IMLebanon

لبنان بين هدنة نصر الله وجولة عون

لبنان بين هدنة نصر الله وجولة عون

تغيّرات متسارعة لكسر «الستاتيكو» بعد 25 أيار!

بين تلال جبل عامل وهضابه وقراه الساكنة على المنبسطات العابقة برائحة الربيع، والخضرة التي هي ناموس استمرار الحياة، وتلّة موسى وتلال الجبة وجرود عسال الورد ويبرود، والهضاب والأودية التي تربط لبنان بسوريا عبر سلسلة جبال لبنان الشرقية، امتداداً على حمص ودمشق وأريافها وسهل البقاع الشمالي وقراه الشيعية والسنّية والمسيحية أكثر من صلة.

ولا حاجة للإشارة لماذا البحث عن هذه الصلة الآن، فلعلّ مواكب الحزن، والتوثُّب، والترقُّب، والشعور بالعزّة وأداء الواجب التي تنبثق عن تشييع الشباب العائدين من أرض المعركة إلى منازلهم وقراهم، تكشف عن أكثر من صلة في المشهد المضطرب في عموم جغرافيا لبنان وسوريا والسياسات المعمول بها في هذين البلدين التوأمين «الشقيَّين» والشقيقين أيضاً!

بعد الحفلة العسكرية التي هدأت بعض الشيء في جبال القلمون السورية، واللبنانية بهضابها وتلالها والأودية والجبال، مع إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الإنتصار على الجماعات المسلّحة، وفسحة التفاوض الجارية بدءاً من اليوم، على الإقتراحات التي طرحها العماد ميشال عون رئيس تكتل الإصلاح والتغيير للخروج من المأزق الرئاسي، وإطلاق بكركي دعوات، وربما مبادرة جديدة للإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يمكن القول بأن لبنان دخل في مرحلة من الإنتظار، تبدأ بعد عيد التحرير والمقاومة في 25 أيار الجاري، وربما لا يتجاوز تاريخها الخامس من حزيران، موعد اتخاذ القرار المناسب في ما خص تسريح أو تمديد عمل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص.

وفي المعطيات:

1- أعطت المهلة التي حدَّدها النائب عون لاتخاذ قرار نهائي في ما خصّ مصير اقتراحاته، المجال أمام فرصة من المفاوضات بين الموفدين العونيين ورؤساء الكتل النيابية لسماع آرائها في ما خصّ الإقتراحات العونية، في ظل معلومات، ليست خفية أن الإنطباع العام لدى معظم الكتل على اختلافها أن الحلول الأربعة التي قدّمها رئيس تكتل «الإصلاح والتغيير» تفتقد إلى الآليات الدستورية والقانونية، فضلاً عن أنها تشكّل سوابق لم يشهدها لبنان في تاريخه الحديث.

2- على أن المثير للإهتمام، الدعم السياسي المباشر، الذي قدّمه السيّد نصر الله لرزمة الإقتراحات العونية، من زاوية النصيحة بالتعاطي «بالجدّية اللازمة مع هذه الإقتراحات»، وذلك قبل أقل من 48 ساعة من انطلاقتها، عبر الوفود النيابية والوزارية التي شكّلت لهذه الغاية..

3- ولم يكتفِ السيّد نصر الله بإعطاء نصيحة على هذا المستوى، بل لمّح إلى أن اقتراحات مساعدة، سيطلقها، هو بدوره، في مناسبة أخرى، ربّما تكون في الخطاب الذي سيلقيه أمام الإحتفال المركزي في عيد المقاومة والتحرير،الأحد المقبل 24 الجاري.

4- في الفترة الفاصلة هذه، وفي وقت تكون الأجوبة النيابية والسياسية على اقتراحات عون، قد أخذت طريقها إلى الرابية، ومن دون أن تحدث انفراجات على الأرجح، ثمّة سحابة «هدنة عسكرية2» قد لا تطول في ما خصّ الحرب في القلمون اللبنانية، لا سيّما في جرود عرسال، حيث ترك الأمين العام لحزب الله إتخاذ القرار بإنهاء تجمعات المسلحين، الذين يشكّلون المعارضة السورية، وربّما عناصر لبنانية تعمل في صفوفها إلى القوى المسلحة اللبنانية من جيش وقوى الأمن الداخلي، بقرار تتخذه الحكومة في جلسة من جلساتها..

بين الهدنة السياسية و«الهدنة العسكرية»، بين الرابية و«حارة حريك»، يبدو أن فريق 8 آذار أخذ المبادرة لتغيير الستاتيكو القائم، منذ ما قبل انتهاء 25 أيار 2014، إلى ما بعد الذكرى الـ15 «للتحرير والمقاومة» الإثنين المقبل، إمّا باتجاه تأزيم يسبق التسوية، أو ينضّجها، أو تأزيم يلحق البلد بسلسلة التأزيمات الممتدة من أحكام سيناء المصرية، بوجه محمد مرسي العيّاط الرئيس «الإخواني» السابق لمصر وعدد من قيادات الإخوان، إلى الرمادي في العراق، حيث عادت الحركة «الداعشية» تسيطر على الوضع الميداني، وتنفّذ إجراءات قضائية وأحكام، وكأنها الآمر الناهي، ولوقت طويل في منطقة الأنبار، بعدما كادت التطورات العسكرية هناك، توحي بأن دعماً، دولياً وأميركياً، لتمكين حكومة حيدر عبادي من السيطرة، على تلك المنطقة.. وصولاً إلى الغارة الأميركية التي استهدفت وحدة عسكرية قريبة من «داعش» في سوريا، بين قتيل ومعتقل.. إلى آخر ما يحدث بين السفن الأميركية والإيرانية، وقوات التحالف على جبهة مياه عدن الإقليمية، في إطار حرب السيطرة على اليمن، الذي كان في يوم من الأيام سعيداً..

في الوجهة هذه، وفي سياق كسر «الستاتيكوس، وبمعزل عن مناخ التحوّلات الدولية، سواء في ما خصّ أوكرانيا، أو دول البلقان، أو الدرع الصاروخي، وإعادة تعويم، يتردّد أنها مؤقتة لـ«اليورو» الأوروبي، وصولاً إلى الملف النووي الإيراني، بعد قمّة «كمب ديفيد» الأميركية – الخليجية، يتحوّل حزب الله إلى «قوة عسكرية» إقليمية، ضمن ترتيبات «الحرب الباردة» بين الولايات المتحدة والإتحاد الروسي، وتصبح إدارة الأزمة الداخلية، موكلة في ما خصّ الشريك الإسلامي في السلطة (أي السنّة) إلى العماد عون، الذي يتحرّك لفرض معادلة جديدة، في سياقات ترتيبات البيت اللبناني إن لجهة وحدة الكيان والدولة، أو لجهة «الولايات الطائفية» النافذة، لا سيّما على صعيد ولاية جبل لبنان..

إن قوة حزب الله العسكرية التي تعمل على امتداد رقعة الأزمات العراقية من شط العرب الى بحر الشام (الأبيض المتوسط) تتحرك لإعادة رسم واقع لبنان جديد.. تضعف فيه شوكة القوة «السلفية والجهادية» المناوئة لسياسات الحزب وارتباطاته، وفي الوقت نفسه، يؤسّس لإدارة سياسية، تتحرّر من عبء الشراكة الحالية، مع وزراء صقور، لا سيّما في ضوء المعركة الدائرة حول صلاحيات المحكمة العسكرية ووظيفتها والحاجة إليها..

التقط عون الفرصة للإنتقام من العام 1990 عام إقرار اتفاق الطائف، بعد ربع قرن من عمره، وسط معمعة الخيارات والقرارات الكبيرة والصغيرة، على حدٍّ سواء، في عموم المنطقة؟!