IMLebanon

لبنان والكويت في عالم عربي يبحث عن دور

 

 

 

ليست زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الى دولة الكويت الشقيقة في ضيافة أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، هي مجرد زيارة بروتوكولية، بل ويجب ألاّ تكون كذلك بالمفهوم العربي القومي. تقليديا وتاريخيا، كانت العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين على أعلى درجة من الصفاء والتعاون الصادق، والتراحم والودّ، وكل ذلك كان يتقدم حتى على مفهوم المصالح المشتركة بين البلدين والشعبين. وأسرة آل الصباح الحاكمة منذ التأسيس اتبعت نهج التعاون والتضامن في محيط الأسرة العربية وعمقها الاسلامي، والانفتاح على العصر سياسيا وحضاريا، في اطار السيادة القومية وتراث الأمة الثقافي بكل تشعباته. وهذه هي أهمّ نقطة تقاطع مع واقع لبنان التاريخي الضارب في القدم، ودوره في محيطه القومي والمدى الانساني كرسالة أولا وأخيرا.

 

***

أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، هو من آخر الحكماء العرب في الأمة. لم ينزلق يوما الى محاور الخصومة والعداء بين الأشقاء في الأمة. ولم يحدث خلاف أو تباعد بين الأشقاء إلاّ وكان الشيخ صباح الأحمد في مقدمة المبادرين الى اصلاح ذات البين ورأب الصدع بين المتخاصمين، مستنفرا في جهوده كل أصحاب الهمم والنيّات الحسنة لمؤازرته في انجاز مهمته. ولبنان في ذروة استقراره وازدهاره كان متكاملا من هذا الدور المشرق في الأمة، غير ان الظروف القاهرة التي طرأت عليه، أبعدته عن هذا الدور، وجعلته ينصرف الى لملمة شتاته وتضميد جروحه زمانا طال أكثر من المتوقع!

***

بدأ لبنان راهنا مسارا جديدا مع ولادة عهد جديد يشبه انبعاث طائر الفينيق من تحت الرماد، ليس فقط بانتخاب رئيس جديد للجمهورية بمواصفاته الوطنية والقومية والشخصية، وانما أيضا بمواكبة شخصياته المتميّزة بالصلابة والعنفوان في التشريع والسياسة، وقوة ردع العدو والتخريب والارهاب. وقد يكون ما بعد اجراء الانتخابات النيابية المقبلة بعد شهور قليلة نقطة انطلاق جديدة، ليس فقط على الصعيد الداخلي وحسب، وانما أيضا على المستوى العربي القومي، وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي. ولن يكون لبنان قادرا وحده على القيام بهذا الدور، وانما يحتاج حكما الى شريك أو شركاء للانطلاق بفعالية.

***

عالمنا العربي يعاني اليوم من حالة تشتت وانقسام حوّلته الى معسكرات متقاتلة ومتنافرة، وتهدّد بضياع هويته القومية. وعالمنا العربي يحتاج اليوم، وربما يبحث عن دور انقاذي يخرجه مما هو فيه. وأفضل من يمكن ان يقوم بهذا الدور، في الظروف الراهنة، بلدان عربيان هما توأمان بالروح: الكويت ولبنان. ولعلهما يبادران منذ اليوم – بعد زيارة الرئيس عون لشقيقه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد – الى التنسيق بينهما، مع أصحاب الهمم والمساعي الحميدة، لاطلاق مبادرة انقاذ ومصالحة في قمة الرياض المقبلة، والقمة العربية التي تليها في بيروت…