IMLebanon

الجامعة العربية والمخاطر المحدقة بدولها

 

 

وأخيرا، تحدث من كان عليه أن يتحدث منذ زمن السيد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية الصامت أبدا تجاه ما تعانيه المنطقة العربية ودولها. ففي عنوان بارز بجريدة «الشرق الأوسط» عدد يوم الجمعة ١٤/ الجاري ت-١- الجامعة العربية تؤكد خطورة الوضع في المنطقة والاقليم، وان المنطقة تعيش في دوامة أزمات ممتدة منذ عام 2011/ وأن تبعاتها ما زالت مستمرة على الأمن والاقتصاد والوطن الإقليمي، ودعا العرب الى تشكيل رؤية عربية شاملة واستراتيجية متكاملة لمواجهة التحديات، وأضاف أن مجتمعاتنا ما زالت عاجزة عن إنتاج الأفكار بما يكفي لمواجهة التحديات، (تصفيق) وما زالت تعاني فقرا في الخيال والتصوّر لتكوين الاستجابة المناسبة لها.

هناك يا سادة مثل شعبي عربي عن المتأخرين بواجباتهم يقول «يطعمك الحجّة والناس راجعة»..

إننا أمام إقرار رسمي من جامعة دول العرب بأن التحديات قائمة على المنطقة منذ 11 عاما وتبعاتها خطيرة على الأمن والاقتصاد والوجود الاقليمي والسؤال المشروع ماذا فعلت جامعة الدول العربية؟ وماذا فعلت الدول العربية مجتمعة أو منفردة كبيرها وصغيرها؟ وأين الرؤية العربية الشاملة والاستراتيجية المتكاملة ولماذا العجز عن إنتاج الأفكار، والقدرة على الخيال للمواجهة؟ أين التضامن العربي بين دولكم المفقود؟ وأين معاهدة الدفاع العربي المشترك التي أصفرّت أوراقها؟

يا سادة مع احترامي الشديد لكل المواقع والمسؤوليات وأشخاصها وقياداتها.. ما هكذا تقاد الأوطان أو تبنى الأمم.. هذه حالات من التخبط والضياع وما هو قائم على أمة العرب من تحديات أكثر خطورة مما تتصورون، المرحلة تحتاج إلى قيادات واعية مؤمنة بقضايا الأمة وأمنها واستقرارها، قيادات شجاعة تحسن التفكير والتخطيط والدفاع وتحمي الوطن والمواطن وتحول دون هجرته بالملايين لدول أخرى هربا من جور الحكام واستبدادهم والانتقام والتشفي من الشعب وزج الناس بالسجون مع كل صنوف التعذيب والقتل بدون حساب أو وازع من ضمير وأخلاق وانعدام المسؤوليات..؟!

حضرة الأمين العام، مع كل الاحترام والتقدير الكبيرين لشخصك الكريم وأنت يوما توليت وزارة الخارجية لأهم وأكبر دولة عربية هي مصر بعهد الرئيس مبارك رحمه الله والاحترام لموقعك المسؤول الحالي وكأنك الرئيس غير المتوّج للدول العربية فأبواب كل الرؤساء مشرّعة إليك وكل قضايا دولهم بين يديك ومع كل ذلك وبعد خراب البصرة وأغلب عواصم ومدن الدول العربية وبعد سنوات طوال تحدثنا عن الخطورة التي تمرّ بها الأمة العربية والاقليم ككل وعن عدم القدرة على الخيال والتصور وعدم قدرة الأمة على إنتاج الأفكار وعن تشكيل الرؤية الشاملة وبناء استراتيجية متكاملة، وأن مجتمعاتنا ما زالت عاجزة عن مواجهة التحديات. وتعاني فقرا في الخيال والتصور لتكوين الاستجابة المناسبة لها.

المواطن العربي بل شعوب العالم تنتظر الاستجابة ووضع الحلول من مؤسساتها الشرعية ومن دولها وحكامها وان تنازعوا في شيء فيردّوه إلى الله ورسوله وليس إلى غرب أو شرق ويصبحون على الأمة الخصم والحكم معا العلني (أميركا وأعوانها) ومنه المخفي (حلفاء وأصدقاء).

أعذرني حضرة الأمين العام، الأمة العربية هي على غير ما تراه أو تعلمه عنها، الأمة مليئة بالطاقات والأفكار والإمكانات فتشوا عنهم تجدونهم، مناضلون مكافحون استعدادهم للعطاء والتضحية والاستشهاد غير محدود، ألا ترون ملاحم البطولة في الداخل الفلسطيني ومقاومتها البطولية في القدس الشريف وغزة والمدن والقرى الفلسطينية الأخرى، قتال يومي مشرّف مبارك من السموات العلا والأرض، لكن وعلى ما يبدو أن كثيرا من المسؤولين العرب لا يرون ولا يسمعون ولا يستنكرون، بات العدو الصهيوني المحتل الصديق الجديد لبعض أنظمة العرب المطبعين واللاهثين خلفه لنيل الرضا ومعادين للعرب الآخرين، ألا ترون وتقرأون ما حصل من ملاحم التحرير والبطولات النادرة في لبنان الشعب والجيش والمقاومة.

مواطنو الأمة العربية الذين حوّلتموهم إلى شعوب متعددة بعد أن كانوا شعبا واحدا. لأمة خالدة مسؤولون عن رسالات إلهية خالدة يحسنون إنتاج أرقى الأفكار وأكثرها صوابية ويرسمون وهم فعلوا ذلك أقدر الاستراتيجيات ولديهم الغنى الكثير في الخيال والتصور وبالاستجابة السريعة لخير الأمة، العيب ليس في النخب العربية ولا في المناضلين ولا في الشهداء الأحياء بل العيب كل العيب في الأحياء الأموات هم سبب تراجع الأمة وبلواها. ودعني أدلّك على المفكرين الكبار في علوم السياسة والإدارة والاستراتيجيات تراهم بكثرة بين النخب المصريين، والسوريين، والعراقيين، وتراهم في كل دولة عربية وخاصة في لبنان الوطن الصغير مساحة العظيم نضالا وكفاحا وتحريرا، أسماؤهم معروفة وأفعالهم مشهورة لكنهم محاصرون من أنظمتهم واقحموا عليهم حروبهم العنصرية الطائفية والمذهبية والمناطقية والعشائرية في إعادة لحروب داعس والغبراء وحرب البسوس وغزوات قبائل الجاهلية بعضهم بعضا، الأمة العربية بخير ان شاء الله أمة موعودة من الله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) صدق الله العظيم.

ختاما كنت سأذكر لك عددا من المفكرين العرب الذين أبدعوا في الكتابة عن حال الأمة وبنوا برامج واستراتيجيات هامة، لكن فتشوا أنتم عليهم تجدونهم وأنا المواطن المتواضع كتبت أكثر من مقال عن جامعة الدول العربية أذكر الأخيرين منها الأول بعنوان: /جامعة الدول العربية ما لها وما عليها/ نشرته جريدة «النهار» البيروتية المشهورة بتاريخ 23/3/2022. والثاني بعنوان: /جامعة الدول العربية أيضا وأيضا/ نشرته جريدة «اللواء» البيروتية بتاريخ 2/7/2022. والله ولي التوفيق.

إننا ننتظر منكم يا حضرة الأمين تدخّلكم حالا لوقف الحرب الدائرة على سوريا العربية والتدخّل الأعمى بشؤونها وإطالة الحرب عليها وإعادتها لعضوية جامعتكم ومصالحة النظام وشعبه وعودة النازحين بالملايين إلى وطنهم العربي الأبيّ وأيضا التفتوا إلى ما جرى ويجري في العراق الأشم وسيطرة الفوضى التي أرساها المستعمر الأميركي للعراق شعبا ودولة ومؤسسات، وساهموا في وقف حرب اليمن العبثية وتصدّوا للتدخلات الأجنبية لإطالة الحرب الأهلية والعربية – العربية استنزافا بطاقات الأمة وتوسيعا لنفوذ المتدخلين بكل أنواعها حتى غدا اليمن الذي كان سعيدا مطحنة لمجازر دموية مستمرة، وما يجري بليبيا وحروبها وصراعاتها التي تطاول بقية دول المغرب العربي بما فيها جمهورية مصر العربية.