لا ترتبط بحجمه بل بالمحسوبيات التي جعلت هناك عشرين استاذا في مدرسة

لا يتجاوز عدد طلابها الخمسين، ووضعت عشرة اساتذة في مدرسة تأوي حوالي 500 تلميذ.

المادة 23- تحديد عدد دورالمعلمين.

المادة 24- تحديد عطلة القاضي بشهر واحد في السنة.

المادة 25- زيادة ساعات العمل من 32 الى 35 اسبوعيا.

هنا ايضا، لا بد من الاشارة الى ان مشكلة اداء القطاع العام لم تكن مرة في عدد ساعات العمل، بل في الانتاجية والمواظبة والنزاهة. مع الاشارة الى ان عدد ساعات العمل ليس كافيا مقارنة مع القطاع الخاص.

المادة 27- تعدّل بعض البنود في حق المرأة المتزوجة بدوام نصفي.

المادة 29- مخصصة لتحديد عدد الساعات الاضافية التي يستفيد منها الموظف.

المادتان 30 و31 و32 و33- تتناول تعديلات في استفادة اولاد الموظف المتوفي من معاشات التقاعد والتعويضات، وسريان الراتب بعد التوقف…

المادة 34- تتحدث عن آلية تعيين المدرسين في التعليم الرسمي، وهي تهدف الى اعادة تنظيم تحديد الدرجات لحملة الاجازات الجامعية والثانوية…

المادة 35- توحيد التقديمات الاجتماعية لدى موظفي القطاع العام. والمقصود هنا، منح التعليم، منح الزواج، الوفاة والولادة.)

في هذا الاطار، الاجراء الأهم الذي يمكن اتخاذه هو في توحيد النظام الصحي للقطاع العام، وتوحيد الصناديق الرسمية الضامنة، منعا لهدر المال العام، وحماية لكرامات الموظفين وصحتهم.

المادة 36- تتعلق بتنظيم وظائف الفئتين الاولى والثانية بالنسبة الى قدماء العسكريين.

المادة 37- اعادة النظر بسياسة الدعم ومساهمة الدولة في الصناديق.

هذه المادة صيغت بطريقة مُبهمة وملتبسة لضمان عدم تنفيذها. واستخدمت في الصياغة عبارات فضفاضة مثل انه يُجاز للحكومة دراسة هذا الملف، والتقرير بناء على الجدوى الاقتصادية لأي دعم!

المادة 38- تعيد تنظيم الانفاق على المحروقات في الادارات العامة المدنية والعسكرية.

هذه المادة أيضا تحتاج الى توضيحات اضافية، ويُستبعد أن تؤدي الغرض من وضعها.

المادة39 و40- اعادة نظام تقييم الموظفين سنويا، على أن يشمل التقييم جميع فئات الموظفين دون أي استثناء.

هذا الملف ملتبس أيضا، على اعتبار ان المشكلة ليست في التقييم بل في اتخاذ الاجراءات. ولا حاجة الى التذكير بأن الوظيفة العامة هي بمثابة محميات سياسية لا يستطيع ان يخرق اسوارها أي نظام اصلاحي من دون قرار سياسي.

هذه باختصار البنود الاصلاحية الواردة في مشروع سلسلة الرتب والرواتب، وهي يُفترض انها الفاتورة التي يستهيب المستفيدون من السلسلة دفعها، والمكافأة التي يتوقع المكلفون الحصول عليها مقابل الضرائب والرسوم الجديدة التي فُرضت عليهم، لكن الواقعية تُحتّم الاستنتاج بأن لا المستفيدين من السلسلة سيدفعون «الفاتورة» ولا المتضررين سيحصلون على «المكافأة»، ومن أجل ذلك لم يهتم لا هذا ولا ذاك بما ورد من اصلاحات انشائية في مشروع سلسلة الرتب والرواتب.

بل أكثر من ذلك، هناك من يراهن على ان هذه الاصلاحات المقترحة ستتعرّض للتشذيب الاضافي في الهيئة العامة يوم الاربعاء، بحيث تُبقي على البنود الاصلاحية المُبهمة غير القابلة للتنفيذ عملياً، وقد تعدّل البنود الاكثر وضوحا، لضمان عدم تنفيذها.