IMLebanon

لبنان والبلقان مصفاة اللاجئين الى أوروبا

لا يخلو كلام أيّ زائر أوروبي لبيروت سواءٌ كان ديبلوماسياً او أمنياً من التركيز على مسألة وحيدة هي اللاجئين، حتى وصل الأمر بأحد المرجعيات السياسية إلى القول لمستشاريه بعد استقباله ثلاثة سفراء غربيّين في يوم واحد إنّ يومه اشبه بسماع الأسطوانة المكرّرة ذاتها.

يقارب الاوربيون ملفّ اللاجئين من زاويتين، واحدة من ناحية خطرهم الديموغرافي على اوروبا، والأخرى من انعكاس ذلك على الأوضاع الإجتماعية والأمنية قبل الإقتصادية. وعليه يخلص زوار بيروت الى ضرورة تثبيتهم في لبنان لمنع انتقالهم عبر البحار الى القارة العجوز.

فأزمة المهاجرين وفق ديبلوماسي غربي يعمل في بيروت تُعتبر الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية وتكاد تتحوّل آفة طاعون منتشرة في جسد القارة.

واستناداً الى إحصائيات الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية – فرونتكس، يتبيّن أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015 لعبت دول الاتحاد الأوروبي دور المضيف لأكثر من 710 آلاف مهاجر، أرقام يرى فيها الديبلوماسي الغربي أنها أقل من الواقع الذي يفوق المليون ونصف المليون، غير أنّ الديبلوماسي الغربي الذي يشكو من ارقام اللاجئين في أوروبا يتناسى اعداد ما يستقبله لبنان والذي يفوق ما استقبلته أوروبا بكلّ دولها.

واللافت أنّ قلب القارة الاوروبية لم يعد وحده هدفاً للاجئين بل وصلت طلائعهم الى منطقة البلقان الغربية ويعود ذلك إلى أنّ هنغاريا قد أغلقت حدودها مع صربيا ملزمة اللاجئين بالبحث عن ممرات إلى ألمانيا من خلال دول أوروبية أخرى. ومنطقة البلقان الغربية واحدة منها والتي يبدو أنها تتحوّل مصفاة للاجئين كحال لبنان.

ويكشف مصدر أممي على صلة بملفّ اللاجئين أنّ حكومة مونتينيغرو (الجبل الأسود) أعدَّت خطة لمنح مأوى موقت للاجئين من سوريا والعراق. وتمّ تخصيص الأموال اللازمة للمعدات والإمدادات لترتيب إقامة مخيم للاجئين بالاضافة إلى مستشفى لتقديم العناية الصحّية لهم.

ويبدو أنّ رهان الدولة الغربية الكبرى على دول البلقان الغربية لتشكل مصفاة لهؤلاء، يحاكي الرهان على لبنان ودول الطوق حول سوريا.

وعليه بدأت الدول الاوروبية الكبرى توعز لحكومات البلقان الغربي بتدعيم خيار بلدانها كجزء من الحلّ الموقت لمسألة اللاجئين في إنتظار عودتهم الى بلادهم، حيث الإقامة الدائمة في تلك البلاد اقلّ إغراء منها من دول كألمانيا مثلاً. فضلاً عن إمكانية توزيعهم على مناطق ذات طبيعة إسلامية قادرة على الذوبان فيها والاندماج مع مجتمعاتها انطلاقاً من المعتقد الديني، ولا تستفزّ اليمين الذي بدأ يطفو في قلب اوروبا.

ويستند المسؤول الأممي في كلامه إلى ما قالته وزيرة العمل والتأمين الاجتماعي في مونتينغيرو زوريكا كوفاسيفيتش خلال اجتماع للجنة التنفيذية الخاصة بملف اللاجئين: «إنه في حال وصول مجموعة من اللاجئين إلى حدود مونتينغرو، فإنّ العاصمة بودغوريتشا مستعدة خلال ساعتين لإقامة مخيم يتّسع لـ120 ألف مهاجر قادم من الشرق الأوسط». وأشارت إلى أنه سيكون من الأفضل «اذا احدثت الحكومة كلّ وسائل الاتصالات والكهرباء اللازمة».

وأبعد من ذلك يبدو أنّ رئيس الوزراء المونتينغري ميلو ديوكانوفيتش يسعى الى منح مأوى للاجئين على أراضي الجمهورية، مراهناً على العرض الذي قدّمه الأمين العام لحلف «الناتو» ينس ستولتنبرغ والقاضي بإنضمام مونتينغرو إلى الحلف الأطلسي.

وفي تبرير لذلك يستند مروّجو هذا العرض الى إمكانية عودة اللاجئين في بلاد البلقان الغربية الى بلادهم بعد الحلّ السياسي الذي يراهن الغرب ولو بنحو مبطن على قدرة الجانب الروسي على تحقيقه خلال سنة ونصف السنة بعدما شقّت «السوخوي» طريقها. فضلاً عن أنّ إنتشار اللاجئين في بيئة اسلامية لا تستفزّ اليمين المسيحي الاوروبي أو تُغيّر من ديموغرافية القارة العجوز.

واللاجئون من دول البلقان ليس لديهم الحقّ بالسفر وطلب المأوى في ألمانيا. وهذا ما دفع الساسة الألمان الى الطلب من قيادتهم ومن الاتحاد الأوروبي وضع ألبانيا، كوسوفو، ومونتينيغرو في القائمة الخاصة بالدول الآمنة للاجئين ما يوقف تدفقهم الى بلادهم.

من هنا يبدو أنّ الاوروبيّين قد أعدّوا خطة للتعاطي مع ملف اللاجئين الأكثر خطراً على قارتهم عبر تثبيتهم في بلدان الطوق السورية وعلى رأسها لبنان، وفي محاصرة مَن يتسرّب منهم في دول البلقان الغربي تمهيداً لعودتهم أو تثبيتهم خارج اسوار قلب القارة الاوروبية.

ويبقى السؤال: «كيف سيتصرّف قادة اوروبا وعلى رأسهم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل مع حكومة اردوغان التركية؟ وهل ستبقى مطارات تركيا وشواطئها بوابة العبور الى الغرب؟ أم سيتم ايصاد هذا الباب المُشرع»؟ وماذا عن حال لبنان ودول البلقان ومستقبلها اذا لم يأتِ الحلّ السياسي ومعه عودة اللاجئين الى بلادهم في كلٍّ من سوريا والعراق؟