IMLebanon

متعاقدو اللبنانيّة في مهبّ المئة يوم حكومية!

 

يبحث الأستاذ المتعاقد في الجامعة اللبنانية عن «إبرة» مطالبه في «كومة قش» الطبقة السياسية، التي تبحث بدورها عن ثغرة ما لتنقَضّ على حقوق الأساتذة.

 

يفترض أن يخصّص الاستاذ الجامعي وقته لصقل معرفته بمزيد من العلم والابحاث، لكن في لبنان تُشغله «سلطات الوصاية» بأمور حياتية صغيرة تربك تفكيره وتحصره في متابعة أموره المادية وملاحقتها، كون دولتنا اعتادت «القبض لا الدفع».

 

يواجه ملف الاساتذة المتعاقدين مع الدولة تعتيماً كبيراً، وتعتمد الدولة سياسة تهميش المطالب وإعطاء المزيد من المسكنات للجسم التعليمي المُصاب باستنزاف على مستوى كادراته، وتقدّر بدل أتعابه بما لا يزيد عن مليوني ليرة في الشهر، أي ما يقل عن 25 مليون ليرة سنوياً إذا ما اقتطعنا الـ 6 % لعقد المصالحة، و10 % للضرائب الأخرى.

 

هذا الملف حضرَ على طاولة مجلس الوزراء للمرة الاخيرة سنة 2014، ومنذ تاريخه وحتّى اللحظة هناك علامات استفهام عدّة تطرح حوله، رغم أنّ القانون في هذا الإطار واضح: «سنتان + نصاب 200 ساعة في الخدمة = تفرّغ». فما الذي يحصل تحديداً؟ ومن المسؤول عن حرمان أكثر من 700 أستاذ جامعي من أبسط حقوقهم؟

 

واجَه هذا الملف عرقلة من حيث الميثاقية، إذ تدخّل «التيار الوطني الحر» لمنع إقراره لأسباب قال انها تتعلق بعدد المتفرّغين، حيث مالت «الدفة» لصالح الطائفة الشيعية بحوالى «50 %» فيما توزعت الـ «50 %» الأخرى على المسيحيين والسنّة والدروز.

 

من الناحية المادية، لا يكلّف تثبيت الأساتذة المتعاقدين في الساعة أو ما يعرف إصلاحاً «بالتفرّغ» قرشاً واحداً، فرواتب المتفرّغين لا تصرف من خزينة الدولة إنّما مباشرة من موازنة الجامعة. وبالتالي، لن تؤدي عمليّة تفريغهم إلى إضافة أيّ أعباء جديدة على الخزينة. وبذلك لا يعتبر المتفرّغ موظّفاً في الدولة اللبنانية إنّما هو موظّف في الجامعة.

 

وإلى الإجحاف المالي الذي يلحق بالمتعاقدين، فإنّ عدم تثبيتهم يحرمهم حتماً من امتيازات أخرى كالضمان الصحي وغيرها…

 

أمّا من الناحية الأكاديميّة، فقد أُحيل الى التقاعد أكثر من 1000 أستاذ من العام 2014 حتى تاريخه. ما يعني حكماً أنّ ملاك الجامعة أصبح ناقصاً، وباتت الحاجة ملحّة لنقل المتعاقدين بالساعة الى أساتذة متفرّغين. وبين عامي 2017 / 2018 تمّ تجهيز ملف جديد لتفريغ أساتذة جُدد يصل عددهم الى حوالى 700، يراعون المعايير الأكاديمية تحت مسمّيات عدّة، بعضهم أدخل كحاجة أساسية في الجامعة وبعضهم الآخر لمراعاته النصاب ويستحق (ملف المستحقّين)، ومنهم من أُدخل لملء الشواغر في الفروع كافة… لكنّ مجلس الجامعة رفض حينها إخراج الملف من الجامعة تحت عنوان انه لا يحترم الميثاقية. وبحسب الأرقام غير الرسمية فقد تراوحت النسَب كالتالي: 28 % من المسيحيين (إرتفعت نسبتهم مع إضافة أسماء حوالى 90 متعاقداً لاحقاً) و72 % من المسلمين والدروز.

 

وفي هذا السياق تشرح مصادر متابعة «أنّ المتعاقدين ومع تثبيتهم يصبحون موظفي فئة ثانية، إلّا أنّ الخوف يبقى مع ترقيتهم الى الفئة الأولى، فتختلّ بذلك التوازنات الطائفية». وتشير المصادر الى أنّه «في العام 2014 ولدى دراسة مجلس الوزراء ملف المتعاقدين، وقبَيل إقراره، أجرى بعض التعديلات لمراعاة التوازنات الميثاقية فرفع العدد من حوالى 970 الى 1213».

 

ثلث المهلة… إنقضت

 

إلتزمت الحكومة في بيانها الوزاري ملء الشواغر في الجامعة اللبنانية، وحدّدت لنفسها 100 يوم لإنجاز هذا الاستحقاق. ورغم مرور ثلث المهلة الزمنية المحدّدة، إلّا أنّ الاساتذة لم يلتمسوا أي خطوة.

 

وفي هذا الإطار، تؤكّد مصادر في «وزارة التربية» أنّ الوزير مستعد لمراجعة الملف وإحالته الى مجلس الوزراء فور تسلّمه، لكنّه حتى اللحظة لم يتسلّم أيّاً من الملفات التي تعود للمتفرّغين أو المتعاقدين».

 

تحرّكات… قيد التأجيل

 

وأرخَت الظروف الراهنة بثقلها على قرارات هيئة أساتذة المتعاقدين، فقد مُني العام الدراسي بسلسلة إضرابات آخرها مجهول المصير، مع انتشار فيروس «كورونا».

 

إنطلاقاً من هذا، تقول مصادر لجنة المتعاقدين انّها «في صدد الإعداد لخطوات تصعيدية، لكنها لا تزال قيد الدرس، خصوصاً أنها ستحمل انعكاسات سلبية على طلاب اللبنانية مع تعليق الدروس لكلّ هذه المدّة». وتؤكّد: «لو كنّا في ظروف طبيعية لكانت الخيارات أمامنا أوسع، كالاعتكاف عن تصحيح الإمتحانات أو عدم تسليمها، أو الإضراب. لكنّ ظروف البلد اليوم غير مؤاتية كي نقوم بخطوات تصعيدية، تؤثّر سلباً على الطلاب».

 

فهل يُحَرّك ملف الأساتذة المتعاقدين بعيداً عن الحسابات السياسية والطائفية ويُحال الى وزير التربية ليرفعه بدوره الى مجلس الوزراء، فيُنهي بذلك مأساة مئات الأساتذة، فيمضون قدماً في رفع مستوى «جامعة الوطن»؟