IMLebanon

قادة إلى الأبد لأزمة تتمدّد

 

سيتصاعد صراخ المواطنين تباعاً وبقوة في الأيام المقبلة، فمشكلتهم الكبرى التي دفعتهم إلى الانتفاض في وجه سلطة الفساد والتسيب تتناثر كما القنبلة العنقودية، وبعد أن كان الفساد والهدر والتسلط ونظام المزارع عنواناً كبيراً جامعاً، ها هو يتفرع إلى عناوين تفصيلية ستدفع من لم يتحرك بعد إلى إبداء غضبه ورفضه.

 

سرّعت الانتفاضة في كشف نظام السرقة الممنهجة والزبائنية التي أرهقت القطاع العام، وأكدت صحة التحذيرات التي وجهت إلى الممسكين بالسلطة من أن الهدر في قطاعات أساسية هو الذي قاد إلى العجز، ويأتي قطاع الكهرباء في طليعة تلك القطاعات التي تحولت منذ عقدين إلى مغارة علي بابا والأربعين حرامي. وترجمت سياسات العداء للعالم العربي وقيام دولة داخل الدولة تفرض نهجها على الدولة الشرعية قطيعة عربية مع لبنان كمقصد علمي وطبي وسياحي، كما ترجمت تراجعاً في تحويلات المهاجرين اللبنانيين إلى وطنهم والتي كانت تتراوح سنوياً بين سبعة وتسعة مليارات دولار، واستنكف هؤلاء وغيرهم من المتمولين خصوصاً عن الاستثمار في لبنان، حيث يشترط أمراء الدواوين والطوائف إشراكهم في الحصص أو الحصول على رشوات مجزية لتسهيل مشاريع أصحاب المال والأعمال.

 

ثم جاءت مشكلة المصارف والسيولة بالدولار لتتوج سياسات النهب المنظم والفوضوي لتنعكس على كل تفاصيل الحياة اليومية واضعة المواطن أمام جدار من المشاكل يستحيل خرقه.

 

لم يخطىء المنتفضون عندما طالبوا بتغيير السياسات والأشخاص والرموز. ولو كنّا في بلد طبيعي لكانت الخطوة الأولى نحو الحل اجراء انتخابات مبكرة تعيد انتاج سلطة جديدة تتحمل المسؤولية، لكننا أبعد ما نكون عن مواصفات البلد الطبيعي. فبعد نحو شهر ونصف الشهر على أروع وأشمل انتفاضة يقوم بها الشعب اللبناني، لا يزال تجديد دماء السلطة يشترط عودة الوزراء أنفسهم موضع الانتقاد والرفض، ولهذا السبب لا تجرى استشارات نيابية ولا تولد حكومة… وتشد الأزمة خناقها على رقاب الناس.