IMLebanon

لبنان لا يقوم على حكم طائفة – مذهب.. والشراكة ضرورة إلى حين تحقّق العلمانية

 

لبنان لا يقوم على حكم طائفة – مذهب.. والشراكة ضرورة إلى حين تحقّق العلمانية

الأساطير عن باسيل من بشير إلى لقاء نصر الله إلى تسويقه أميركياً للرئاسة

 

 

تتناثر في الآونة الأخيرة محاولات سياسية – إعلامية متآلفة لسبر أغوار جبران باسيل، في سعي الى الوقوف على طرق تفكّره والآليات السياسية التي يعتمدها في صوغ مواقفه، وإستطراداً مواقف التيار الوطني الحر الذي يرأس.

يكاد الرجل يتحوّل حديثاً يومياً في وسائل الإعلام. ربما السبب ديناميته الفوّارة التي لم تألف لها بعض الطبقتين السياسية والإعلامية، وهما إعتادتا الخمول السياسي والكسل الفكري والتسليم بمشيئات المؤثّرين و«الأبواب العالية» كأنها قدر محتوم لتبرير ذلك الخمول والكسل والفشل.

في كل عرس له قرص، تماماً كما يروي هو -ضاحكاً- عما يحصل معه في البترون وقراها، حيث يندر ألأ يُنسب له إنجاز مشروع إنمائي حتى لو لم تكن له فيه يد.

ليس العيب في المحاولات أو التحليلات الكثيرة التي تعتقد أو تبغي سبر هذه الأغوار، إنما في أن غالبيتها العظمى تشطّ عن الحقيقة والمنطق، وتتوسّل إدعاء المعرفة. هي تفتقد عنصراً رئيساً: إفتقار المحاوِل والمحلِّل الى القدر المقبول من المعرفة الشخصية بباسيل وطرق تفكّره (أحد المخضرمين يكتب عنه وفيه وعليه مع أنه لم يلتقِه يوماً!). مع ذلك يستغرق هؤلاء في مشاهداتهم (الوهمية) عن الرجل. يأوّلونه ما لم يقل أو حتى يفتكر. يذهبون خارج مساحات المنطق في تحليل أدنى حركة أو موقف. ومشهدية لوحة الجلاء السوري المثال الأحدث عن هذا السلوك التحليلي  – الخيالي.

لم يلمس يوماً عارفو جبران باسيل أنه، على سبيل المثال، يتمثّل بشخصية بشير الجميل. هو لم يقتبس يوماً من خطبه. لم يلهج يوماً بعباراته أو فكره. لم يمشِ يوماً مشيته (السياسية – العسكرية)، أو يرتدِ بزّته المرقّطة ونظّاراته السوداء الشهيرة. مع ذلك، ثمة من يصوّره على أنه النسخة المحدّثة من بشير، وصولاً حتى وصفه بأنه أكثر دهاءً ومكراً.

يأخذ المنتقدون عليه طموحه. لكن متى كان الطموح عيباً؟

غير أن كل ذاك الشطط والتأويل والتنحيل والتخيّل يبقى أمراً مقبولاً، حتى لو كان غير مهنيّ ينهل من مُعين الفايك نيوز، درّة عصر الـ Information Revolution (من المفيد في هذا السياق لهؤلاء الإطلاع على مقال ماكس بوت في واشنطن بوست بعنوان «الديمقراطية في أزمة في كل العالم، لماذا؟»)، إذا ما قورن بمحاولات الأذية التي يقوم عليها، ربطاً بمكسب أو منصب أو نيابة، بعض ممن عرفوا جبران باسيل، ثم إنقبلوا فإبتعدوا وهشّموا وتعمّدوا إفتعال الأحداث وإبتداعها إستجلاباً للأذية ورغبة في التسبب بها.

مِن هؤلاء مَن يخوض على الرجل حرباً لا هوادة فيها، محورها علاقته مع حزب الله، متوسلاً الإختلاق.

من بين ما إبتُدع، رواية الخيال عن لقائه الأخير مع السيد حسن نصر الله، الذي وصفه هؤلاء بـ «الأقسى»، رغم أن أياً من الرجلين لم يتشارك مضمون اللقاء أو يعمّمه، الأمر الذي ينسحب غالباً على لقاءاتهما.

ومِن هؤلاء، أيضاً، من يتصيّد في هذه العلاقة (بغية الإثارة والإستهداف) من بوابة الإنتخابات الرئاسية، فيذهب الى إيراد رواية أسطورية، مفادها بأن باسيل «شكّل فريق عمل مهمّته التسويق لترشيحه لدى مراكز القرار في واشنطن، ويضمّ في جانب منه ضباطاً متقاعدين»، وأن «الدوائر الأميركية تساءلت عن سبب استعجال باسيل»، وهو ما ينفيه المقربون من وزير الخارجية نفياً قاطعاً، وينقلون عنه الإكتفاء بعبارة «تفنيص بتفنيص».

لا يبحث باسيل الذي يُنتقد أيضاً لـ «إبتداعه نظرية الأقوياء في طوائفهم»، عن جاه مذهبي وهو الذي بات يرأس أكبر كتلة في مجلس النواب والحزب الأوسع إنتشاراً، سياسياً وديمغرافياً في لبنان. جُلّ ما يريده أن يعترف الشركاء بأن لبنان لا يقوم على حكم طائفة – مذهب. هو يريده علمانياً صرفاً، لكن الى حين ذلك لا بد من الشراكة في الحكم، حتى لو كانت عبارة عن شراكة طائفية. تستحضره في هذا السياق عبارة العالم الماروني الكبير الأب ميشال حايك: «أوهى ما عندنا المارونية السياسية، أما أبهى ما عندنا فالمارونية الروحية».

ربما من حسن طالع جبران باسيل أن سليمان فرنجية، ومن ثمّ سمير جعجع، باحا بعد تأمّل بالمضمور طويلاً، أي بالسبب الحقيقي لكل ما يتعرّض له من حملات وحروب صمّاء. ألم يقل فرنجية بوضوح إن المعركة الرئاسية لسنة 2022 محصورة بينه وبين باسيل، وأن لا مكان لسمير جعجع فيها؟!