IMLebanon

لبنان النزاع… يُنازع

 

 

لبنان النزاع يُنازع بعد أن استنزفت مكوناته السلطوية طاقتها الخلاقة بالكذب والتزوير والتهريب والسرقة والقتل والتهجير والتفجير، وسلطة النزاع أصبحت في حالة انكشاف سياسي ومالي واقتصادي واجتماعي ووبائي، وتحاول القيام بعملية اجترار لارتكاباتها السابقة لعجزها عن التجدد والابتكار، وتنتظر مساعدات أولياء الأمر لإنقاذ مجتمع النزاع اللبناني وإعادة تكوين السلطة على أساس قواعد الاشتباكات الطائفية والإقليمية والدولية، والتي تنعمت بمواردها منذ اثنين وسبعين عاما من نكبة فلسطين في ١٥ أيار ١٩٤٨ حتى الآن ١٥ أيار 2020.

 

لبنان النزاع ينازع بعد انكشاف مكونات السلطة وتداعيها وانقلابها على ذاتها بعد أن أحرقت كل مراكب تواطؤها وتقاسمها المغانم والمواقع والمرافئ والمعابر وسلسلة الرتب والرواتب والكهرباء والمحروقات، والتباهي بالمغامرات وأوهام التحالفات وفقدت مكونات السلطة التمييز بين أبنائها وأخصامها ووقعت أسيرة نزعة التوحش والتسلط التي جعلتها تأكل لقمة عيش أهلها وتشرب من دماء أطفالها لتروي غريزة تعطشها للسلطة وتجعل من أعداء لبنان أكثر رحمة على اللبنانيين من أبناء لبنان.

 

لبنان النزاع ينازع مع تداعي مكونات سلطة ما بعد إسقاط اتفاق ١٧ أيار ١٩٨٤ ومسرحيات جنيف ولوزان ووثيقة الوفاق الوطني والرؤساء الثلاثة وصلاحيات الرئيس ومجلس الوزراء وخرافات النظام الرئاسي والنظام البرلماني، وإسقاط الرئاسات بالاغتيال أو الإلغاء من دائرة التوازنات والعودة إلى الاتفاقات الثلاثية وميدان سباق الخيل وثقافة وقف إطلاق النار ومرارات حروب المناطق والطوائف والتهجير وخطوط التماس، مما أدى إلى خوف قيادات النزاع والشعور بالخطر على الذات من عودة قواعد الاشتباك السابقة، فسارعوا إلى الاجتماع حول السلطة وإظهار مهارات ومسببات جوفاء تذكر بتاريخهم المرير في دولة النزاع على قواعد اشتباك الصراع العربي الإسرائيلي على مدى ٣٦ عاماً، من ١٥ أيار ٤٨ حتى ١٧ أيار ١٩٨٤، ثم إعادة تكوين السلطة على قواعد اشتباك الصراع الإيراني الإسرائيلي وعلى مدى ٣٦ عاماً، من ١٩٨٤ حتى العام ٢٠٢٠.

 

لبنان النزاع ينازع لعدم قدرة مكونات السلطة على معرفة حقيقة التحولات في المنطقة وقواعد الاشتباك القادمة، ولفقدانهم كل أسباب الحياة على أساس قواعد الانتظام، وكان خلاصهم المؤقت باستحضار وفد صندوق النقد الدولي للنقاش حول خطة الإصلاح الوطني التي وضعها الفساد السياسي وعن سابق معرفة بأن المفاوضات مع صندوق النقد ستطول لسنوات ولذلك كان الإسراع بتقديمها بمعزل عن جودتها وصلابتها، لأن الغاية من تقديمها هو عملية كسب للوقت بانتظار معرفة مستقبل النزاعات الموعودة وكذلك من أجل إقناع الناس بأن مكونات السلطة تبحث لهم مع صندوق النقد عن علاج لأوجاعهم على قاعدة وداوني بالتي كانت هي الداء، وتعلق السلطة آمالاً كبيرة على صديقها كورونا، ذلك الوباء الذي أعطاها شرعية اضطهاد الناس وعزلهم وإقفال المدارس والجامعات والأسواق وتعطيل كل أسباب الحياة.

 

لبنان النزاع ينازع ويحاصر بالثنائية كل قواعد الانتظام العام ومنافذ الحرية بعد أن ألغى مؤسسة مجلس الوزراء مع محاولة احتواء ثقة الناس بالمؤسسات العسكرية والأمنية عبر الاجتماعات المكثفة للمجلس الأعلى للدفاع وإعلان حالة التعبئة العامة بدلا من حالة الطوارئ، والخوف من تداعيات الأيام القادمة على سلطة النزاع واحتمال عودة لبنان إلى قواعد انتظام بناء دولة المواطنة والمؤسسات وبصرف النظر عن طبيعة النظام، حيادي أو فيدرالي أو لا مركزي، المهم هو الخروج من دولة النزاع وسياسة قواعد الاشتباك الطائفية التي تحكمت بلبنان ٧٢ عاماً، من نكبة فلسطين ١٥ أيار ٤٨ إلى نكبة لبنان ١٥ أيار ٢٠٢٠.