IMLebanon

عويصة مسيو لودريان

 

عويصة هي المسألة اللبنانية، وأكثر مما تتصور مسيو جان إيف لودريان. وحلُّها يحتاج إلى تخصص عميق وميداني في علم الجيوبوليتيك العبثي القذر. وهو يحتاج سنوات وسنوات من التمحص والتحليل والمقارنات والمقاربات لفهم بهلوانيات الإجتهادات والفتاوى الدستورية التي يبهرنا بها قادة تفوقوا على بونابرت وديغول ومن لف لفهما.

 

فجميع القادة اللبنانيين الذين تلوِّح لهم بالعصا لا تهمهم العقوبات أو البهدلة. فطموحهم يمنحهم مناعة تبيد فيروسات الضمير. وشهيتهم تبتلع حتى جثث الضحايا الذين سقطوا على مذبح شهوتهم للسلطة، واستعدادهم خصب لبيع كل ما في البلد إلى من يؤمن لهم الإستمرار في نهبنا.

 

ولن يحول دون نومهم على حرير مفاسدهم وتهديدهم بمنعهم من الدخول إلى الأراضي الفرنسية ما دامت خيرات البلد في جيبهم وأرض الله واسعة…

 

ولن يهز شعرة في رؤوسهم الإعلان عن الإمتعاض وخيبة الأمل بعد تشاطرهم الممتاز للإلتفاف على إلتزاماتهم التي سبق وتعهدوا بتنفيذها أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتنفيذ خريطة الطريق التي حسب أنه رسمها لإنقاذ لبنان.

 

على فكرة، تأخرت كثيراً مسيو لودريان لتكتشف أن من تتعاون معهم لإنقاذ لبنان هم أصل البلاء. فقد هتف اللبنانيون في 17 تشرين 2019 “كلن يعني كلن”، وها أنت اليوم تقول ان “جميع القادة اللبنانيين لم يلتزموا بتعهداتهم التي قطعوها أمام ماكرون”.

 

وهؤلاء القادة لن يرتجفوا لقولك ان “العقوبات التي أعلنت ليست الا بداية الطريق في مسار عقوبات متشددة”، أو أنك ستحرك المجتمع الدولي في الأيام المقبلة، وتبتكر “رسالة حاسمة من أجل الضغط لوقف التعطيل في المسار السياسي بلبنان”، أو لجهة “تجييش المجتمع الدولي من أجل الضغط لاجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها”.

 

وبالتأكيد مسيو لودريان لا أنت ولا رئيسك ماكرون تجيدان التهديد والوعيد. لا سيما بعد تنازلاتكما عن السقف العالي لحكومة مهمة من إختصاصيين، إن لجهة تقديم وزارة المالية الى الثنائي الشيعي، أو لجهة إعتبار المنظومة الحالية شرعية لأن الشعب إنتخبها.

 

مسيو لودريان، جنابك تتعامل مع منظومة كل من فيها ينتمي إلى مدرسة “ألف قلبة ولا غلبة”. على فكرة هم طبقة ومنظومة وليسوا قادة إلا بإتجاه الخراب.

 

وقبل غوصك في المستنقع اللبناني، كان عليك توسيع دائرة ثقافتك السياسية، لتفهم أبعاد الديموقراطية التوافقية والأكثرية العددية، فهما لا تشبهان العلمانية الديموقراطية لا من قريب ولا من بعيد. وليس في تاريخ فرنسا السياسي والأمني ما يشبه اليوم المجيد في 7 أيار وإتفاق الدوحة الذي نتج عنه. كما أن جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على الجمهورية الفرنسية لم يتباهوا بقدرتهم على تعطيل تشكيل حكومة لعيون الصهر.

 

ماذا تعرف مسيو لودريان عن حسابات الدكنجي في بازار الزبائنية الغالبة على أهل المنظومة؟

 

ماذا تعرف عن البراعة في تشويه صورة لبنان برمان ملغوم بالكبتاغون أنتجته وحدة المسار والمصير، واستدعى زيارة وفد سعودي الى سوريا لبحث وسائل التعاون بغية ضبط المافيات اللبنانية التي تستغل الحدود ولحماية المملكة من المتربصين بشبابها وأمنها؟

 

عويصة مسيو لودريان، عويصة أكثر مما تتخيل. فلا عصاك تعلِّم على خواصر أهل المنظومة ولا جزرتك تملأ بطونهم.