IMLebanon

مخاطر تتهدد لبنان جرّاء الخلافات الداخلية والمتغيرات في المنطقة

 

«لا بدّ من التذكير بأن «حزب الله» عطل تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الحالية لأكثر من سبعة أشهر العام الماضي تحت حجج ومسميات وواجهات عديدة»

تعطيل جلسات مجلس الوزراء أو الاستحقات المهمة تحت ذرائع وحجج مختلفة هي في أساس سياسة واسلوب «حزب الله» منذ خروج الجيش السوري من لبنان في ربيع العام 2005 بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لارغام خصومه للانصياع لمطالبه غير المحقة على الدوام أو لارهابهم ومنعهم من المطالبة بوضع سلاحه غير الشرعي تحت امرة الدولة اللبنانية.

 

هكذا سارت وتيرة تعاطي الحزب مع خصومه السياسيين منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، تارة يتم التعطيل بالاساليب السياسية وإذا فشلت يستعان بالسلاح غير الشرعي الحاضر دائماً، ليس لمواجهة إسرائيل كما يدعون، بل لترهيب الخصوم على الدوام، وهذا ما حصل في السابع من أيّار المشؤوم واحتلال وسط بيروت وتعطيل المجلس النيابي لأشهر وفي عراضة «القمصان السود»، واعاقة انتخابات رئاسة الجمهورية لأكثر من عامين متتاليين وأبلغ ما قاله عن هذا الموضوع النائب المستقيل نواف الموسوي في المجلس النيابي منذ أشهر، ولذلك فإن تعطيل الحكومة هذه المرة، ليس منفرداً عن باقي ممارسات الحزب بالتعطيل المتعمد لمسار الدولة ككل، وهو ما كشف عنه بوضوح الأمين العام للحزب حسن نصر الله مؤخراً عندما دعم مطلب حليفه النائب طلال أرسلان بإحالة احداث «قبرشمون» على المجلس العدلي واعتبر ان هذا المطلب محق وعلى مجلس الوزراء ان يناقش هذا الموضوع ويبت به لصالح حليفه بالرغم من اعتراض ورفض العديد من القوى الأخرى لهذا المطلب ودعوتهم لإيجاد حل وسطي يأخذ بعين الاعتبار مطالب وهواجس كل الأطراف دون تمييز لطرف على الآخر.

 

فهذا الموقف العلني الداعم لمطلب النائب أرسلان بخصوص إحالة الحادثة المذكورة إلى المجلس العدلي في عزّ احتدام الجدل السياسي حول الآلية القضائية الواجب اتباعها بهذا الخصوص، يؤشر إلى أمرين إثنين:

 

الأوّل، وقوف الحزب وراء تعطيل كل الجهود والوساطات المبذولة للتوصل إلى حل يرضي كل الأطراف ويضع حداً لتداعيات هذه الحادثة الأليمة، وبالتالي يتحمل الحزب مسؤولية غير مباشرة في تعطيل جلسات مجلس الوزراء وارباك الوضع السياسي العام.

 

ثانياً: محاولة الحزب استغلال تحالفاته بالسلطة مع فريق رئيس الجمهورية وغيره للانتقام من خصمه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من خلال مؤسسات السلطة الشرعية وبوسائل الضغط والترهيب التي ينتهجها للنيل من خصومه ومعارضيه السياسيين وغيرهم.

 

ولا بدّ من التذكير بأن «حزب الله» عطل تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الحالية لأكثر من سبعة أشهر العام الماضي تحت حجج ومسميات وواجهات عديدة للاستئثار بمفاصل هذه الحكومة، تارة عبر حليفه الوزير جبران باسيل وتارة أخرى تحت عنوان تمثيل نواب السنة المستقلين وما إلى ما هنالك من ذرائع مستحدثة إمعاناً بتقطيع أواصر الحكومة والهيمنة على قراراتها وسياساتها الداخلية والخارجية، بالرغم من حاجة لبنان الملحة والضرورية يومذاك لقيام الحكومة بالسرعة اللازمة لتتمكن من القيام بالمهمات المنوطة منها لمعالجة الأوضاع المالية وتنشيط الدورة الاقتصادية التي تهم كل اللبنانيين وتنعكس على أوضاعهم ومعيشتهم.

 

فأسلوب التعطيل المباشر وغير المباشر الذي ينتهجه «حزب الله» لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها مجلس الوزراء هذه المرة، والإمعان في سياسة تغذية الخلافات بين بعض الأحزاب والطوائف ضمن سياسة «فرق تسد»، يُؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك ان الحزب لم يبدل في ممارساته، وهذه التصرفات تزيد من التعقيدات والخصومات بين الأطراف السياسيين في الداخل وتنعكس ضرراً على انتظام عمل السلطة ونظرة الخارج إلى لبنان وعرقلة وتعطيل كل جهود ومساعي الحكومة والسلطة للنهوض العام ومقاربة المشاكل والقضايا التي تهم المواطنين وما أكثرها.

 

إزاء ما يحصل واستمرار إطالة الأزمة الحكومية الحالية تحت مسميات معالجة احداث «قبرشمون» ومثيلاتها، يبدو ان كل مصطلحات التفاهم والاتفاق أو حتى «تنظيم الخلاف» أو ما أطلق عليه «ربط الخلاف» وما شابه مع «حزب الله» تتهاوى رويداً رويداً، بالرغم من كل محاولات الحفاظ على ما تبقى منها والتغاضي عن الكثير من الاستئثارات السلطوية والتسلطية من أكثر من جهة حزبية وغيرها في حين ان المتغيّرات المتسارعة و«الصفقات» التي تحضّر للمنطقة والاقليم عموماً، توجب أكثر من أي وقت مضى التنبه وأخذها على محمل الجد وبكثير من الاهتمام وبالحد المقبول من التضامن وتحديد الحصص، قبل فوات الأوان، لئلا يدفع اللبنانيون ثمناً باهظاً للتسويات وعندها لا ينفع الطمع ولا الندم